الأربعاء، 27 يونيو 2012

بداية الثلث الأخير من الليل ونهايته

بداية الثلث الأخير من الليل ونهايته
للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
 
ورد في الحديث: ((ينزل الله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل)) الحديث، متى يبدأ الثلث الأخير ومتى ينتهي؟

قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإثبات النزول وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له . . )).
وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات صفة النزول على الوجه الذي يليق بالله سبحانه لا يشابه خلقه في شيء من صفاته كما قال سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
[1]، وقال عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[2]، فالواجب عند أهل السنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل مع الإيمان بها واعتقاد أن ما دلت عليه حق ليس في شيء منها تشبيه لله بخلقه ولا تكييف لصفته بل القول عندهم في الصفات كالقول في الذات، فيما يثبت أهل السنة والجماعة ذاته سبحانه بلا كيف ولا تمثيل فهكذا صفاته يجب إثباتها بلا كيف ولا تمثيل ، والنزول في كل بلاد بحسبها؛ لأن نزول الله سبحانه لا يشبه نزول خلقه وهو سبحانه يوصف بالنزول في الثلث الأخير من الليل في جميع أنحاء العالم على الوجه الذي يليق بجلاله سبحانه، ولا يعلم كيفية نزوله إلا هو، كما لا يعلم كيفية ذاته إلا هو عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[3]، وقال عز وجل: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[4]، وأول الثلث وآخره يعرف في كل زمان بحسبه فإذا كان الليل تسع ساعات كان أول وقت النزول أول الساعة السابعة إلى طلوع الفجر، وإذا كان الليل اثنتي عشرة ساعة كان أول الثلث الأخير أول الساعة التاسعة إلى طلوع الفجر وهكذا بحسب طول الليل وقصره في كل مكان. والله ولي التوفيق.

[1] سورة الإخلاص كاملة.
[2] سورة الشورى الآية 11.
[3] سورة الشورى الآية 11.
[4]
سورة النور الآية 31.
مجلة الدعوة العدد 1138 في 2/9/1408هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع
 
 
 
منـــــــــــــــــــــــــــقول

الاثنين، 25 يونيو 2012

ست نقاط مهمة في شهر شعبان .الشيخ محمد بن صالح العثيمين

بسم الله الرحمن الرحيم

ست نقاط مهمة في شهر شعبان - الشيخ محمد بن صالح العثيمين


أما بعدُ أيُّها المسلمون فإننا في شهر شعبان وسنتكلمُ حوله في نقاطٍ ست؛ لنُبيِّنَ فيها ما يجب علينا بيانه، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم علمًا نافعًا وعملاً صالحًا.


الأول؛ بل النقطة الأولى:
صيام شعبان:

فهل يتميز شعبان بصيامٍ عن غيره من الشهور؟
الجواب: نعم؛ فلقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يُكثر من الصيام فيه حتى كان يصومه إلا قليلاً؛ وعلى هذا فمن السُنَّة أن يُكثر الإنسان الصيام في شهر شعبان إقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.


النقطة الثانية:
صيام نصفه؛ أي: صيام يوم النصف بخصوصه؛ فهذا قد وردت فيه أحاديث ضعيفه لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يُعمل بها؛ لأن كل شيء لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد به لله؛ وعلى هذا فلا يُصام يوم النصف من شعبان بخصوصه؛ لأن ذلك لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ ومالم يرد فإنه بدعة.


النقطة الثالثة:
فضل ليلة النصف منه.
وهذا أيضًا فيه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى هذا فليلة النصف من شعبان كليلة النصف من رجب أو من ربيع أو من جمادى أو من غيرهن من الشهور لا تمتاز هذه الليلة – أعني ليلة النصف من شعبان- بشيء؛ بل هي كغيرها من الليالي؛ لأن الأحاديث الواردة في هذا ضعيفة.


النقطة الرابعة:
تخصيصها بقيام؛ وهذا أيضًا بدعة؛ أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يخصص تلك الليلة بقيام؛ بل هي كغيرها من الليالي إن كان الإنسان قد اعتاد أن يقوم الليل؛ فليقم تلك الليلة أسوةً بغيرها من الليالي، وإن كان ليس من عادته أنه يقوم الليل؛ فإنه لا يخصص ليلة النصف من شعبان بقيام؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأبعد من ذلك أن بعض الناس يخصصها بقيام ركعات معدودة لم ترد عن عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ إذًا لا نخصص ليليتها بقيام.


النقطة الخامسة:
هل يكون تقدير القضاء في هذه الليلة؛ بمعنى: هل يُقدّر في تلك الليلة بما يكون في تلك السنة؟
والجواب: لا؛ ليست ليلة القدر؛ ليلة القدر في رمضان؛ قال الله تعالى: [إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ]؛
أي: القرآن، [ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) ] القدر: [1- 3]
وقال الله تعالى: [شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ] [البقرة: 185]
وعلى هذا فتكون ليلة القدر في رمضان؛ لأنها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن، والقرآن نزل في شهر رمضان؛ فيتيعين أن تكون ليلة القدر في رمضان لا في غيره من الشهور، ومن ذلك: ليلة النصف من شعبان؛ فإنها ليست ليلة القدر، ولا يقدر فيها شيءٌ مما يكون في تلك السنة؛ بل هي كغيرها من الليالي.


النقطة السادسة:
صنع الطعام يوم النصف؛ فإن بعض الناس يصنع طعامًا في يوم النصف من شعبان؛ ليوزعه على الفقراء ويقول: هذا عشا الأم، هذا عشا الأب، أو هذا عشا الوالدين؛ وهذا أيضًا بدعة؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم.


فهذه ست نقاط أحصيتها؛ ولعل هناك أشياء أخرى لا أدري عنها، ووجب عليّ أن أُبيِّنَها لكم، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن ينشرون السنة وينذرون عن البدعة، وأن يجعلنا وإياكم هداةً مهتدين، وأن يحعلنا وإياكم ممن يقتدون ويهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
** ** ** ** ** **

نقلا من موقع فتاوى العلماء

الجمعة، 15 يونيو 2012

إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ


الســـلام علــيكم ورحمــة وبــركــاته
قـال تعالــى(إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)



19-رجب-1433هـ 8-يونيو-2012
كتبه فضيلة الشيخ الدكتور / ياسر برهامي*
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فتضطرب قلوب أكثر الخَلْق عند توقعهم وتفكيرهم في أمر معين يخافون ضرره، ويرجون خيره، وربما ظن البعض أن حصول ما يكرهون فيه نهاية العالم بالنسبة لهم أو فيه ضياع أملهم، ومشروع حياتهم!
ويبقى الصادقون في هذه الظروف في حالة مختلفة تمامًا عن هؤلاء، فحين أتى الأحزاب قال المنافقون: (مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا) (الأحزاب:12)، وقال المؤمنون: (هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) (الأحزاب:22).
ولما قال فرعون: (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (الأعراف:127)، قال موسى -عليه السلام- لقومه: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (الأعراف:128)، في حين كان قومه لا يفكرون إلا في أن مصيرهم في المستقبل ربما يكون كالماضي، فقالوا: (أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (الأعراف:129).
وعندما كان أبناء يعقوب -عليه السلام- ليس لهم فكر إلا في المصائب التي حلت بهم بعد أخذ أخيهم "بنيامين" أسيرًا -فيما يظنون- كان يعقوب -عليه السلام- مع حزنه وبثه وشكواه إلى الله يمتلأ قلبه بالرجاء، يعلم من الله ما لا يعلمون،
فقال لهم: (
يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ
إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
) (يوسف:87).

وكل هذا السكون والطمأنينة والرجاء نابع من ذكر الله، ومعرفة أسمائه وصفاته: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28).
ولو تأملنا كل المواقف السابقة لوجدناها كانت في جو مِن الصراع السياسي أو الشخصي، فلا ينبغي لنا ونحن في خِضَمّ مشهد سياسي مضطرب يحار فيه الحليم ويضطرب فيه الساكن، وتختلف وجهات النظر حتى لربما تفرق المجتمِع، واجتمع المفترق في أيام، بل في لحظات - لا ينبغي لنا أن نهمل الفوائد العظيمة من هذه الآيات، بل نحتاج أن نأخذ منها منهجًا لعملنا، وقوة لقلوبنا وعزائمنا، وثقة بوعد الله لنا لنصرة دينه وليس نصرة أنفسنا، ونلتزم بما شرع الله لنا دون بغي أو ظلم، ودون اعتداء أو معصية؛ فهذه سبب الإخفاقات والفشل.
فعلينا إذن أن نوقن بأن المُلك لله وحده يؤتيه من يشاء، يقلِّب قلوب العباد كيف يشاء، وأنه الآخذ بنواصيهم، ونوقن بأن الأرض ملكًا له يورثها مَن يشاء مِن عباده، فعلينا أن نحقق العبودية له، ونسعى بنشرها في الأرض -كما أمرنا-، وأن ننطلق في عملنا بكل قوة متحسسين الخير راجين التوفيق، وألا نيأس من روح الله مهما وجدنا من عقبات أو حصل لنا مما نكره؛ فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا.
والطريق ما زال طويلاً، وتهيئة المجتمع للمشروع الإسلامي لا زالت تحتاج لجهد هائل وعمل صالح، ودعوة صادقة، وسلوك وخلق قويم في التعامل مع الناس؛ نكسب به ثقتهم ونستميل قلوبهم للحق -بإذن الله-... ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء.
فإن اختيارنا لترشيح د."محمد مرسي" ودعمه لهو نابع
من مبادئنا مِن نصرة للمشروع الإسلامي.

وأمر الرئاسة خطوة على الطريق... ليست نهايته قطعًا، والحق قادم، والدعوة على الحق مستمرة مهما كانت الظروف والنتائج.
فلنستعن بالله ولنحرص على ما ينفعنا ولا نعجز، والله حسبنا ونعم الوكيل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت بجريدة "الفتح" الجمعة 18 رجب 1433هـ - 8 يونيو 2012م.


منقــــــــــــول

شبــكة طــريق الســلف

الأربعاء، 6 يونيو 2012

حكم الإقامـة في بـلاد الكفـار .


حكم الإقامـة في بـلاد الكفـار



 
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن حكم الإقامة في بلاد الكفار

فأجاب بقوله : الإقامة في بلاد الكفار خطر عظيم على دين المسلم ، وأخلاقه ، وسلوكه ، وآدابه وقد شاهدنا وغيرنا انحراف كثير ممن أقاموا هناك فرجعوا بغير ما ذهبوا به ، رجعوا فُسّاقـًا ، وبعضهم رجع مرتدًا عن دينه وكافرًا به وبسائر الأديان ـ والعياذ بالله ـ حتى صاروا إلى الجحود المطلق والاستهزاء بالدين وأهله السابقين منهم واللاحقين ، ولهذا كان ينبغي بل يتعين التحفظ من ذلك ووضع الشروط التي تمنع من الهويّ في تلك المهالك .
فالإقامة في بلاد الكفر لابد فيها من شرطين أساسين :
الشرط الأول : أمن المقيم على دينه بحيث يكون عنده من العلم والإيمان ، وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ وأن يكون مضمرًالعداوة الكافرين وبغضهم مبتعدًا عن موالاتهم ومحبتهم ، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان قال الله ـ تعالى ـ : ( لا تجد قومـًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يُوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم )(المجادلة/22) .
وقال ـ تعالى ـ : ( يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين )(المائدة/51 ـ 52 ) .
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ أن من أحب قومـًا فهومنهم ، وأن المرء مع من أحب ] .
ومحبة أعداء الله عن أعظم ما يكون خطرًا على المسلم لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم ، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ من أحب قومـًا فهو منهم ] .
الشرط الثاني : أن يتمكن من إظهار دينه بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع ، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة ، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين ، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ ، قال في المغني صـ457 جـ8 في الكلام على أقسام الناس في الهجرة : أحدها من تجب عليه وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى : ( إن الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا )(النساء/97) .
وهذا وعيد شديد يدل على الواجب ، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه ، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . أ . هـ
وبعد تمام هذين الشرطين الأساسين تنقسم الإقامة في دار الكفر إلى أقسام :
القسم الأول : أن يقيم الدعوة إلى الإسلام والترغيب فيه فهذا نوع من الجهاد فهي فرض كفاية على من قدر عليها ، بشرط أن تتحقق الدعوة وأن لا يوجد من يمنع منها أو من الاستجابة إليها ، لأن الدعوة إلى الإسلام من واجبات الدين وهي طريقة المرسلين وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه في كل زمان ومكان فقال صلى الله عليه وسلم : [ بغلوا عني ولو آية ] .
القسم الثاني : أن يقيم لدراسة أحوال الكافرين والتعرف على ما هم عليه من فساد العقيدة ، وبطلان التعبد ، وانحلال الأخلاق ، وفوضوية السلوك ؛ ليحذّر الناس من الاغترار بهم ، ويبيّن للمعجبين بهم حقيقة حالهم ، وهذه الإقامة نوع من الجهاد أيضًا لما يترتب عليها من التحذير من الكفر وأهله المتضمن للترغيب في الإسلام وهديه ،لأن فساد الكفر دليل على صلاح الإسلام ، كما قيل : وبضدها تتبين الأشياء ؛ لكن لابد من شرط أن يتحقق مراده بدون مفسدة أعظم منه ، فإن لم يتحقق مراده بأن منع من نشر ما هم عليه والتحذير منه فلا فائدة من إقامته ، وإن تحقق مراده مع مفسدة أعظم مثل أن يقابلوا فعله بسب الإسلام ورسوله الإسلام وأئمة الإسلام وجب الكف لقوله تعالى : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم كذلك زينـا لكل أمةٍ عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )(الأنعام/108) ، ويشبه هذا أن يقيم في بلاد الكفر ليكون عينا للمسلمين ؛ ليعرف ما يدبروه للمسلمين من المكايد فيحذرهم المسلمون ، كما أرسل النبي صلىالله عليه وسلم ، حذيفة بن اليمان إلى المشركين في غزوة الخندق ليعرف خبرهم .
القسم الثالث : أن يقيم لحاجة الدولة المسلمة وتنظيم علاقاتهم مع دولة الكفر كموظفي السفارات فحكمها حكم ما أقام من أجله ، فالملحق الثقافي مثلاً يقيم ليرعى شؤون الطلبة ويراقبهم ويحملهم على التزام دين الإسلام وأخلاقه وآدابه ، فيحصل بإقامته مصلحة كبيرة ويندريء به شر كبير .
القسم الرابع : أن يقيم لحاجة خاصة مباحة كالتجارة والعلاج فتباح الأقامة بقدر الحاجة ، وقد نص أهل العلم رحمهم الله على جواز دخول بلاد الكفار للتجارة وأثروا ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم .
القسم الخامس : أن يقيم للدارسة وهي من جنس ما قبلها إقامة لحاجة لكنها أخطر منها وأشد فتكـًا بدين المقيم وأخلاقه ، فإن الطالب يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة معلميه ، فيحصل من ذلك تعظيمهم والاقتناع بآرائهم وأفكارهم وسلوكهم فيقلدهم إلا من شاء الله عصمته وهم قليل ، ثم إن الطالب يشعر بحاجته إلى معلمه فيؤدي ذلك إلى التودد إليه ومداهنته فيما هو عليه من الانحراف والضلال ، والطالب في مقر تعلمه له زملاء يتخذ منهم أصدقاء يحبهم ويتولاهم ويكتسب منهم ، ومن أجل خطر هذا القسم وجب التحفظ فيه أكثر مما قبله فيشترط فيه بالإضافة إلى الشرطين الأساسيين شروط :
الشرط الأول : أن يكون الطالب على مستوى كبير من النضوج العقلي الذي يميز به بين النافع والضار وينظر به إلى المستقبل البعيد ، فأما بعث الأحداث " صغار السن " وذوي العقول الصغيرة فهو خطر عظيم على دينهم ، وخلقهم ، وسلوكهم ، ثم هو خطر على أمتهم التي سيرجعون إليها وينفثون فيها من السموم التي نهلوها من أولئك الكفار كما شهد ويشهد به الواقع ، فإن كثيرًا من أولئك المبعوثين رجعوا بغير ما ذهبوا به ، رجعوا منحرفين في ديانتهم ، وأخلاقهم ، وسلوكهم ، وحصل عليهم وعلى مجتمعهم من الضرر في هذه الأمور ما هو معلوم مشاهد ، وما مثل بعث هؤلاء إلا كمثل تقديم النعاج للكلاب الضاربة .
الشرط الثاني : أن يكون عند الطالب من علم الشريعة ما يتمكن به من التمييز بين الحق والباطل ، ومقارعة الباطل بالحق لئلا ينخدع بما هم عليه من الباطل فيظنه حقـًا أو يلتبس عليه أو يعجز عن دفعه فيبقى حيران أو يتبع الباطل .
وفي الدعاء المأثور [ اللهم أرني الحق حقـًا وارزقني اتباعه ، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه ، ولا تجعله ملتبسـًا عليَّ فأضلّ ] .
الشرط الثالث : أن يكون عند الطالب دين يحميه ويتحصن به من الكفر والفسوق ، فضعيف الدين لا يسلم مع الإقامة هناك إلا أن يشاء الله وذلك لقوة المهاجم وضعف المقاوم ، فأسباب الكفر والفسوق هناك قوية وكثيرة متنوعة فإذا صادفت محلاً ضعيف المقاومة عملت عملها .
الشرط الرابع : أن تدعو الحاجة إلى العلم الذي أقام من أجله بأن يكون في تعلمه مصلحة للمسلمين ولا يوجد له نظير في المدارس في بلادهم ، فإن كان من فضول العلم الذي لا مصلحة فيه للمسلمين أو كان في البلاد الإسلامية من المدارس نظيره لم يجز أن يقيم في بلاد الكفر من أجله لما في الإقامة من الخطر على الدين والأخلاق ، وإيضاعة الأموال الكثيرة بدون فائدة .
القسم السادس : أن يقيم للسكن وهذا أخطر مما قبله وأعظم لما يترتب عليه من المفاسد بالاختلاط التام بأهل الكفر وشعوره بأنه مواطن ملتزم بما تقتضيه الوطنية من مودة ، وموالاة ، وتكثير لسواد الكفار ، ويتربى أهله بين أهل الكفر فيأخذون من أخلاقهم وعاداتهم ، وربما قلدوهم في العقيدة والتعبد ، ولذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله ] .
وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له وجهة من النظر فإن المساكنة تدعو إلى المشاكلة ، وعن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم ؟ قال لا تراءى نارهما ] (رواه أبو داود والترمذي ) وأكثر الرواة رووه مرسلاً عن قيس بن أبي حازم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الترمذي سمعت محمدًا ـ يعني البخاري ـ يقول الصحيح حديث قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً . أ . هـ .
وكيف تطيب نفس مؤمن أن يسكن في بلاد كفار تعلن فيها شعائر الكفر ويكون الحكم فيها لغير الله ورسوله وهو يشاهد ذلك بعينه ويسمعه بأذنيه ويرضى به ، بل ينتسب إلى تلك البلاد ويسكن فيها بأهله وأولاده ويطمئن إليها كما يطمئن إلى بلاد المسلمين مع ما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى أهله وأولاده في دينهم وأخلاقهم .
هذا ما توصلنا إليه في حكم الإقامة في بلاد الكفر نسأل الله أن يكون موافقـًا للحق والصواب .
مجموعة فتاوى ابن عثيمين  - فتوى رقم 388
نقله الدكتور أحمد نجيب
شبكة أنا المسلم
منـــــقول 
صـــيــد الفــوائد

الاثنين، 4 يونيو 2012

أقسام سمعِ الله تعالى .

بسم الله الرحمن الرحيم 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يقول العلماء - رحمهم الله -: إن السمع الذي اتصف به
ربنا عز وجل ينقسم إلى قسمين: سمع إدراك وسمع إجابة


* فسمع الإدراك معناه أن الله يسمع كل صوت خفي أو ظهر،
حتى إنه - عز وجل - يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم:
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ
يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }. قالت عائشة - رضي الله
عنها -: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت
المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تكلمه وأنا
في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عز وجل :
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } [ المجادلة : 1 ]
إلى آخر الآية
الراوي عائشةالمحدث:الوادعي - المصدر:صحيح دلائل النبوة-
الصفحة أو الرقم:355
خلاصة حكم المحدث:صحيح على شرط مسلم (6) .
والله - عز وجل - أخبر بأنه سمع كل ما جرى بين هذه المرأة
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا سمع إدراك، ثم إن
سمع الإدراك قد يُراد به بيان الإحاطة والشمول، وقد يراد به
التهديد، وقد يُراد به التأييد، فهذه ثلاثة أنواع.


الأول: يراد به بيان الإحاطة والشمول مثل هذه الآية.
الثاني: يُراد به التهديد مثل قوله تعالى:
{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ
سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ
الْحَرِيقِ }. وانظر كيف
قال: { سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا } حين وصفوا الله تعالى بالنقص ،
قبل أن يقول : { وقتلهم الأَنبياء } مما يدلّ على أن وصف
الله بالنقص أعظم من قتل الأنبياء.
الثالث: سمع يُراد به التأييد، ومنه قوله - تبارك وتعالى -
لموسى وهارون : {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى
فالمراد بالسمع هنا التأييد يعني: أسمعك وأؤيدك ، يعني
أسمع ما تقولان وما يُقال لكما.


* أما سمع الإجابة فمعناه : أن الله يستجيب لمن دعاه،
ومنه قول إبراهيم : { إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}. أي مجيب
الدعاء، ومنه قول المصلي: ( سمع الله لمن حمده )
يعني استجاب لمن حمده فأثابه، ولا أدري أنحن ندرك
معنى ما نقوله في صلاتنا أو أننا نقوله تعبداً ولا ندري
ما المعنى؟! عندما نقول: الله أكبر، تكبيرة الإحرام يعني
أن الله أكبر من كل شيء - عز وجل - ولا نحيط بذلك ؛
لأنه أعظم من أن تحيط به عقولنا، وعندما نقول: سمع الله
لمن حمده. يعني استجاب الله لمن حمده ، وليس المعنى أنه
يسمعه فقط ، لأن الله يسمع من حمده ومن لا يحمده إذا تكلم
لكن المراد أنه يستجيب لمن حمده بالثواب ، فهذا السمع يقتضي
الاستجابة لمن دعاه .



من تفسير سورة الحجرات للشيخ العلامة العثيمين رحمه الله
و جعله في عليين
http://www.ibnothaim...cle_17818.shtml

منقول




حكم تعليق الآيات القرآنية

الشيخ : عبد الرحمن بن ناصر البراك


إن آيات القرآن هي من كلام الله، كلام الله حقه التعظيم والإكرام، ولكن تعظيم القرآن واحترام القرآن يجب أن يكون مقيداً بما شرع الله، فليس كل ما يعد تعظيماً، أو ما يعده الناس تعظيماً يكون كذلك، فمن يتخذ مصحفاً كبيراً مذهباً، ويجعله زينة في المجلس أو الغرفة، فمثل هذا العمل لا أصل له، إنما تعظيم القرآن بتلاوته وتدبره، والاستماع إليه كما أمر الله في آيات كثيرة، قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]، وقال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [البقرة: 121]، {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [الأنفال: 2]، فجعل الآيات في لوحات وتعليقها في المجالس هذا من التعظيم المبتدع إن قصد به فاعله التعظيم، وإن قصد تزيين الحائط بتلك الرسوم فذلك امتهان للقرآن، حيث يجعل زينة للجدران، فما أنزله الله لذلك، إنما أنزله ليتلى ويتدبر ويعمل به، فهذه اللوحات التي ترسم وتباع ثم تعلق، أمرها دائر بين البدعة أو امتهان القرآن، وكل من الأمرين باطل، فالواجب الإنكار على من فعل ذلك ممن يخطها، أو يبيعها، أو يعلقها، نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل، وأن يرزقنا البصيرة في الدين، والله أعلم.

منقــول
طريق الإسلام

الجمعة، 1 يونيو 2012

http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/s4d06101.gif      

حكـــم الرطــوبة التي تخــرج من فــرج المــرأة      

للشيــخ محمد بن صالح العثيمين
معلوم أن المنيّ يوجب الغُسل .
والمذيّ ينقض الوضوء .
والبول ايضا من نواقض الوضوء .
لكن هناك رطوبات تخرج من قُبل المرأة لا هي بمنيّ ولا مذيّ ولا بول . وهي الرطوبات الخارجة من مخرج ( الولد ) .
 إذ قُبل المرأة له مخرجان ( مخرج الحدث - البول - ومخرج الولد المتصل بالرحم ) .
والذي يظهر أن هذه الرطوبات الخارجة من مخرج الولد ليست بنجسة ولا تنقض الوضوء ومن باب أولى أنها لا توجب الغُسل ، ولا يلزم غسل ما أصابته .
لأمور :
1 - لعدم ورود النصّ الذي يدل على نجاذة هذه الرطوبات أو نقضها للوضوء أو نجاستها .
والأصل في الأشياء الطهارة إلاّ أن يجيء دليل فينقلها عن الأصل .
وهذه القاعدة استدل بها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على طهارة المني ( أن الأصل في الأعيان الطهارة فيجب القضاء بطهارته حتى يجيئنا ما يوجب القول بأنه نجس ، وقد بحثنا ما يوجب القول بأنه نجس وقد بحثنا وسبرنا فلم نجد لذلك أصلا فعُلم أن كل ما لا يمكن الاحتراز عن ملابسته معفو عنه ) .
والرطوبة الخارجة من المرأة أعسر في الاحتراز من المنيّ .
2 - أننا نجد الصحابيات رضي الله عنهنّ سألن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصفرة والكدرة والاستحاضة والحيض ، ولم يثبت أنه سألنه عن هذه الرطوبات ، فدلّ ذلك على أن الأمر كان معلوماً عندهنّ بطهارتها ولذلك لم يسألن عنها ، وايضا لم يكنّ يحترزن من هذه الرطوبات بغسل ما أصابته من الثوب .
فقد أخرج البخاري في صحيحه باب : هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما كان لإحدانا إلاّ ثوب واحد تحيض فيه فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها فقصعته بظفرها . ) .
فلمّا لم يكن لهنّ إلا ثوب واحد وكنّ لا يغسلنه من دم الحيض دلّ على أنهن لم يكنّ يحترزن من سواه .
3 - أن تكليف المرأة بالوضوء لكل صلاة لأجل الرطوبة إن كانت مستمرة ، أو إعادة الوضوء إن كانت متقطعة فيه تكليف بما هو شاق عليها ، وتحريج عليها . والله تعالى يقول : " وما جعل عليكم في الدّين من حرج " .
والقاعدة الفقهية : المشقة تجلب التيسير .
والله المستعان .

منـــقول 
شبكة طريق الســلف



يقول ابن القيم -رحمه الله- في كتابه ( الداء والدواء ):



(النظرة : سهم مسموم من سهام إبليس، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته.

وفي غض البصر عدة منافع منها :


1- أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ " .

2- أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم -الذي لعل فيه هلاكه- إلى قلبه.

3- أنه أُنسٌ بالله وجمعٌ للقلب عليه، فإن إطلاق البصر يُفرِّق القلب ويشتته ويبعده عن الله.

4- أنه يقوِّي القلبَ ويفرحه كما أن إطلاق البصر يضعف القلب ويحزنه.

5- أنه يُكسب القلب نوراً، ولهذا ذكر الله سبحانه آية النور عقِب الأمرِ بغضِّ البصر،
فقال تعالى: (
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ....) ثم قال إثر ذلك( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ).

6- أنه يورث فِراسةً صادقة، يُميِّزُ بها بين الحق والباطل، فالله تعالى يجزي العبد على عمله بما هو من جنس العمل، فإن غضَّ بصره عن محارم الله، عوَّضهُ الله بأن يُطلق نور بصيرتِه، ويفتح عليه باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة.

7- أنه يورث القلب ثباتاً وشجاعة وقوة.

8- أنّهُ يسُدُّ على الشيطان مدخله إلى القلب،
فإنّه يدخل مع النظرة وينفُذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي.



9- أنه يُفرغ القلب للفكرة في مصالحه والإشتغال بها.

10- أنَّ بين العين والقلب منفذاً وطريقاً يمنع إنفصال أحدهما عن الآخر، وأنّه يصلُح بصلاحه، ويفسُد بفساده، فإذا فسد القلب، فسد النظر وإذا فسد النظر، فسد القلب، وكذلك في جانب الصلاح) انتهى كلامه رحمه الله


منقول
منتديات مكتبة المسجـد النبــوي

شهر رجب ليس له فضل خاص ولا يختص بشيء من الأعمال .

شهر رجب ليس له فضل خاص ولا يختص بشيء من الأعمال
خالد بن سعود البليهد

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. وبعد:
فلا شك أن رجب من الأشهر الحرم التي حرمها الله وعظمها في قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ). وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القَعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان).
وتحريم شهر رجب يقتضي عظم حرمته بين الشهور وتعظيم المعاصي فيه والسيئات في ظلم النفس وظلم الغير قال قتادة: (اعلموا أن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها وإن كان الظلم على كل حال عظيما ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء). ويقتضي أيضا تفاضل الأعمال الصالحة وتعظيم الحسنات لأن العمل يفضل في الزمان الفاضل والمكان الفاضل كما ورد في النصوص الشرعية فالطهارة والصلاة والصوم والبر والإحسان والصدقة والذكر والدعاء وسائر التطوعات يعظم فضلها وثوابها في هذا الشهر العظيم لكن هذا الفضل ثابت له ولسائر الأشهر الحرم على سبيل العموم بعموم الأدلة وليس خاصا برجب قال ابن كثير: (وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (إن عدة الشهور عند الله) الآية فلا تظلموا فيهن أنفسكم في كلهن ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما وعظم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم). ولم يرد دليل خاص يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضله خصوصا أو فضيلة عمل معين وما ورد في بعض الأعمال فضعيف عند أهل الحديث لا تقوم به حجة ولا يصح العمل به. ومن ذلك:

1-الدعاء عند دخوله:

ورد في عمل اليوم والليلة لابن السني وشعب الإيمان للبيهقي عن أنس بن مالك قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان). وهذا الدعاء شائع عند العامة ولكنه حديث منكر لا يصح ضعفه ابن رجب وابن حجر لأنه من رواية زائدة بن أبي الرقاد تكلم فيه البخاري وغيره قال أبو حاتم: (يحدث عن زياد النميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة). فعلى هذا لا يشرع الدعاء بهذا الدعاء ولا يخصص دخول رجب بشيء من الدعاء لأنه لم يرد في الشرع وما ورد في فضل الاستغفار والتهليل في رجب موضوع لا يعرف إلا عند الرافضة.

2-التبريك بدخول رجب:

اشتهر عند العامة تبادل التبريكات والتهنئة بدخول شهر رجب فترى أحدهم يستفتح حديثه بتهنئة السامعين أو يرسل تهنئة لغيره بدخول رجب ويشكر الله على هذه النعمة وهذا العمل مجرد استحسان ليس له أصل في السنة لأن الشارع لم يعتبر دخول رجب مناسبة خاصة فلا ينبغي للإنسان أن يعمل عملا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا عن أئمة الهدى المتحرين للسنة الحريصين على متابعة الشرع.

3-الاغتسال عند دخوله:

انتشر عند بعض الطوائف مشروعية الاغتسال في أول ليلة من رجب وفي ليلة النصف من رجب ويرون أن هذه من الأغسال المستحبة وهذا القول أحدثه الرافضة وليس له أصل في السنة ولا يعرف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا السلف فيما اطلعت عليه فعلى هذا لا يشرع للمسلم أن يعتقد أفضلية الغسل في رجب أو يخصه بيوم معين بالغسل وإنما يغتسل في الوقت والحال المشروع في يوم الجمعة وغيره مما ورد في السنة.

3- العمرة في رجب:

اشتهر عند العامة تخصيص رجب بعمرة ويرون لها فضلا عظيما ومزية خاصة ويوردون فيها آثارا مرجوحة فترى أحدهم يعتقد سنية عمرة رجب ويجتهد في أدائها وربما يبالغ فيها أكثر من اجتهاده وحرصه على عمرة رمضان وهذا العمل صار من شعار الجهال ولا يعرف عن أهل العلم المحققين والحق أنه لا يشرع تخصيص رجب بالعمرة لأنه لم يرد دليل في الشرع يدل عليها ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب ألبتة كما جاء في البخاري عن ابن عمر (رضي الله عنهما قال: (إن رسول الله اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب قالت (أي عائشة): يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط). ولهذا أنكر أهل العلم تخصيصه بعمرة قال ابن العطار: (ومما بلغني عن أهل مكة اعتيادهم كثرة الاعتمار في رجب وهذا مما لا أعلم له أصلاً). وأما ما ورد عن عمر رضي الله عنه وغيره من السلف أنهم كانوا يستحبون العمرة في رجب فهذا مبني على اختيارهم في نسك الحج وأن الأفضل أن تؤدى العمرة بسفر والحج في سفر مستقل واستحبابهم اجتهاد منهم وهو قوله مرجوح لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل عمرة رجب لا من فعله ولا من قوله وإنما ثبت فضل عمرة رمضان فلا يشرع تخصيص زمان بعمل لم يرد في الشرع وآثار الصحابة لا يعمل بها إذا كانت مخالفة للسنة أو لم يقع اتفاق عليها كما هو الحال في مسألتنا ومسألة متعة الحج ومسألة إتمام الصلاة في منى وغيرها مما اشتهر القول بمشروعية عمل أو إنكار عبادة عن بعض الصحابة في فترة معينة لخفاء الدليل أو الاجتهاد في عمل الخير ثم تبين في السنة خلاف ذلك القول وهذا له شواهد كثيرة في السنة. والحاصل أنه لا حرج على المسلم فعل العمرة في رجب لفراغه وغير ذلك من الأسباب لأنه عمل صالح لكن لا يعتقد خصوصيتها ومزية فضلها في رجب ولا يواظب عليها.

4-الصوم في رجب:

يستحب بعض العامة الصوم في رجب ويعتقد أن له مزية فتراه يصوم الشهر كله أو أياما معينة وهذا العمل ليس له أصل وإن استحبه طائفة من الفقهاء لأنه لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخص رجب أو بعض أيامه بصيام ولا يثبت في هذا الباب شيء. قال ابن تيمية: (وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة بل موضوعة لا يعتمد أهل العلم على شيء منها وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل بل عامتها من الموضوعات المكذوبات). وقال ابن القيم: (كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى). وورد إنكار الصحابة لهذا العمل ففي مصنف أبي شيبة قال خرشة بن الحر: (رأيت عمر يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها في الجفان ويقول كلوا فإنما هو شهر كان يعظمه أهل الجاهلية) وذكر ابن قدامة في المغني: (أن أبا بكرة رضي الله عنه دخل على أهله وعندهم سلال جدد وكيزان فقال ما هذا فقالوا رجب نصومه قال أجعلتم رجبا رمضان فأكفأ السلال وكسر الكيزان). فعلى هذا تخصيص رجب بصوم الشهر كله أو بعضه واعتقاد سنيته غير مشروع لكن لو صام بعضه المسلم لفراغه أو كانت له راتبة في الصوم على سبيل التطوع العام أو وافق صوم الأيام الشرعية كالإثنين والخميس وأيام البيض فحسن أما أن يعتقد الخصوصية في صوم يوم معين وأن له فضل خاص كيوم عاشوراء فلا يصح.

5-صلاة الرغائب:

استحب المتصوفة الجهال صلاة ثنتي عشرة ركعة في أول ليلة جمعة من رجب بين المغرب والعشاء وروا في ذلك حديثا موضوعا مختلقا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يثبت عنه وهذه البدعة أحدثت في بيت المقدس في أواخر القرن الخامس ولا تعرف عن أهل القرون المفضلة. قال ابن تيمية: (هذه الصلاة لم يصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة المسلمين ولا رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف ولا الأئمة ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها والحديث المروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك ولهذا قال المحققون إنها مكروهة غير مستحبة). وقال ابن رجب في بيان بدعيتها: (فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء). وكذلك الصلاة في ليلة النصف من رجب عمل محدث ليس له أصل في السنة.

6-الزكاة في رجب:

يظن بعض العامة أن إخراج الزكاة في شهر رجب له فضيلة خاصة فيتحرون إخراجها في هذا الشهر ولو لم يوافق انتهاء الحول تحريا لشرف رجب وكذلك يعتقدون أن الصدقة في رجب لها فضل خاص وهذا العمل منكر ليس عليه دليل في الشرع ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن العطار: (وما يفعله الناس في هذه الأزمان من إخراج زكاة أموالهم في رجب دون غيره من الأزمان لا أصل له بل حكم الشرع أنه يجب إخراج زكاة الأموال عند حولان حولها بشرطه سواء كان رجبا أو غيره). وقال ابن رجب: (وأما الزكاة فقد اعتاد أهل هذه البلاد – يعني دمشق – إخراجها في شهر رجب ولا أصل لذلك في السنة ولا عرف عن أحد من السلف). فعلى هذا ينبغي على المسلم أن لا يتحرى إخراج الزكاة في رجب ولا يتكلف موافقة هذا الشهر لكن لو وافق حوله رجب فلا حرج عليه حينئذ إخراجها فيه ولا ينبغي أن يعتقد للصدقة مزية خاصة في هذا الشهر.

7-ذبيحة العتيرة:

كان أهل الجاهلية يذبحون ذبيحة يسمونها العتيرة يتقربون بها إلى الله في رجب وقد استحبها بعض العلماء ثم جاء الإسلام ونسخها وذهب عامة الفقهاء إلى إبطالها وعدم مشروعيتها وهو الصحيح لما ثبت في صحيح مسلم في النهي عنها و ما ورد في مشروعيتها فيه مقال ولا يقوى على معارضة الصحيح ولأن هذا العمل من شعار الجاهلية والشريعة جاءت بالنهي عن التشبه بأهل الجاهلية ولهذا قال الحسن البصري: (ليس في الإسلام عتيرة إنما كانت العتيرة في الجاهلية كان أحدهم يصوم رجب ويعتر فيه). وقال ابن رجب في اللطائف: (العتيرة اختلف العلماء في حكمها في الإسلام فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا فرع ولا عتيرة). وذهب بعض القائلين باستحبابها إلى عدم نخصيصها في رجب لما ورد في السنة. فعلى هذا لا يشرع للإنسان أن يخص رجب بذبح ذبيحة وتقسيمها على الفقراء أو تخصيص يوما معينا لذلك لأنه لم يرد في السنة.

8-الاحتفال بيوم الإسراء والمعراج:

اعتاد المبتدعة على الاحتفال في ليلة السابع والعشرين في رجب على أنه اليوم الذي أسري فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم فيتباشرون ويحتفلون بالقصائد والطعام والحلوى وغير ذلك من المراسم البدعية وهذا العمل محدث ليس له أصل في السنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل به ولا أحد من أصحابه ولا أحد من السلف الصالح وقد أنكر أهل العلم هذا الاحتفال قال ابن رجب: (ويشبه الذبح في رجب اتخاذه موسما وعيدا كأكل الحلوى ونحوها). وتعيين الإسراء بهذا اليوم لا يصح من حيث النقل وقد اضطرب المؤرخون في تحديده قال ابن تيمية: (لم يقم دليل معلوم لا على شهرها ولا على عشرها ولا على عينها بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ليس فيها ما يقطع به). فلا يشرع للمسلم أن يحتفل بصيام هذا اليوم ولا بقيام ليلته ولا يقيم مناسبة دينية يجمع فيها الناس ولا يشرع له أن يهنأ أحدا ويبارك له في هذا اليوم وما انتشر عند كثير من العوام من الاعتقاد أن الاحتفال فيه سنة وقربة فباطل مخالف للشرع لا تجوز متابعتهم ولا تأييدهم عليه بل يجب الإنكار عليهم وتبيين لهم السنة لئلا تندرس معالم هذا الدين في نفوسهم.

والحاصل أن شهر رجب لم يثبت في السنة فيما أعلم تخصيصه بشيء من الأعمال ولا يثبت له فضيلة خاصة بل حكمه حكم سائر الأشهر الحرم ولا ينبغي للمؤمن أن يغتر بكلام بعض الفقهاء في هذا الباب لأن العبرة في معرفة الحق بالقول الموافق للدليل ولهذا قال ابن حجر: (لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ). وإنما أحدث فيه أهل البدع أعمالا مبتدعة فلا يخصص بعمل من الأعمال لا بصيام ولا صلاة ولا قيام ولا عمرة ولا غسل ولا صدقة ولا غيره من الأعمال ولكن من كان مواظبا على عمل معين في سائر الشهور فليواصل عمله في رجب لأنه لم يعتقد خصوصيته بشيء ومن وجد في نفسه نشاطا وإقبالا على قربة لله فليتقرب إليه من غير اعتقاد الخصوصية والسنية في هذه العبادة. وينبغي على المسلم الذي يريد الجنة الراغب في ثواب الله والنجاة من النار أن يكون متبعا للشرع ظاهرا وباطنا ولا يعظم هذا الشهر تعظيم أهل الجاهلية ولا يتعبد الله بالرأي والاستحسان من قبل نفسه لأن العبادات توقيفية لا يشرع شيء منها شيء إلا ما ثبت في الدليل وليست العبرة بكثرة العمل إنما العبرة في موافقة السنة والإخلاص. ومما يؤكد على أن شهر رجب لم يخصه الشارع بعمل معين دون غيره أنه لم يرد في الشرع موسم فاضل استحب فيه عمل دون غيره فقاعدة الشارع إذا استحب العمل في زمان جعله مشروعا في كل عمل يقرب إلى الله كرمضان وعشر ذي الحجة يشرع فيها جميع الأعمال المالية والبدنية. وتعظيم شهر رجب تعظيما بدعيا من شعار المتصوفة والرافضة الذين أحدثوا له كثيرا من الأذكار والأعمال والقرب كما هو مدون في أصولهم وجعلوا رجبا في منزلة رمضان وذي الحجة في الفضل وهذا التعظيم من رواسب الجاهلية أما الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه فلم يكونوا يحفلوا بهذا الشهر ولم يخصوه بأعمال وفضائل والله تعالى أعلم.
ونسأل الله أن يحشرنا في زمرته صلى الله عليه وسلم ويسقينا من حوضه غير مبدلين ولا مفتونين.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
2/7/1433