الخميس، 31 يناير 2013

حكم عبارة: اللهم اكلأه بعين رعايتك

 
 
حكم عبارة: اللهم اكلأه بعين رعايتك
 
 عبد الرحمن بن ناصر البراك
 
  
هل يجوز قول هذه العبارة أثناء الدعاء: "اللهم اكلأه بعين رعايتك"؟ وما معناها؟
 
قوله: اكلأه، يعني: احفظه، كما قال سبحانه وتعالى: {قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن} [الأنبياء: 42]، يعني: من يحفظكم، فهو دعاء بالحفظ، قوله: بعين رعايتك، يعني: احفظه برعايتك وعنايتك، والله سبحانه وتعالى يخص من يشاء بحفظٍ ورعاية ونظر، ومثل هذا الدعاء لا يدعى به إلا للمسلم، ولا يدعى به لكافر، ولا فاجر، فإن هذا الدعاء يدل على الحفاوة بالمدعو له، والحرص على سلامته، وأهل السنة والجماعة يثبتون لله عينين يرى بهما وينظر بهما كيف شاء سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: {تجري بأعيننا} [القمر:14]، وقال: {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا} [الطور: 48]، والآيتان تتضمنان الإخبار من الله برعايته وعنايته بعبده ورسوله نوح ومن معه، وبعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
 
 
 
طريق الإسلام
 
 


الأربعاء، 30 يناير 2013

السلام والواتس اب (WhatsApp)





السلام والواتس اب (WhatsApp)

بسم الله الرحمن الرحيم


((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)) عبارة عظيمة وجميلة ولذيذة جدًا جدًا جدًا، يشعر بها ويستمتع بها المسلم عندما ينطق بها أو يسمعها، لها وقع خاص ومميز. وكيف لا وهي التحية التي ارتضاها لنا الله ـ سبحانه ـ ورسوله الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ـ عليه الصلاة والسلام ـ : "إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه الله في الأرض، فأفشوا السلام بينكم"  (1)، وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَلَقَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ. طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا. فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولئِكَ النَّفَرِ. وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ جُلُوسٌ. فَاسْتَمِـعْ مَا يُحَيُّونَكَ. فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. قَالَ: فَذَهَبَ فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّهِ. قَالَ: فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللّهِ» (2) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا. وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ «أَفْشُوا السَّلاَمَ بَينَكُمْ»؛(3) وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أبخل الناس مَنْ بخِل بالسلام " (4) .

ولقد كان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ أحرص الناس على تحقيق ذلك الفضل واكتساب خيره، فهذا عبد الله بن عمر يمر بالسوق لا لحاجة إلا ليلقي السلام على الناس جميعًا صغيرهم قبل كبيرهم؛ رغبة في زيادة الحسنات ومحو السيئات وجلب المغفرة والرحمات ودخول أوسع الجنات.

فما أجدر المؤمن أن يعتز بهذه التحية و يعمل على نشرها في جميع المواطن والأزمان ـ مع استثناء اليهود والنصارى فلا نبدأهم بالسلام كما وجهنا لذلك المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ، وهي تحية لا تحدها وسيلة اتصال ، سواء مواجهة من تسلم عليه وجهًا لوجه، أو بالهاتف، أو وسائل الاتصال المرئية الحديثة كالإسكايبي و ماسنجر و الواتس اب، وهذا الأخير قد حظي بإقبال واسع وكبير جدًا في كل العالم، وكذلك في مجتمعنا، لما يمثله من وسيلة تواصل اجتماعي له تأثير كبير في زمننا، وقد اختلف الناس ـ كعادتهم ـ في الاستفادة منها فمنهم مَنْ أحسن ومنهم مَنْ أساء. وإن من أهم آثارها الإيجابية أن سهلت الاتصال بين الأهل والأقارب و الأصدقاء، وساهمت في زيادة الروابط الاجتماعية وعمقها، بل أصبحت وسيلة دعوية مفيدة جدًا، وما أجمل التحايا الصباحية والمسائية التي ترد لكل منا! ولكن ليت هذه التحايا تكون على نهج الإسلام والسنة النبوية، فكثيرا ما تكون العبارات المستخدمة "صباح الخير" و "مساء الخير" ويتهادى معها بطاقة جميلة بنفس المعنى و مطبوع عليها نفس التحية، وهي ـ حقًا ـ بطاقات رائعة و جميلة جدًا ولها تأثير كبير على النفس، ولكن يا ليتها سُبقت بتحية الإسلام، ولقد بحثت عن بطاقات عليها تحية الإسلام في النت فوجدتها و هي جميلة أيضًا وإن كانت قليلة مقارنة بالأخرى ، ويمكن للمبدعين و المبدعات في مجال التصميم على النت من شبابنا وشاباتنا أن يمدونا بفيض غزير من أمثلتها ويحتسبون الأجر عند الله. ويرجع أهمية هذا الأمر إذا علمنا حكم استخدام هذه العبارات، فقد ورد في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
"لا نعلم بذلك بأساً ، ويكون ذلك بعد البدء بالسلام ، وبعد الرد الشرعي إذا كان القائل بذلك مسلَّمًا عليه.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/115) .


وسئلت اللجنة الدائمة أيضًا :
عندنا في مصر عادة في الصباح أن نحيي نقول: (صباح الخير يا فلان) ما حكم هذه التحية في الإسلام؟
الجواب :
الحمد لله
"تحية الإسلام : (السلام عليكم) فإن زاد : (ورحمة الله وبركاته) فهو أفضل ، وإن دعا بعد ذلك من لقيه : (صباح الخير) مثلاً فلا حرج عليه ، أما أن يقتصر بالتحية عند اللقاء على : (صباح الخير) دون أن يقول: (السلام عليكم) فقد أساء.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/119) .


فهل نسهم في إفشاء هذه التحية الغالية في الواتس اب و غيره من وسائل الاتصال الحديثة ؟
آمل من الله أن يحقق هذا وهو ـ سبحانه وتعالى ـ جدير بالإجابة

منقـــــــول
صيد الفوائد
 
الكاتبة / هويدا فواز الفايز


(1) الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 184- خلاصة حكم المحدث: صحيح .
(2) الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6227 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
(3) الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 54 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
(4) الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1519 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
 

السبت، 26 يناير 2013

تحية الناس بلفظ التحيات


 

تحية الناس بلفظ التحيات

خالد عبد المنعم الرفاعي



كثيرًا ما نكتُب كلِمة "تَحيَّاتي" في نهاية ما نكتُبه، لكن وقع في يدي فتوى أريد أن أعرف صحَّتَها، وتوجيه كلِمة لِمن يكتُبها.
فتوى لسماحة الشيخ محمَّد بن عثيمين -رحمه الله- يُفتي فيها بعدم جواز قول: تحيَّاتي أو مع تحياتي، أو تحياتي لك؛ لأن التَّحيَّات تعريفُها شرعًا: البقاء والملك والعظمة لله، وطبعًا هذه صفاتٌ لا تُصْرف إلاَّ لله؛ ولذلك نَحن نقولُ في دبُر كلِّ صلاة في التَّشهُّد: "التحيَّات لله"، وذلك في توجيه التحيَّة لله -سبحانه وتعالى- فلا يَجوز أن نقترِن به -سبحانه- والعمل هو أن نوجِّه التحيَّة بصيغة المُفْرد، وليس بصيغة الجمع، بِمعنى أن نقول: تَحيَّتي، أو مع التحيَّة، وليس تحيَّاتي، أو مع التَّحيَّات.



الإجابة: الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالتَّحيات: جمع تَحِيَّة، وهي المُلْك، وقيل: البقاء، وقيل: العظمة، وقيل: الحياة، وإنما قيل التحيات بالجمع؛ لأن ملوك العرب كان كل واحد منهم تُحَيِّيه أصحابُه بتحية مخصوصة، فقيل: جميع تحياتهم لله تعالى، وهو المستحق لذلك حقيقةً؛ قاله النووي في "شرح مسلم"، وقال أبو العباس القرطبي في "المفهم": "والتحيَّات: جمع تحيَّة، وهي هنا السلام، وأصلُ التحية: المُلْكُ، ومنه قولهم: حيَّاك الله؛ أي: مَلَّكك الله"، وقال الحافظ في "الفتح": "قال أبو سعيد الضرير: ليست التحيةُ المُلْكَ نفسَه؛ لكنها الكلام الذي يحيا به الملك".

فالتحياتُ جمعٌ مُحَلًّى بـ"ال"، فيفيد عمومَ جميع المحامد والتَّحَايا والسلام، وهذا لا يجوز إلا لله تعالى، وهو بخلاف قولنا: تحيَّاتي، أو مع تحياتي، أو تحياتي لك؛ فإنها لا تفيد عمومًا -أي: جميع التحيات- وإنما هي تحيات خاصة بالمتكلم أو الكاتب فقط؛ ومن ثمَّ يجوز مخاطبة الخلق بها.

هذا؛ والذي فهمناه من كلام الشَّيخ العُثيمين في كتابه "الشَّرح الممتع" هو إباحة إطْلاق لفْظ تَحيَّاتي أو تحيَّاتي لك، والمنع إطلاق التَّحيَّات التي على سبيل العموم والكمال؛ فإنَّها لا تكونُ إلا لله عزَّ وجلَّ فلا يقال لأحد من الخلق: التحيَّات لك.
حيث قال فضيلة الشيخ العُثيمين رحِمه الله: "التحيَّات: جمع تحيَّة، والتحيَّة هي: التَّعظيم، فكلُّ لَفْظٍ يدلُّ على التَّعظيم فهو تحيَّة، و"الـ" مفيدة للعموم، وجُمعت لاختِلاف أنواعِها، أمَّا أفرادُها، فلا حدَّ لها، يعني: كُلّ نوع من أنواع التَّحيَّات فهو لله، واللامُ هنا لِلاستِحْقاق والاختِصاص؛ فلا يستحقُّ التَّحيَّات على الإطْلاق إلاَّ اللهُ عزَّ وجلَّ.
ولا أحد يُحَيَّا على الإطلاق إلا الله، وأمَّا إذا حَيَّا إنسانٌ إنسانًا على سبيل الخُصوص، فلا بأس به.

لو قلت مثلاً: لك تحيَّاتي، أو لك تحيَّاتُنَا، أو مع التحيَّة - فلا بأس بذلك؛ قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]؛ لكن التَّحيَّات على سبيل العموم والكَمال لا تكون إلا لِله عزَّ وجلَّ". اهـ.

أمَّا الذي أفتى بعدم الجواز، فهو: أبو طالب محمَّد بن علي الخيمي المنعوت بالمهذّب، المتوفَّى سنة 642 هـ، وقد أفتى بذلك في رسالةٍ باسم: "شرح لفظة التحيات"، ص 50، جاء فيها ما نصُّه: "فأما لفظ التحيَّات مجموعًا، فلم أسمع في كتابٍ من كتُب العربيَّة أنَّه جُمِع إلا في جلوس الصَّلوات؛ إذْ لا يجوز إطلاقُ ذلك لغير مَن له الخلْق والأمر، وهو الله تعالى؛ لأنَّ المُلْكَ كلَّه بيد الله، وقد نطق بذلك الكتاب العزيز: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ} [آل عمران: 26] الآيةَ إلى آخرِها، والذي سطَّره أهلُ اللغة إنَّما يعبِّرون عن التحيَّة الواحدة، ولم ينتهوا لجمعِه دون إفرادِه؛ إذ كان ذلك من ذخائِر الإلهام لقوْمٍ آخَرين، فهِموا عن الله - تعالى - كتابه، فنقلوا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شريعتَه". اهـ. من كتاب "معجم المناهي اللفظيَّة".

والذي يظهر أن كان الأوْلَى والأحْرى والأكثر أجْرًا أن يتقيَّد الإنسان في التحيَّة باللَّفظ الذي جاءت به السُّنَّة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهي: السَّلام عليكم، ورحمة الله، وبركاته،، والله أعلم.


منقـــــول

الخميس، 24 يناير 2013

الشيخ البراك: الشيخ الالباني من العلماء المحققين في عقيدة السلف



قال الشيخ عبدالرحمن البراك :
"وأما ما نسب إلى الشيخ ناصر الألباني– رحمه الله – أنه يكفّر من يستغيث بالنبي – صلى الله عليه وسلم – ويعده مشركاً، ففي هذا مجازفة وافتراء على الشيخ، فإن هذا من رمي البريء فهو إفك وبهتان،
فالشيخ – رحمه الله – من العلماء المحققين في عقيدة السلف، فلا يكفّر إلا من كفرّه الله ورسوله –عليه السلام-،
والتوسل والاستغاثة التي أنكرها الشيخ ليست الاستغاثة به في حياته ، ولا الاستغاثة به يوم القيامة ، وإنما الاستغاثة به ودعاءه وطلب الحوائج منه بعد موته عند قبره أو بعيداً عن قبره ، كما يفعل الذين يستغيثون به – صلى الله عليه وسلم – وينادونه في الشدائد قائلين:(يا رسول الله المدد ، أو انصرني على عدوي أو اشفني، أو اشف مريضي، كما يفعلون مثل ذلك مع من هو دون النبي – عليه الصلاة والسلام – من أولياء الله، بل قد يفعلونه مع من لا يعرف بولايته لله، أو من يعرف بالفسق والفجور، ممن يدعى لهم الصلاح وليسوا بصالحين، فليعلم أن ما نسب إلى الشيخ من ذلك كذب وبهتان،
وليُرجع إلى كتبه التي بيّن فيها حقيقة المسألة وفصلها، مثل كتاب "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد"، ومقالاته في التوسل التي جمعها الأستاذ عيد عباس وغير ذلك، من مؤلفاته التي يقرر فيها مذهب أهل السنة والجماعة في توحيد العبادة وغيره، ويفرق فيه بين التوسُّل والاستغاثة الجائزين أو الممنوعين ،و الواجب على المسلم إذا سمع بما لا يعلم ثبوته تثـبَّتَّ وتبيّن ، كما قال - سبحانه وتعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا .... }الحجرات6 ."
المصدر : موقع الشيخ
http://www.islamlight.net/albarrak/i...k=view&id=9720

الأحد، 20 يناير 2013

لا تجعلوا الحق مقيدا بالرجال

:: نصيحة  غالية .. من الشيــخ بن عثيمين رحمه الله
لا تجعلوا الحق مقيدا بالرجال ::


..

التفريغ النصي للمقطع :
الشيخ : هذا يستأذن في قصيدة .. هل ترغبون أن نأذن له؟
طيب..
الأخ القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد يا فضيلة الشيخ .. أستأذنكم في قصيدة
الشيخ : نعم .. تفضل
يا أمتي إن هذا الليلُ يعقبه .. فجرٌ ، وأنواره في الأرض تنتشرُ
والخير مرتقب والفتح منتظرُ .. والحقُ رغم جهود الشرِ منتصرُ
وبصحوةٍ بارك الباري مسيرتها .. نقيةٍ ما بها شوب ولا كدر
مادام فينا بن صالح شيخ صحوتنا بمثله يرتجى التأييد والظفر
الشيخ : أنا لا أوافق على هذا البيت
الطلبة يمازحونه : نحن نوافق يا شيخ! ..
الشيخ : لا .. لا أوافق
لأني لا أريد أن يُربط الحق بالأشخاص
كل شخص سيفنى .. فإذا ربطنا الحق بالأشخاص .. معناه أن الإنسان إذا مات قد ييأس الناس
فأقول إذا كان يمكنك الآن تبدل البيت مادام فينا كتاب الله سنة رسوله هذا طيب.
الأخ : مادام فينا كتاب الله سنة رسوله .. بن العثيمين
الشيخ : وقف .. وقف
الأخ متابعا : فقيهنا ....
الشيخ : لا ما أقبل
إنت ما عندك إلا هذا ؟!
أعطنا سؤال ..
أنا أنصحكم من الآن وبعد الآن .. أن لا تجعلوا الحق مربوطا بالرجال
الرجال أولا يضلون .. حتى بن مسعود يقول: "من كان مستنا فليستن بمن مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة"
الرجال إذا جعلتم الحق مربوطا بهم يمكن الإنسان يغتر بنفسه نعوذ بالله من ذلك ، ويسلك طرقا غير صحيحة
ولذلك أنا أنصحكم الآن ألا تجعلوا الحق مقيدا بالرجال
الرجل أولا .. ما يأمن الإنسان .. نسأل الله أن يثبتنا وإياكم .. ما يأمن الزلل والفتنة
ثانيا: أنه سيموت ما أحد يبقى " وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلك الْخُلْد أَفَإِنْ مِتّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ"
ثالثا :إن بني آدم بشر .. وربما يغتر إذا رأى الناس يبجلونه ويكرمونه ويلتفون حوله ربما يغتر، ويظن أنه معصوم ويدعي لنفسه العصمة ،
وأن كل شيء يفعله فهو حق ،وكل طريق يسلكه فهو مشروع .. فيحصل بذلك الهلاك
امتدح رجل رجلا عند النبي عليه الصلاة والسلام فقال: " ويحك قطعت عنق صاحبك، أو قال ظهر صاحبك"
وأنا أشكر الأخ مقدما وإن لم أسمع ما يقول فيّ على ما يبديه من الشعور نحوي
وأسأل الله أن يجعلني عند حسن ظنه أو أكثر..و لكن ما أحب هذا
أسأل الله أن يجزيك عني خيرا وأن يثيبك .
انتهى
..

رحم الله الشيخ الفقيه المربي وأسكنه فسيح جناته ورفع درجته في المهديين

~~~&~~~&~~~&~~~~&~~~
منـــــــــــــــــقــــول
منتدى فرسان الحـــق













الجمعة، 18 يناير 2013

حكم الاحتفال بالمولد


حكم الاحتفال بالمولد

الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ

 
سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله كما في " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 ) :
ما الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فأجاب فضيلته :
( نرى أنه لا يتم إيمان عبد حتى يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه ، وبما هو لائق في حقه صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثته لأنه لم يكن رسولاً إلا حين بعث كما قال أهل العلم نُبىءَ بإقرأ وأُرسل بالمدثر ، لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة ، كما قال تعالى : ( قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورَسُولِهِ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ( الأعراف : 158 ) ، وإذا كان كذلك فإن من تعظيمه وتوقيره والتأدب معه واتخاذه إماماً ومتبوعاً ألا نتجاوز ما شرعه لنا من العبادات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى ولم يدع لأمته خيراً إلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شراً إلا بينه وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إماماً متبوعاً أن نتقدم بين يديه بالاحتفال بمولده أو بمبعثه ، والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى الله ، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " قال هذه الكلمة العامة ، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بما يقول ، وأفصح الناس بما ينطق ، وأنصح الناس فيما يرشد إليه ، وهذا الأمر لا شك فيه ، لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئاً لا يكون ضلالة ، ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى ، ولهذا روى النسائي آخر الحديث : " وكل ضلالة في النار " ولو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم من الأمور المحبوبة إلى الله ورسوله لكانت مشروعة ، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة ، لأن الله تعالى تكفل بحفظ شريعته ، ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم بإحسان وتابعوهم ، فلما لم يفعلوا شيئاً من ذل علم أنه ليس من دين الله ، والذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم مشروعيتها لا في كتاب الله ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم ، وأن يعتنوا بما هو بيّن ظاهر من الشريعة ، من الفرائض والسنن المعلومة ، وفيها كفاية وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع .
وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات ، هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم المودي إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يحارب الناس عليه ، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم ، فإننا نسمع أنه يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به      سواك عند حدوث الحادث العمم
إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي       صفحاً وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها        ومن علومك علم اللوح والقلم
مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل ، وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ  لنفسه أن يقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام : ( فإن من جودك الدنيا وضرتها ) ومن للتبعيض والدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة ، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام ، وليس كل جوده ، فما الذي بقي لله عز وجل ، ما بقي لله عز وجل ، ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة .
وكذلك قوله : ( ومن علومك علم اللوح والقلم ) ومن : هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب .
ورويدك يا أخي المسلم .. إن كنت تتقي الله عز وجل فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزله الله .. أنه عبد الله ورسوله فقل هو عبدالله ورسوله ، واعتقد فيه ما أمره ربه أن يبلغه إلى الناس عامة : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) ( الأنعام : 50 ) ، وما أمره الله به في قوله : ( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً ) ( الجن : 21 ) ، وزيادة على ذلك : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً ) ( الجن : 22 ) ، حتى النبي عليه الصلاة والسلام لو أراد الله به شيئاً لا أحد يجيره من الله سبحانه وتعالى .
فالحاصل أن هذه الأعياد أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا تقتصر على مجرد كونها بدعة محدثة في الدين بل هي يضاف إليها شئ من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك .
وكذلك مما سمعناه أنه يحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء ، ويحصل فيها تصفيق ودف وغير ذلك من المنكرات التي لا يمتري في إنكارها مؤمن ، ونحن في غِنَى بما شرعه الله لنا ورسوله ففيه صلاح القلوب والبلاد والعباد )
" فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 )

~~~~*~~~~~*~~~~~*~~~~~*~~~~~~
صيد الفوائد 

الشيخ البراك يدعو لمقاطعة قنوات الـ (إم بي سي) و(العربية) و(روتانا)



الشيخ البراك يدعو لمقاطعة قنوات

 الـ (إم بي سي) و(العربية) و(روتانا)



دعا فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك، إلى التصدي لعدد من القنوات التي تنشر الفساد، مؤكدا أن مقاومة مثل هذه المنابر من الجهاد في سبيل الله.
وسرد الشيخ البراك في بيان نشر اليوم على حسابه في (تويتر) عدداً من تلك القنوات، وهي (إم بي سي)، و(إل بي سي)، و(العربية)، و(روتانا)، وقال بأن القائمين على هذه القنوات والممولين لها من الجناة على الأمة.
وحذر فضيلته الشركات والمؤسسات من الإعلان في هذه القنوات، لأن الإعلان فيها إعانة على الإثم والعدوان، كما حذر من المشاركة في المسابقات التي تقيمها هذه القنوات، للتحايل على الناس بأكل أموالهم، مع ما يصيبهم من شر في متابعة برامجها.

وهذا نص بيان الشيخ حفظه الله:
قال تعالى: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرً‌ا} [الفرقان: 52].
الجهاد بالكلمة هي أول طريق الإصلاح ومقاومة الفساد، ومن المنابر المشهورة بالفساد قنوات (إم بي سي)، و(إل بي سي)، و(العربية)، و(روتانا)، فمقاومة نشاطها وأهدافها من الجهاد في سبيل الله؛ فجاهدوهم جهاداً كبيراً.
فإن القائمين عليها والممولين لها من الجناة على الأمة، ولقد نصحهم الناصحون فما ارعووا عن غيهم ولا استجابوا، ومَن يبغض الناصحين فهو من المذمومين على لسان رسل الله، كما قال صالح عليه السلام لقومه: {وَلَـٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 79].

ومعلوم أن الأموال المكتسبة بالحرام، ونشر الفساد حرامٌ سحتٌ من أخبث المكاسب؛ وكذلك على أصحاب هذه القنوات مثل آثام من أضلوهم بالشبهات وأفسدوهم بالشهوات، وعلى هذا؛ فلا يجوز لأصحاب المؤسسات والشركات الإعلان في هذه القنوات الخبيثة؛ لأن الإعلان فيها من أهم مواردها التي تعتمد عليها في بقائها، وفي جذب المشاهدين لها الذين كثرتهم مجالُ التنافس بين هذه القنوات.
وعلى هذا فيجب على الشركات والمؤسسات التي يملكها المسلمون مقاطعة هذه القنوات؛ لأن الإعلان فيها إعانة على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} [المائدة: 2]، فلمن يمد هذه القنوات بإعلاناته حصته من آثامهم، ولأصحاب هذه القنوات نصيب من قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْ‌ضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ . أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا يَشْعُرُ‌ونَ} [البقرة: 11-12]، فجاهدوهم أيها المصلحون.

وكذلك تحرم المشاركة في المسابقات التي تقيمها هذه القنوات، وتستغل بها بساطة عقول الجماهير، وما هذه المسابقات إلا حيلة خبيثة لابتزاز أموال السذج، وفي ذلك ظلم لهم وهم لا يشعرون، مع ما يصبهم من شر بمتابعة برامج هذه القنوات، فيخسرون قدْراً من دينهم ودنياهم.
فاتقوا الله أيها المسلمون، وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
أملاه: عبدالرحمن بن ناصر البراك 18/صفر/1434هـ
 




صلاة الجماعة


صلاة الجماعة

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.

وبعد:
فإن الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الواجبات والفرائض بعد الشهادتين، وقد أثنى اللهچ على عباده المحافظين على أدائها في المساجد فقال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 36- 37].

وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته، وفي سوقه خمسًا وعشرين درجة، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة"[1]، وفي رواية: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"[2]، وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟" قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط"[3].

قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: وقد أكثر الله - عز وجل - من ذكر الصلاة في كتابه الكريم، وعظم شانها، وأمر بالمحافظة عليها وأدائها في الجماعة، وأخبر أن التهاون بها والتكاسل عنها من صفات المنافقين، فقال: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]، وكيف يعرف الناس محافظة العبد عليها، وتعظيمه لها، وقد تخلف عن أدائها مع إخوانه، وتهاون بشأنها، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ﴾ [النساء: 102].

"فأوجب سبحانه أداء الصلاة في الجماعة في حال الحرب وشدة الخوف، فكيف بحال السلم؟ ولو كان أحد يسامح في ترك الصلاة في جماعة لكان المصافون للعدو المهددون بهجومه عليهم أولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة، فلما لم يقع ذلك علم أن أداء الصلاة في جماعة من أهم الواجبات، وأنه لا يجوز لأحد التخلف عن ذلك"[4]. اهـ.

 والنصوص التي تبين وجوب صلاة الجماعة كثيرة، فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقدم ثم أمر رجلًا يصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"[5].

 قال بعض أهل العلم:
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما همَّ بذلك إلا أن هؤلاء المتخلفين عن صلاة الجماعة قد ارتكبوا ذنبًا عظيمًا، نسأل الله السلامة والعافية"، وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى فقال: يا رسول الله: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب"[6]، وفي رواية لأبي داود قال: "لا أجد لك رخصة"[7].

 وروى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر؟، قال: خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى"[8].

 وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود موقوفًا عليه أنه قال: "من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن، فإن الله شرع لنبيكم -صلى الله عليه وسلم- سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته؛ لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف"[9].

 وأجاب العلماء عن حديث صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمسًا وعشرين درجة، أن المراد بيان ثواب صلاة الجماعة، وأن أجرها أكثر، وليس حكم صلاة الجماعة، والأفضلية لا تدل على عدم الوجوب فقد ثبت الوجوب بآيات وأحاديث صحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم.

يضاف إلى ذلك ما فيها من المصالح والمنافع العظيمة، التي تدل على أن الحكمة تقضي بوجوبها.
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -، ومنها:
أولًا: إظهار شعيرة من أعظم شعائر الإسلام، وهي الصلاة؛ لأن الناس لو بقوا يصلون في بيوتهم ما عرف أن هناك صلاة.
ثانيًا: التواد بين الناس؛ لأن ملاقاة الناس ومصافحتهم لبعضهم البعض توجب المحبة والمودة. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"[10].
ثالثًا: شعور الناس بالمساواة في عبادة الله، لأنه في هذا المسجد يجتمع أغنى الناس إلى جنب أفقر الناس، والأمير إلى جنب المأمور، والحاكم إلى جنب المحكوم، والصغير إلى جنب الكبير، وهكذا فيشعر الناس بالمساواة؛ ولهذا أمر بمساواة الصفوف، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم"[11].
رابعًا: ما يحصل من تفقد الأحوال، أحوال الفقراء والمرضى، والمتهاونين بالصلاة، فإن الفقير إذا علم بحاله جماعة المسجد تصدقوا عليه، وواسوه، وكذلك إذا تخلف عن صلاة الجماعة عرف الناس أنه مريض، فقدموا له المساعدة أو متهاونًا فبادروه بالنصيحة[12].

 والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 
[1] البخاري برقم (٦٤٧)، ومسلم برقم (٦٤٩).
[2] صحيح البخاري برقم (٦٤٥)، وصحيح مسلم برقم (٦٥٠).
[3] برقم (٢٥١).
[4] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز - رحمه الله.
[5] صحيح البخاري برقم (٦٥٧)، وصحيح مسلم برقم (٦٥١) واللفظ له.
[6] برقم (٦٥٣).
[7] برقم (٥٥٢) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/110) برقم (516).
[8] برقم (٥٥١)، قال الألباني - رحمه الله -: صحيح دون جملة العذر، وبلفظ: ولا صلاة له، صحيح سنن أبي داود (1/110) برقم (515).
[9] برقم (654).
[10] برقم (٥٤).
[11] جزء من حديث في صحيح مسلم برقم (٤٣٢).
[12] الشرح الممتع على زاد المستقنع (4/135-138)
 
منقـــــول 

الأربعاء، 16 يناير 2013

في حسن التّعامل مع النّفس


في حسن التّعامل مع النّفس

الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر



~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
من المعاني الكبيرة التي يلحظها المتأمّل، في العلاقة بين القرآن والمسلم، ما يتميّزُ به المنهج القرآنيّ من حسن التّعامل مع النّفس الإنسانيّة وسياستها وملاطفتها والتّدرّج في فرض الأحكام عليها، حتّى يتسنّى لها أن تتقبّلها، فلا تكون الأحكام الشرعيّة أوامر مجردة، تستند فقط إلى سلطان الواجب، ولكن يتمّ حرثُ تربة النّفس الإنسانيّة شيئاً فشيئاً، وتقليبُها بدقّةٍ وإحكام، وإزالة الحشائش السّامة منها، ليتمّ إعدادُها لغرس بذور الأحكام الشرعيّة، وخيرُ دليلٍ على ذلك ما نعرفه من حقيقة نزول القرآن منجَّماً حسب الحوادث، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [سورة الإسراء: 106]، وعموماً نلحظ في منهج الخطاب القرآني، أنّه يخاطب الفطرة الإنسانيّة، "بما يعلمه منزلُ هذا القرآن من حقيقة الفطرة، ومساربها ومداخلها، وأبوابها التي تُطرقُ فتُفتح، بعضُها بعد نقرةٍ خفيفة، وبعضها بعد طَرَقَاتٍ كثيرة، إن كان قد ران عليها الرّكام!"، وقد كان السّلف يفقهون هذه المعاني، ويعلمون أنّ للنّفس إقبالاً وإدباراً، وكانوا ينصحون قائلين: إذا أقبلتْ؛ فخذها بالأمر الجِدّ، وإذا أدبرت؛ فاقصُرها على الواجبات، فحريٌّ بنا أن نتعلّم من أسلوب الخطاب القرآنيّ للنّفس الإنسانيّة، حسن التَّعامل مع أنفسنا، وبالتّالي حسنَ التعامل مع الآخرين، ابتداءً ممّن جعل اللهُ ولايتهم علينا، وزمام أمرهم بأيدينا، مراعين كونهم نفوساً حيّة، وليسوا آلاتٍ أو جمادات.

وأذكر في مجلسٍ من المجالس، أنّ أحد المشايخ رصد ملاحظةً في أحد الشيوخ، فعبّر له عنها قائلاً: يا فلانُ، ألحظُ أنَّك تُراعي نفسيّات النّاس إلى حدٍّ بعيد، وتوليهم قدراً كبيراً من التّلطّف في المعاملة! فردّ عليه ضاحكاً: أتعجبُ من هذا؟ والله إنّني أُراعي نفسي وأتلطّفُ معها، فكيف لا أُراعي الآخرين؟ فقال له متعجباً: تُراعي نفسَك؟ قال: نعم، أخشى أن تتفلّت منّي، وتخرُج عن سلطاني، فأنا أراعيها فأعِدُها أحياناً وأتوعّدها أحياناً، كالدّابّة تماماً، حتّى يسلس لي قيادُها!

وحكى لي أحد المشايخ أنّه عندما كان صغيراً، لم يتجاوز عمره عشر سنواتٍ، كان عندهم في البيت حمارٌ صعب القياد، يجد الكبار صعوبةً في التّصرّف معه، قال: لكن لما كنتُ آتيهِ أنا؛ يُطأطئ رأسه وينحني لكي أعتلي ظهره، قال: والسّر في ذلك أنّي كنتُ أُراعي هذه الدّابة وأُكرمُها، فأُحضِر لها العلف، قال: وقد تعلّمتُ من هذا الأمر درساً كبيراً، استفدتُ منه في حياتي كلِّها، ولا ريبَ فإنّ معظم مطالب المرء في حياته، علٌّقها الله عزّ وجلّ على الآخرين، فإذا أحسنت التّعامل مع نفسك، أحسنت التّعامل مع الآخرين كذلك، وحقّقت بفضل الله عزّ وجلّ ما تطمح إليه!

وقد دعت السّنة المطهّرة إلى هذا الخُلق الإيجابيّ، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أنّها قالت للرَّسول صلى الله عليه وسلم: هذه الحولاء بنت تويت وزعموا أنها لا تنام الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنام الليل خذوا من العمل ما تطيقون فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا». (1) وروى أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (دخل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلم، فإذا حبلٌ ممدودٌ بين السَّاريتين! فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبلٌ لزينب، فإذا فترت تعلَّقت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، حُلُّوه، ليُصلِّ أحدُكم نشاطهُ، فإذا فتر فليقعد) [متفق عليه].(2)

وكذلك من الأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة، التي تتضمنُ تنبيهاً إلى أهمية حسن التّعامل مع النّفس قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: (إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً، وَإِنَّ لِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً، فَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ) [صحّحه الألبانيُّ] (3) وفيه بيانٌ لحقيقةٍ مهمّةٍ، ألا وهي أنّ كلّ نشاطٍ أو عملٍ من أعمال الخير يقوم به الإنسان، له شرَّةٌ أو نهايةٌ يبلغ إليها، بعدها لا بدّ من أن يعروَ نفس صاحبه الفتور، فيجد منها إباءً وتمرُّداً، وهذا معناه أن ينتبه المرءُ إلى نفسه، عندما يُلزمُها بنشاطٍ معيّن، أن يُريحها ويُشيع فيها الحيوية والنّشاط من حينٍ لآخر، حتى لا يفقد السيطرة عليها.

وكما نلحظ فالمنهج الإسلامي في التّعامل مع النّفس الإنسانيّة، وسطٌ لا ميلَ فيه إلى أحد طرفي قصد الأمور: الإفراط أو التفريط، فلا يُسيء الظنّ بالنّفس الإنسانيّة، حتى يعتبرَها أصل الشّرور، كما أنّه لا يُسرفُ في إحسان الظّنّ بها، حتّى يعتبرها مقياساً للخير والصّلاح.

السبت، 5 يناير 2013

حكم الأذان والإقامة للمنفرد

حكم الأذان والإقامة للمنفرد
أصلي الفروض أحياناً بمفردي؛ نظراً لعدم وجود مسجد بالقرب مني، فهل يلزمني الأذان والإقامة لكل صلاة؟ أم يجوز أن أصلي دون أذان أو دون إقامة؟

السنة أن تؤذن وتقيم؛ أما الوجوب ففيه خلاف بين أهل العلم، ولكن الأولى بك والأحوط لك أن تؤذن وتقيم؛ لعموم الأدلة، ولكن يلزمك أن تصلي في الجماعة متى أمكنك ذلك، فإذا وجدت جماعة أو سمعت النداء في مسجد بقربك وجب عليك أن تجيب المؤذن، وأن تحضر مع الجماعة، فإن لم تسمع النداء ولم يكن بقربك مسجد فالسنة أن تؤذن أنت وتقيم. ­وقد ثبت عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال لرجل: ((إذا كنت في غنمك وباديتك فارفع صوتك بالنداء، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يسمع صدى صوت المؤذن شجر ولا حجر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة))، والله ولي التوفيق .
مــــوقع الشيخ /عبد العزيز بن باز
   ~~~~*~~~~*~~~~*~~~~*
(1) رواه النسائي/ حققه الألباني/ صحيح الترغيب والترهيب / كتاب الصلاة/ الترغيب في اللآذان وما جاء في فضله / حديث رقم232 / صحيح.

الجمعة، 4 يناير 2013

حكم حجز الأمـاكن في المسجد ؟

 حكم حجز الأمـاكن في المسجد ؟


حجز الأماكن: كذلك من الأمور التي باتت منتشرة بكثرة بين أخواتنا هو حجز كل واحدة منهن مكان خاص بها ولا تسمح لغيرها بالجلوس فيه، وحتى وإن تأخرت فيجب أن يبقى ذلك المكان شاغر حتى مجيئتها، فأصبح المسجد عبارة عن أماكن محجوزة لا يحق لأي أحد الاِقتراب منها بل حتى لا يُسمح حتى بأداء سُنة تحيّة المسجد. وهذا مُخالف لما أمر النبِّي –صلى الله عليه وسلم-.
سُئِل الشيخ بن باز –رحمه الله-:سائل يسأل عن حجز الأماكن يوم الجمعة وحبسها لأناس خلف الإمام ومنع من جاء ليجلس فيها ؟

فأجاب: (المسجد لمن سبق، فلا يجوز لأحد أن يحجز مكانا في المسجد ، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لَوْ يَعْلَمِ النَّاسَ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ ي
َجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاِسْتَهَمُوا» [12] أي : لاقترعوا ، فحجزه أمر لا يجوز وغصب للمكان ولا حق لمن غصبه، فالسابق أولى منه وأحق به حتى يتقدم الناس إلى الصلاة بأنفسهم) أهـ [13].
وسُئِل الشيخ بن عُثيمين –رحمه الله- عن حكم حجز المكان في المسجد؟

فأجاب: (حجز الأماكن إذا كان الذي حجزها خرج من المسجد فهذا حرام عليه ولا يجوز؛ لأنه ليس له حق في هذا المكان، فالمكان إنما يكون للأول فالأول، حتى إن بعض فقهاء الحنابلة يقول: إن الإنسان إذا حجز مكاناً وخرج من المسجد فإنه إذا رجع وصلى فيه فصلاته باطلة؛ لأنه قد غصب هذا المكان؛ لأنه ليس من حقه أن يكون فيه وقد سبقه أحد إليه، والإنسان إنما يتقدم ببدنه لا بسجادته، أو منديله، أو عصاه، ولكن إذا كان الإنسان في المسجد ووضع هذا وهو في المسجد لكن يحب أن يكون في مكان آخر يسمع درساً، أو يتقي عن الشمس ونحو ذلك فهذا لا بأس به، بشرط أن لا يتخطى الناس عند رجوعه إلى مكانه، فإن كان يلزم من رجوعه تخطي الناس وجب عليه أن يتقدم إلى مكانه إذا حاذاه الصف الذي يليه لئلا يؤذي الناس) أهـ (14) .



[13]: مجموع فتاوى و مقالات ابن باز" (12/208).
[14]: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (16/148ـ149). 


 منــــــــقول
مكتبة المسجد النبوي

الأربعاء، 2 يناير 2013

حفظ اللسان




حفظ اللسان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فإن من نعم الله العظيمة على الإنسان، نعمة اللسان، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴾ [البلد: 8، 9]، وهذا اللسان إن لم يستخدم في طاعة الله، كان وبالًا على صاحبه، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24].
 
وقد وردت نصوص شرعية كثيرة تحث على حفظ اللسان، قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].
وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].

روى الترمذي في سننه من حديث معاذ - رضي الله عنه -: أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمل يقربه إلى الجنة ويباعده من النار؟ فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - برأس الأمر وعموده وذروة سنامه، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا نبي الله، قال: فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله! و إنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! و هل يكب الناس في النار على وجوههم - أو: على مناخرهم -إلا حصائد ألسنتهم؟!"[1].

 وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يهوى بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب"[2].
 
قوله: "ما يتبين فيها"، أي لا يدري هل هي في طاعة الله أو معصيته؟
وروى البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه، أضمن له الجنة"[3].
 
وروى الترمذي في سننه من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال:"أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك"[4].
وروى الترمذي في سننه من حديث سفيان الثقفي قال: قلت: يا رسول الله، حدثني بأمر أعتصم به؟ قال:"قل: ربي الله، ثم استقم"، قلت: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: "هذا"[5].
 
وقال عبد الله بن مسعود: "أنذرتكم فضول الكلام، بحسب أحدكم ما بلغ حاجته"[6].
قال محمد بن واسع لمالك بن دينار: "يا أبا يحيى، حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم"[7].
 
وقال الأوزاعي: "كتب إلينا عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - برسالة لم يحفظها غيري وغير مكحول: أما بعد، فإنه من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير، ومن عد كلامه من عمله قل كلامه فيما لا ينفعه"[8].
 
وقال عبد الله بن مسعود: "والله الذي لا إله إلا هو، ما شيء أحوج إلى طول سجن من هذا اللسان"[9].
 
قال الإمام النووي - رحمه الله -: اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلامًا تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، بل هذا كثير أو غالب في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء. اهـ[10].
 
وشر حركات الجوارح حركة اللسان، وهي أضر ما يكون على العبد.

 
قال ابن القيم: ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر الحرام، وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ والاحتراز من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالًا، ينزل في النار بالكلمة الواحدة أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يقطع ويذبح في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي بما يقول. اهـ[11].
 
وإذا أردت أن تعرف ذلك فتأمل ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدَّث أنَّ رجلًا قال: "والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى عليّ ألا أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك"[12]. أو كما قال.
قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته، وتكلم رجل في حق رجل، فقال له صاحبه: أغزوت الروم؟ قال: لم أفعل. قال: سلم منك النصارى ولم يسلم منك أخوك المسلم!
 
وقال بعضهم: تسعة أعشار الذنوب من اللسان.

قال بعض أهل العلم:

في اللسان آفتان عظيمتان، إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى آفة السكوت عن الحق، أو آفة الكلام بالباطل، وقد تكون كل منهما أعظم من الأخرى في وقتها، فالساكت عن الحق شيطان أخرس عاص لله، مراء، مداهن، إذا لم يخف على نفسه مثل من يرى المنكرات أمام عينيه مع قدرته على التغيير ولا يفعل.

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"[13].

الآفة الثانية: التكلم بالباطل، وهو شيطان ناطق عاص لله، وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته، فهم بين هذين النوعين، وأهل الوسط هم أهل الصراط المستقيم، كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة، فلا يرى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة، فضلًا عن أنها تضره في آخرته يوم القيامة، عندما يأتي بحسنات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكره الله وما اتصل به. اهـ[14].

والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.





[1] برقم (٢٦١٦)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[2] صحيح البخاري برقم (٦٤٧٧)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٨٨).
[3] برقم (٦٤٧٤).
[4] برقم (٢٤٠٦) وقال: هذا حديث حسن
[5] برقم (٢٤١٠) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[6] الصمت لابن أبي الدنيا (ص ٢٤١).
[7] إحياء علوم الدين (3/120).
[8] إحياء علوم الدين (3/112).
[9] إحياء علوم الدين (3/200).
[10] انظر: شرح صحيح مسلم (2/19).
[11] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص ١٤٠).
[12] برقم (٢٦٢١).
[13] برقم (٤٩).
[14] انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص ١٤٢)