الاثنين، 10 أغسطس 2015

درر الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله (10)




درر الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله (10)


﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله، والصلاة والسلام على خير المرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:



فهذه الدرة العاشرة من درر الشيخ عليٍّ الطنطاويِّ رحمه الله، والمنتقاة من كتابه الماتع "فصول اجتماعية"، فقال رحمه الله:



1 - إذا أردنا أن نَحفَظَ أوقاتَنا، وأن نُصلِح عاداتنا، وأن نوفِّر أموالنا، وأن نُريح عيالَنا، فلنرجع إلى آداب الإسلام في الزيارة لا إلى عادات الجاهلية[1].

2 - الهدايا إن كانت عن طيب قلبٍ، ولم يكن فيها تضييقٌ على المُهدي، قوَّت الصداقةَ، وأكَّدت الود[2].

3 - لماذا تكونُ هدايانا من الكَماليات التي لا يُحتاج إليها؟ إن الهديةَ دَيْنٌ عليك قضاؤه، ومن أهدى إليك اليوم، وجب عليك أن تُهدِيَ إليه غدًا، فإذا جاءك بما تحتاج إليه وفَّر عليك ثمنَه، أما إن جاءك بهذه الترَّهات التي لا تَنفَعُ ولا تفيد، ولا ضرورة إليها، لم يُوفِّر عليك شيئًا[3].

4 - قِيَمُ الأشياء ليست بأثمانها، وربما كان الغالي الثمن هو القليلَ القيمة، وربما كان القيِّم هو الرخيصَ، ما هو أغلى شيء في الدنيا؟ الألماس؟ الجوهر؟ ما قيمتُه؟ إن الإنسان يستطيع أن يعيش أحسنَ عيشةً بلا ألماس، ولكنه لا يستطيع أن يعيش دقيقة بلا هواء، والهواء بلا ثمن، يليه الماء، والماء ما له ثمن، وموجود في أكثر الأمكنة، يليه الخبز، وثمنه رخيص، وهو كثير.

فالثمن غير القيمة، وقيمة الهدايا ليست بأثمانها، بل بتقدير المُهدَى إليه لها.

المُولَعُ بالفن يُفضِّل لوحة رسام معروف عن سجادة بأضعاف ثمنها، والصياد يفضل بندقيَّة صيد نادرة عن خاتم بأضعاف ثمنها، والمرأة تُفضِّلُ الخاتم الجميل على نسخة مخطوطة من كتاب نادر. (باختصار).

5 - مَن كان عنده فرحٌ، فلا يَحسَبْ أن الدنيا له وحده؛ فيجعل أهلَ الحارة كلَّهم في كدرٍ وترح من أجل هذا الفرح.

6 - إن الصحافةَ لسانُ الشعب، تعلنُ شكاوِيه، وتدفَعُ المظالم عنه، وتَكشِفُ كُرُبَه، وتصف آلامه[4].

7 - التقسيط نقمةٌ لا نعمة.

8 - الصديقُ الذي يزورك يريدك أنت، لا يريد الكرسيَّ ولا الثريا، والذي يزور الكرسيَّ والثريا لا يريدك أنت، فلا ينبغي أن تريدَه.

9 - أكبر نصيحة للناس عامة، وللنساء خاصة، هي: أنه لا يجوزُ لإنسان أن يشتريَ ما لا يحتاج إليه مهما كان رخيصًا، ويجب عليه أن يشتريَ الشيء الضروري ولو كان غاليًا.

10 - العاقل مَن اعتبر بغيره قبل أن يصير هو عبرةً للناس.

11 - العزمُ ليس عقدَ النية فقط، بل اتخاذ الأسباب.

12 - أُقرِّرُ أمرَيْنِ عرفتُهما من التجربة، لا أدري ماذا يقول فيهما علماءُ النفس، ولكني أدري أن علم النفس ما هو إلاَّ مجموعة تجارب:
الأول: أن العادات يمكن تبديلُها مهما تمكَّنت من الإنسان.
والثاني: أن كلَّ عمل تعمله يكون - إذا واظبت عليه - بدايةَ عادة جديدة.

13 - فليَنظُرْ كلُّ واحد منكم إلى عاداته، فما كان منها سيئًا فليَعمَلْ على تبديله، والصعوبة في التبديل هي في البداية فقط، ثم يسهل الأمر وتخضع النفس[5].

14 - العادة تَثبُتُ بمرَّة، فيكفي أن تصنعَ الشيء مرةً واحدة؛ ليكون لك عادة.

15 - إن في هذه الكتب الصفراء التي انصرف الشباب عنها ذخائرَ من العلوم[6]، ولكنَّا تعوَّدنا ألا نقيم لقولٍ وزنًا إلا إذا قالَه عالمٌ أوربي أو أمريكي.

16 - لا يقولَنَّ أحدٌ: (هذه عادتي لا أستطيع تبديلها)؛ فإنك إن تركت هذه العادة مرة، واتخذت غيرها، تبدَّلَتْ عادتُك.

17 - سلاح النساء (هو البكاء).

18 - إن سلوك الإنسان مجموعة عادات: عادات في الأكل وفي الشرب، وفي المشي وفي اللبس، وفي أسلوب مخاطبة الناس... بها يكون الإنسان محبوبًا، أو يكون مكروهًا، وبها يكون موقَّرًا محترمًا، أو يكون مزدرى محتقَرًا، وربما يكون هذا الحبُّ وهذا الكره، وهذا التوقير وهذا التحقير - لعادةٍ تافهة لا يأبه صاحبها لها، ولا ينتبه إليها.

19 - إن العاقلَ هو الذي يعتبر نفسه دائمًا كالتلميذ في المدرسة، يسعى كلَّ يوم ليتعلَّم شيئًا جديدًا، ثم يعمل بكل خير يتعلمه.









[1] لأن الإسلام يشمل جميع شؤون الحياة، فما من سلوك حسَن عرفتْه البشرية إلا وهو قطرة في بحر الآداب الإسلامية.
[2] قال صلى الله عليه وسلم: ((تَهادَوْا تَحابُّوا)).
[3] لذا من الأفضل أن يُنظَر في حاجة المُهدى إليه، فيعطيه هدية تناسب حاجته.
[4] هذا هو الأصل فيها، لكن في زمننا أصبحت كثيرٌ من الصحف شرُّها أكثر من خيرها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأصلح الله القائمين عليها!
[5] قال صلى الله عليه وسلم: ((احرص على ما يَنفَعُك، واستعن بالله ولا تَعجِزْ))، فمن العجز الاستسلام للعادات السيئة، والاستشهاد ببعض الأقوال كقولهم: "مَن شبَّ على شيء شاب عليه" أو: "نزع جبل أهونُ من تغيير عادة".
[6] أي: كتب المتقدمين من السلف الصالح رحمهم الله، فأصبحنا نستقي من الغرب علومَ التربية والفكر والسلوك وكافة العلوم الإنسانية، مع أنه فيما كتب أسلافنا رحمهم الله ما يفي بالغرض، ويُغني عن غيره.

منقول 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق