السبت، 23 مايو 2015

الاختلاط المحرم .



الاختلاط المحرم

محمد بن علي الشيخي

بسم الله الرحمن الرحيم

حرم الله عز وجل على عباده الاقتراب من الفواحش, وحرّم أسبابها ودواعيها؛ حماية للأعراض, وطهارة لها, فقال الله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}. وقال سبحانه:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ..} إلى قوله تعالى:{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ }.

 
وحرّم الله الخضوع بالقول من النساء؛ حذراً من الفتنة واجتناباً لها فقال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا }.
ومع ذلك فقد انتشر الاختلاط المحرم في كثير من المجتمعات, ومجالات الأعمال؛ حتى رخصت الأعراض, وأصبحت عرضة لكل فاسقٍ, من ناظرٍ أو مقارفٍ, واستهان بأمر الله من لا يخشى الله ولا يرجو الدار الآخرة, مع الغفلة عما يلحقه في الدنيا من الخزي العار. ورحم الله القائل:

كـم قتيلٍ بشـهوةٍ وأسيـر --- أُفٍ من مشـتهٍ خلاف الجميل
شهوات الإنسان تورده الذل --- وتقليـه في العـذاب الطـويل .


وقد تفضل الله سبحانه فشرع الحجاب صيانةً للأعراض, وتشريفاً للمؤمنين والمؤمنات, فنهى الله الصحابة عن كلام نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا من وراء حجاب، فقال سبحانه:{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ }. أي: من وراء ساتر بينكم وبينهن. ثم بيّن الله الحكمة من ذلك, وجعلها أدباً للصحابة وأتباعهم من المؤمنين، فقال تعالى:{ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}. فهذا في حق الصحابة ونساء النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه. فمن دونهم أحوج إلى الحجاب، وأحق بمنع الاختلاط؛ طلباً لسلامة القلوب، وبُعداً عن المحظور.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرشداً إلى فضل البعد عن الاختلاط, وحرصاً على طهارة النفوس والأعراض، فقال في شأن صفوف الصلاة:" خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها. وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها ".مسلم وأصحاب السنن
ثم أرشد عليه الصلاة والسلام النساء في خروجهن إلى الصلاة ومشيهن في الطريق إلى أن يأخذن جوانب الطريق؛ حتى لا يختلطن بالرجال.


فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مسجده بعد الصلاة ذات يوم فرأى اختلاط النساء بالرجال في خروجهن وفي الطريق، فقال صلى الله عليه وسلم لهن:" استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق ". سنن أبي داود
فهذا النهي وهذه الآداب في مواطن العبادات والاجتماع لها, وهي أشرف الأحوال وأفضلها, فكيف يكون النهي عن الاختلاط حال الخلوة، أو في مواطن الفتن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت ". وقال صلى الله عليه وسلم:" لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم ".متفق عليهما, ومعنى :" الحمو الموت ". أي: خلوة القريب من غير المحارم هو الموت, لأنه لا يشك فيه؛ ومن هنا يصل إلى ما لا يتيسر للبعيد؛, لدوام المخالطة, وكثرة الدخول والخروج من غير نكير, ثم يزين الشيطان شراك الخطر، في غفلة من الرقيب, وضعف من النفس البشرية.


ولذا يجب الحذر من الأسباب التي تسهل الوقوع في الفواحش, ومنها:

 
1- التهاون في أمر الله، والتفريط في حفظ الأمانة من ولاية عامة وخاصة. فليعلم من حصل ذلك منه: أن الله سائل كل راع عما استرعاه, حفظ أم ضيع؟.
2- الغفلة ممن يوزن الأمور بغير ميزان الشريعة , أو يتهاون في أمر أهله بالاحتجاب والاحتشام, ويزعم أن ذلك من الثقة بهم, وإنما ذلك اعتماد منه على الظنون الواهية, أو اتباع للتقاليد والعادات المخالفة لشرع الله, أو انخداع بنعيق المفسدين.
3- ما شاع بين كثير من الناس من الاختلاط بين الرجال والنساء سواء في المستشفيات أو الجامعات أو الشركات أو المتنـزهات والأسواق, ينظر الرجل إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل من غير نكير، وبلا وازع من ضميرٍ, أو مراقبة لله عز وجل.
4- محادثة النساء من غير حاجة, وخاصة عند الخلوة, أو في أماكن العمل؛ فإن ذلك مما يكسر حاجز الحياء , ويضعف مراقبة الله عز وجل في النفوس, ويُنسي العواقب, ويسهل للعدو المتربص الذي يزين الشر؛ حتى يقع ما حرم الله. فالواجب البعد عن مواطن الريب, ومثيرات الفتن.

فليجتنب المسلم والمسلمة كل ما يسخط الله جل وعلا, ويُذهِب الغيرة على العرض! وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:" كُتب على ابن آدم حظه من الزنا مدرك ذلك لا محالة, فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ". متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خيرٌ له من أن يمس امرأةً لا تحل له".الطبراني في الأوسط, ينظر صحيح الجامع رقم:5045
وللمؤمنين قُدوةٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام في غيرتـهم على أهليهم.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه:" أتعجبون من غيرة سعد. لأنا أغير من سعد, والله أغير مني ". ومن أجل غيرة الله حرّم الفواحش ". متفق عليه
فالسعادة كل السعادة في تقوى الله وطاعته, والشقاء كله في الجهل بالله ومعصيته.
فإن من تقوى الله: حمل الرعية على العفاف وصيانتها عن الأسباب التي تجر إلى غضب الله وعذابه.
وأمر النساء بتقوى الله والاحتجاب والبعد عن مخالطة الرجال؛ فإن العِرض إذا دُنس قلّ أن يطهر,كالزجاج إن كُسِر لا يجبر.
فليراقب الله في نفسه وأهله كل مسلم ومسلمة, وليعرض عن دعاوى المفسدين, وليحذر الانسياق وراء الغاوين, خصوصاً في هذه الأيام حين نفثوا سمومهم في كثير من وسائل الإعلام وغيرها.
فإن من أهداف دعاة التبرج والاختلاط: إضعاف الوازع الديني في نفوس الناس, وهدم الأخلاق, وتزيين الفواحش؛ ليغمروا المجتمع في حماة الرذائل, وليسهل لهم تدنيس أعراض المسلمين !
ولو كانت لدعاة الاختلاط قلوب يفقهون بها لزجرهم وعيدُ الله تعالى في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ }.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه والديوث والمرأة المترجلة من النساء ".(الحاكم والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان) وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً:" اتقوا الدنيا واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ". (مسلم والنسائي)
فواجبنا جميعاً: صيانة الأعراض وحفظ الأمانة, ودفع أسباب الشر, وتوقي موارد الفتن, والتعوذ بالله منها.



منقول 
صيد الفوائد 

فوائد من كتاب الحجاب




           ( ٨٧ ) فائدة منتقاة من كتاب الشيخ الطريفي 
           "الحجاب"

نايف راكان التمياط



( فوائد من كتاب الحجاب 👇)


الحمد لله وحده .. هذه فوائد لطيفة ودررعلمية قصيرة نافعة انتقيتها من كتاب الشيخ عبدالعزيز الطريفي (الحجاب في الشرع والفطرة بين الدليل والقول الدخيل) وهي "٤٧" فائدة نفعك الله بها

١_والسنة الكونية : أن العفاف إن نُزِعَ أولُه، تتابع وتساقط، ومنه حجاب المرأة، إن سقطَ أوله تداعَى إلى آخره وهذا مشاهد في كل المجتمعات والشعوب . [الطريفي "الحجاب ص٢٦"] .
٢_السفور والتعري حتى لو تكاثرالناس على مجاورتها وتشرُّبها، آنس بعضهم بعضا ونظر بعضهم إلى بعض فلم يستنكروا شيئاً وظنوا أن صاحب الفطرة الصحيحة شاذ!
[الطريفي "الحجاب ص٢٧"]
٣_قوم لوط تدرجوا بالانحراف حتى جاوروه وقارفوه وتكاثروا وطال عهدهم عليه، قالوا في لوطٍ تهكُّماً (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهّرون) عابُوهم والعيبُ فيهم! [الطريفي"الحجاب ص٢٧"]
٤_وقد بيَّن الله أن كشف العورات وظهور المفاتن غاية قديمة لإبليس وذرّيته مع آدم وذرّيته كما قال تعالى (يابني آدم لايفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما).
[الطريفي"الحجاب ص٢٨"]
٥_من وسائل الشيطان وأعوانه : فصل عبودية الحجاب والإبقاء على كونِه عادةً، حتى يسهُلَ تحكُّمُ الأهواء به . [الطريفي"الحجاب ص٢٩"] .
٦_وكلما كان الشئ شديد التحريم شدَّد الله في وسائله ولو كثُرت واحتاطَ له من وقوع الإنسان فيه ولو من وسائل بعيدة .[الطريفي"الحجاب ص٣٠"]
٧_ومن وسائل الزنَى المحرمة لأجله : النظر والسفور والخضوع بالقول والغزل والاختلاط والخلوة وهذه خطوات واحدة تلي الأخرى أولها النظر ثم يسيرحتى يتكلم بالفحش ثم يختلط فيخلو فيَمَسَّ فيزنِيَ . [الطريفي"الحجاب ص٣٢"].
٨_وكلما كانت الوسيلة إلى الفاحشة أقرب وتسهيلُها لها أقوى، كان التأكيد على تحريمها في القرآن والسنة أشد . [الطريفي"الحجاب ص٣٢"]
٩_ربَط الله بين غض البصر وبين الزنَى لأنه سبب له فقال للرجال (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) وقال للنساء (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) ولكنه زاد في النساء (ولايبدين زينتهن) [الحجاب ص٣٤]
١٠_من هانت عنده محارم الله، تعلَّقَ بأوهى الحُجَجِ ولو كانت كبيت العنكبوت.[الحجاب ص٣٧]
١١_وتبرج المرأة وسفورها وتركها للحجاب، من تلك الوسائل الموصلة إلى الفاحشة، سواء للمرأة بذاتها أو لكَونِها وقوداً لغيرها ولو لم تشعربه في نفسها.
[الطريفي"الحجاب ص٣٨"]
١٢_وقد جاء في ذكرأحوال النساء أحاديث كثيرة في حجابهن ولباسهن وخروجهن قبل فرض الحجاب، ومن لم يعرف تواريخ الحوادث والنوازل اضطربت عليه الأدلة .[الطريفي"الحجاب ص٣٩"]
١٣_والجهل بتواريخ نزول الوحيين باب لكل صاحب هوى، يدخل منه ليأخذ مايريد!"الحجاب ص٤٠"
١٤_ولم يكن تشريع الحجاب والسترباللباس فُرِض جملة واحدة بجميع تفاصيله وإنما جاء متدرجاً.
"الحجاب ص٤٠"
١٥_يُستعمل الحجاب في الكتاب والسنة بمعنى الحاجز الساتربين شيئين ويكون من جدار أو قُماش أو خشب . "الحجاب ص٤٣"
١٦_والنَّصيفُ _وهو الخمار_ تُطلِقُه العرب على ما يُغَطَّى به الوجه، وقد قال النابغة :
سقَطَ النصيف ولم تُرِد إسقاطَه...فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتْنَا باليَدِ . "الحجاب ص٥٠"
١٧_أصل استعمال النساء للخمارعلى أن له محيطاً ووسطاً يبدأ من الرأس ويُحيط به، وينزلُ تبعاً على الكتفَين والوجه والصدر، كما قال ابن خزيمة في الصحيح : "الخمارالذي تستُرُبه وجهها، بل تسدُلُ الثوبَ من فوق رأسها على وجهها" .
"الحجاب ص٥٠"
١٨_ومعنى السفورعند العرب : هو كشف المرأة لوجهها، وليس المراد بذلك كشفها لشعرها أو نحرها، لأنه لا يُعرَفُ عند غالب العرب والعجم كشف المرأة لشعرها، قال تَوبَةُ بن الحُمَيًّرِ:
وكنت إذا ما جئتُ ليلى تبَرقَعَت
فقَد رابَني منها الغَدَاةَ سُفُورُهَا
"الحجاب ص٦٠"
١٩_صَحَّ عن عمربن الخطاب أنه فسَّرقوله تعالى (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء) بتغطية وجهها بثوبها . أخرجه ابن أبي شيبة .
"الحجاب ص٦١"
٢٠_تستعمل العربُ الكلمة على وضعٍ، ثم تتوسّع في إطلاقها على مايشاركها من المعاني ولومن بعض الوجوه لا كُلِّها، كلفظة (المَسِّ) وهومباشرة الشيئين بعضهما لبعض والتصاقهما.
"الحجاب ص٦٢"
٢١_وكثيرمن الكُتَّاب ينقُلُ أقوال الفقهاء عند كلامهم على لباس المرأة في الصلاة "المرأة عورة إلا وجهها وكفيها" ويجعلها في أحكام النظر، ولايُفرق بين عورة الصلاة والسَّتر وعورة النظر.
"الحجاب ص٦٥"
٢٢_وعدم التفريق بين سياقات الأئمة في عورة الصلاة وعورة النظر مِن أكثر مايُخطئُ به النَّقَلةُ فيأخذون كلام الفقهاء في عورةالصلاة ويضعونه في عورة النظر ولاينظرون للسياق .
"الحجاب ص٦٦"
٢٣_صَحَّ عن فاطمة بنت المنذرقالت : "كُنّا نُخَمِّرُ وجوهَنا ونحن مُحرِمات مع أسماء بنت أبي بكر" "الحجاب ص٧١"
٢٤_وأخذُ الأحكام من غير فَهمِ سياقاتها خطأٌ كبير، وكثيراً ما يأخذ الكُتَّاب أحكام غطاء المرأة لوجهها من المناسك أو من حجاب الصلاة فينشأ الخطأ وينشرونه بصيغته على غيرمراده .
"الحجاب ص٧٥"
٢٥_"نساء كاسيات عاريات" يعني : لا هي كاسية ولا هي عارية لشُفُوفِ لباسها ووصفِه .
"الحجاب ص٧٥"
٢٦_قال الله لنبيِّه ﷺ (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الماس بما أراك الله) فلم يجعله يحكم بما يرى مع وجود النص مع أنه نبي مؤيَّد.
"الحجاب ص٨٦"
٢٧_وقد أنزل الله آياتٍ في الحجاب والسَّتْرِ كُلُّهُن مُحكَمات بلا خلاف . "الحجاب ص٨٩"
٢٨_ومع بُعد العهد عن مصطلحات الصدرالأول، وحدوث مصطلحات جديدة، لم يفهم أكثرالناس معنى استعمال القرآن / للحجاب والجلباب والخمار. "الحجاب ص٩٠"
٢٩_(يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن..)وهذه الآية والآيتان من سورةالنور[٣١_٦٠]هي أصرح الآيات وأوضحهن في حجاب نساء المؤمنين عامة.
"الحجاب ص٩٩"
٣٠_وقد أجمع العلماء أنه لا يحِلُّ للعجوزإظهارُ شَعرِها، حكى الإجماع : الجصّاص وابن حزم. "الحجاب ص١٠٨"
٣١_ومَن جَهِلَ المتقدِّمَ والمتأخِّرَ من السُّوَرِ عند الأئمة، لم يفهَم مقاصد القرآن وأحكام المفسرين من السلف . "الحجاب ص١٢١"
٣٢_كثيرمن المفسرين يفسّرون آية النورعلى حالٍ سابقةٍ كما جاء عند ابن جرير، ثم ينُصُّون صراحةً على منع المرأة من كشف وجهها عند آية الأحزاب. "الحجاب ص١٢٢"
٣٣_مَن تتبَّعَ حال الصحابيات والتابعيات، وجد أن حجابهن وسَترَهُنَّ لايختلف في السترالتام للمرأة وأن عملهن كلهن على تغطية الوجوه .
"الحجاب ص١٢٤"
٣٤_وغريب أن أن يقول قائل بجواز تزيُّنِ الشابَّةِ عند كشفها والله يُحَرِّمُه على العجائز..فلم يقل بذلك أحد من المفسرين من السلف ولا الفقهاء .
"الحجاب ص١٢٧"
٣٥_ومَن لم يعرف مقاصد الأئمة وسياقات كلامهم ومواضِعه، يحمِل أقوالهم على غيرمرادهم .
"الحجاب ص١٣٦"
٣٦_وأمّا الشافعي : فلا يختلفُ القول عنه بوجوب ستر المرأة لوجهها لأجل النظر كقول مالكٍ وأبي حنيفةَ، وما نقلَه المُزَنِيُّ عنه في تفسيرالزينة الظاهرة : بالوجه والكفّين، فهو يريد عورة النظر، وذكَرَه في سياق عورة الصلاة، ولذا حمَلَ البيهقيُّ تفسيرَه ذلك على إبراز الوجه والكفين لنظرالمحارم لا لنظر الأجانب كما في السنن الكبرى وفسَّره بهذا المعنى الخطيبُ الشِّرْبِيني والسُبكي وابن الرِّفْعةِ وغيرُهم. "الحجاب ص١٤٩_١٥٠"
٣٧_وأئمة الفتوى والتحقيق من الشافعية ينصُّون على وجوب سَترالمرأة لوجهها."الحجاب ص١٥٢"
٣٨_وما يُنسَبُ للشافعي ومالك وأبي حنيفة : أنهم يُجيزون كشف وجه المرأة عند الرجال الذين لايجوز لهم النظرُ إليها، ولايغُضُّون أبصارهم عنها، خطأٌ شاعَ عند المتأخرين، ولايستطيعون إثباتَه عنهم صريحاً وسببُه عدم تتبُّعِ أقوالِهم في عورة السترِ وعورة النظرِ والتفريق بينهما . "الحجاب ص١٥٤"
٣٩_قال الشيخ ابن تيمية في الوجه في الصلاة: والتحقيق : أنه ليس بعورة في الصلاة، وهو عورة في باب النظَر، إذا لم يجُزِ النظرُ إليه .
"الحجاب ص١٥٥"
٤٠_من نظَرَ في الأحاديث والآثار بعد فرض الحجاب، وجَدَ أن نساء المؤمنين والصحابيات والتابعيات ونساء الصدرالأول على تستُّرٍ تامٍّ، يُغَطِّين وجوههُن، فضلاً عن غيرذلك من أبدانهن وينظُرنَ لذلك على أنه عبادة ودين .
"الحجاب ص١٥٥"
٤١_ومع قوة الإعلام وتسلُّطِ أَيادٍ غيرِأمينةٍ عليه، تُبْعِدُ الفضيلة وتُقَرِّبُ الرذيلة، شاه السفورُ في أكثر بلدان العالم المسلم، وفتحت أجيال عيونَها على حالٍ وتوطَّنوا عليها، ثم نظروا في الأحاديث والآثار وهَدْيِ نساء المؤمنين في الصدرالأول فاستثقلوها، وذلك للبُعْدِ بين الحالَين . "الحجاب ص١٥٦"
٤٢_حتى رأيت من يحتَجُّ بقوله تعالى عن ملكة سبأ (وكشفت عن ساقَيها) على جواز كشف ساق المرأة! وكلما ازداد الواقِعُ بُعداً، ازدادوا للنصوص بتراً.
"الحجاب ص١٥٧"
٤٣_فأقرب وسائل الزِّنى : الخلوة، فيُشَدَّدُ فيها ثم يليها الاختلاط في التعليم والعمل .
"الحجاب ص١٥٨"
٤٤_والمتشابهات لا يجوز أن تكون أصولاً يُبنَى عليها أحكام، ولا قاضيةً على ما هو أصرحُ منها وأحكَمُ . "الحجاب ص١٦٩"
٤٥_ولم يَقُلْ بجوازِ بروزِ الشابَّةِ بزينةِ وجهها للأجانب أحدٌ من الصحابة ولا التابعين .
"الحجاب ص١٦٩"
٤٦_وفي المُحْكَمِ حُجَّةٌ وغُنيَةٌ وكفايةٌ، والمتشابهات لا يتَّبعُها إلا من في قلوبهم زيغٌ . "الحجاب ص١٧٦"
٤٧_وبهذا ينتهي المقصود من الرسالة..والمرادُ هو إعادةُ ما زُحزِحَ من الأدلة والأقوال إلى مواضعها وبيان مُحْكَمِها مِن مُتشابهها. "الحجاب ص١٧٦"
وصلى الله على نبينا محمد ﷺ .
(انتهى انتقاء الفوائد من كتاب الحجاب)


صيد الفوائد

تلخيص تفسير سورة الكهف




تلخيص تفسير سورة الكهف





*عـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ قــال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : 
 

" إن لله أهليـن مـن النـاس " قالـوا : مـن هـم يـا رســول الله قـال : " أهـل القــرآن هـم أهـل الله وخاصتـه " .
رواه النسائي وابن ماجه والحاكم ـ صحيح ـ صحيح الترغيب والترهيب تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ ج : 2 / ص : 168 / حديث رقم : 1432 .
- عن أبي سعيدٍ قال : من قرأ سورةَ الكهفِ ليلةَ الجمعةِ ، أضاء له من النورِ ما بينه وبين البيتِ العتيقِالراوي: [قيس بن عباد] المحدث:الألباني - المصدر
: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 736


- "من قرأ سورةَ الكهفِ يومَ الجمعةِ أضاء له النُّورُ ما بينَه و بين البيتِ العتيقِ"الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6471-خلاصة حكم المحدث: صحيح
" ظ±لْحَمْدُ لِلَّهِ ظ±لَّذِىظ“ أَنزَلَ عَلَىظ° عَبْدِهِ ظ±لْكِتَـظ°بَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُغ¥ عِوَجَا غœ "الكهف1
الحمد لله هو الثناء عليه بصفاته، التي هي كلها صفات كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وأجل نعمه على الإطلاق، إنزاله الكتاب العظيم على عبده ورسوله، محمد صلى الله عليه وسلم فحمد نفسه، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتاب عليهم، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين، على أنه الكامل من جميع الوجوه، وهما نفي العوج عنه، وإثبات أنه قيم مستقيم، فنفي العوج يقتضي أنه ليس في أخباره كذب، ولا في أوامره ونواهيه ظلم ولا عبث، وإثبات الاستقامة، يقتضي أنه لا يخبر ولا يأمر إلا بأجل الإخبارات وهي الأخبار، التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله، ومنها الغيوب المتقدمة والمتأخرة، وأن أوامره ونواهيه، تزكي النفوس، وتطهرها وتنميها وتكملها، لاشتمالها على كمال العدل والقسط، والإخلاص، والعبودية لله رب العالمين وحده لا شريك له.
"قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً "الكهف2
جعله الله كتابًا مستقيمًا، لا اختلاف فيه ولا تناقض؛ لينذر الكافرين من عذاب شديد من عنده، ويبشر المصدقين بالله ورسوله الذين يعملون الأعمال الصالحات، بأن لهم ثوابًا جزيلاً هو الجنة،



"مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً "الكهف3 لا يزول عنهم، ولا يزولون عنه، بل نعيمهم في كل وقت متزايد، وفي ذكر التبشير ما يقتضي ذكر الأعمال الموجبة للمبشر به، وهو أن هذا القرآن قد اشتمل على كل عمل صالح، موصل لما تستبشر به النفوس، وتفرح به الأرواح.
"وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً "الكهف4
بعد إنذار عامة الكافرين العصاة من وثنيين وغيرهم خص الذين اتخذوا الولد، كرّر الإنذار ليكون خاصاً بقمة المعاصي

إنها قمة المعاصي أنْ نخوضَ في ذات الله تعالى بمقولة تتفطر لها السماء، وتنشق لها الأرض، وتنهدّ لهوْلِها الجبال.
"وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأرض وَتَخِرُّ الجبال هَدّاً أَن دَعَوْا للرحمن وَلَداً وَمَا يَنبَغِي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً" [ مريم: 88 - 92]
"مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً "الكهف5

ليس عند هؤلاء المشركين شيء من العلم على ما يَدَّعونه لله من اتخاذ الولد، كما لم يكن عند أسلافهم الذين قلَّدوهم، عَظُمت هذه المقالة الشنيعة التي تخرج من أفواههم، ما يقولون إلا قولا كاذبًا
*"فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً "الكهف6
"
بَاخِعٌ نَفْسَكَ" مهلكٌ نفسَك، لأنه كان صلّى الله عليه وسلّم إذا لم يجيبوه حَزِنَ حَزناً شديداً، وضاق صدره حتى يكادَ يَهلك،فسلاَّه الله عزّ وجل وبيّن له أنه ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، وإنما عليه البلاغ وقد بلَّغ.
{{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ}} [الرعد: 40] ، وهكذا ورثته من بعده: العلماء، وظيفتهم البلاغ وأما الهداية فبيد الله، ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجبِ الناس للحق، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين: 1 ـ نوع يحزن لأنه لم يُقبل.
2 ـ ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل.

{ {عَلَى آثَارِهِمْ} } أي بتتبع آثارهم،على ما خلفوه من آثار المعاصي،
{ {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ} } أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن.
*{{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا *}}.الكهف 7


( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ ) أي مصيرون ( مَا عَلَيْهَا ) مما كان زينة لها أو (مَا عَلَيْهَا ) مما هو أعم من الزينة وغيره ( صَعِيدًا ) تراباً ( جُرُزًا) أي لا نبات فيه ، هي ستصير كأن لم تكن كما قال عزّ وجل: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يونس: 24]
* "أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا" (9)


كان كفار قريش قد سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قصتهم،«أم» هنا منقطعة، فهي بمعنى «بل»،
و{ {حَسِبْتَ} } بمعنى ظننتَ، هنا أتى بـ«أم» المنقطعة التي تتضمن الاستفهام من أجل شد النَّفس إلى الاستماع إلى القصة لأنها حقيقة عَجب، هذه القصة عجب.

{ {الْكَهْفِ} } الغار في الجبل.
{ {وَالرَّقِيمِ} } بمعنى المرقوم: أي المكتوب لأنه كتب في حجر على هذا الكهف قصتُهم من أولها إلى آخرها.{ {مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} } من آيات الله الكونية. تفسير العثيمين
*إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا *}}.الكهف 10
{أَوَى} من المأوى، وهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ويلجأ إليه
و{ {الْفِتْيَةُ} } جمع فتى، وهو الشاب الكامل القوة والعزيمة.
{ {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} } أي لجأوا إليه من قومهم فارين منهم خوفاً أن يصيبهم ما أصاب قومهم من الشرك والكفر بالبعث، فقالوا: { {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} } لجأوا إلى الله.
{ {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} } أي رحمة ترحمنا بها. وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا *} }،
اجعل لنا، وتهيئة الشيء أن يُعد ليكون صالحاً للعمل به.

{ {مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} } الرشد: ضد الغَيّ، أي اجعل شأننا موافقاً للصواب.

*{{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا *}}الكهف 11
استجاب الله دعاءهم, وقيض لهم, ما لم يكن في حسابهم
*قال: " فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ " أي أنمناهم " سِنِينَ عَدَدًا "
أي معدودة، وسيأتي بيانها , وفي النوم المذكور حفظ لقلوبهم من الاضطراب والخوف, وحفظ لهم من قومهم.مقتبس من تفسير السعدي
*{{ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا *}}. الكهف 12
وذلك بإيقاظهم من النوم. وسمى الله الاستيقاظ من النوم بعثاً لأن النوم وفاةٌ،
"لِنَعْلَمَ"لنعلم علم ظهور ومشاهدة وليس علم الظهور والمشاهدة كعلم ما سيكون، والثاني علماً يترتب عليه الجزاء.
{ {أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} } قوله: { {الْحِزْبَيْنِ} } يعني الطائفتين.لمعنى: أي الحزبين أضبط لما لبثوا أمداً، أي: المدة التي لبثوها؛ لأنهم تنازعوا أمرهم.
*{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً *}}.الكهف 13
نِعمَ القائل صدقاً وعلماً وبياناً وإيضاحاً؛ لأن كلام الله تبارك وتعالى متضمن للعلم والصدق والفصاحة والإرادة، أربعة أشياء.
"نَحْنُ" للتعظيم وليس للتعدد { {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} } أي نقرأه عليك ونحدثك به { {نَبَأَهُمْ} } أي خبرهم { {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} } أي بالصدق المطابق للواقع.
{ {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} } فتية شباب ولكن عندهم قوة العزيمة وقوة البدن وقوة الإيمان."
إنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً *} } زادهم الله عزّ وجل هدى لأن الله تعالى يزيد الذين يهتدون هدى، وكلما ازددت عملاً بعلمك زادك الله هدى أي زادك الله علماً
" وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا"الكهف 14
{وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} } أي ثبتناها وقويناها وجعلنا لها رِباطاً، لأن جميع قومهم على ضدهم، ومخالفة القوم تحتاج إلى تثبيت لا سيما أنهم شباب والشاب ربما يؤثر فيه أبوه ويقول له «اكفر»، ولكن الله ربط على قلوبهم فثبتهم، اللهم ثبتنا يا رب.
{إِذْ قَامُوا} يعني في قومهم معلنين بالتوحيد متبرئين مما كان عليه هؤلاء الأقوام.

"..رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا *}:وليس رب فلان وفلان بل هو رب السموات والأرض فهو سبحانه وتعالى مالك وخالق ومدبِّر السموات والأرض.{ { لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا *} } لن ندعو دعاء مسألة ولا دعاء عبادة إلهاً سواه، فأقروا بالربوبيَّة وأقرُّوا بالألوهية، الربوبية قالوا: { {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا *} } والألوهية قالوا: { {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا *} } مِنْ دُونِهِ أي سواه.
{لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} أي: قولاً مائلاً وموغلاً بالكفر،
*
"هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ غ– فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى° عَلَى اللَّهِ كَذِبًا" الكهف 15
قوله تعالى: {هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} يشيرون إلى وجهة نظرهم في انعزالهم عن قومهم، قالوا: {هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا} أي صيَّروا آلهة من دون الله، عبدوها من دون الله.
{لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} يعني هلاَّ {يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ} أي على هذه الآلهة، أي: على كونها آلهة
وكونهم يعبدونها. فالمطلوب منهم شيئان:

1 ـ أن يثبتوا أن هذه آلهة.
2 ـ أن يثبتوا أن عبادتَهم لها حق، وكلا الأمرين مستحيل.
{بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} السلطان كلُّ ما للإنسان به سُلطة، قد يكون المراد به الدليل
{بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} أي بحجة ظاهرة يكون لهم بها سُلطة؛
" فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا"أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً، واعلم أن الاستفهام إذا ضُمِّن معنى النفي صار فيه زيادة فائدة، وهي أنه يكون مُشْرَباً معنى التحدي لأن النفي المجرد لا يدل على التحدي، فهذا تحدي، كأنك تقول: أخبرني أو أوجد لي أحداً أظلم ممن افترى على الله كذباً،أي من أشد ظلماً ممن افترى على الله كذباً.
* {وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا *} الكهف : 16.

أي‏:‏ قال بعضهم لبعض، إذ حصل لكم اعتزال قومكم في أجسامكم وأديانكم، فلم يبق إلا النجاء من شرهم، والتسبب بالأسباب المفضية لذلك، لأنهم لا سبيل لهم إلى قتالهم، ولا بقائهم بين أظهرهم، وهم على غير دينهم، ‏{‏فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ‏}‏ أي‏:‏ انضموا إليه واختفوا فيه ‏{‏يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا‏}‏ وفيما تقدم، أخبر أنهم دعوه بقولهم ‏{‏ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا‏}‏ فجمعوا بين التبري من حولهم وقوتهم، والالتجاء إلى الله في صلاح أمرهم، ودعائه بذلك، وبين الثقة بالله أنه سيفعل ذلك، لا جرم أن الله نشر لهم من رحمته، وهيأ لهم من أمرهم مرفقا، فحفظ أديانهم وأبدانهم، وجعلهم من آياته على خلقه، ونشر لهم من الثناء الحسن، ما هو من رحمته بهم، ويسر لهم كل سبب، حتى المحل الذي ناموا فيه، كان على غاية ما يمكن من الصيانة، ولهذا قال‏:‏
{{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا *»الكهف 17
أي‏:‏ حفظهم الله من الشمس فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس تميل عنه يمينا، وعند غروبها تميل عنه شمالا، فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها، ‏{‏وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ‏}‏ أي‏:‏ من الكهف أي‏:‏ مكان متسع، وذلك ليطرقهم الهواء والنسيم، ويزول عنهم الوخم والتأذي بالمكان الضيق، خصوصا مع طول المكث، وذلك من آيات الله الدالة على قدرته ورحمته بهم، وإجابة دعائهم وهدايتهم حتى في هذه الأمور، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ‏}‏ أي‏:‏ لا سبيل إلى نيل الهداية إلا من الله، فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين، ‏{‏وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا‏}‏ أي‏:‏ لا تجد من يتولاه ويدبره، على ما فيه صلاحه، ولا يرشده إلى الخير والفلاح، لأن الله قد حكم عليه بالضلال، ولا راد لحكمه‏.‏
*"وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًۭا وَهُمْ رُقُودٌۭ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَـٰسِطٌۭ ذِرَاعَيْهِ بِٱلْوَصِيدِ ۚ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًۭا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًۭا" ﴿١٨﴾

‏{‏وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ‏}‏ أي‏:‏ تحسبهم أيها الناظر إليهم ‏[‏كأنهم‏]‏ أيقاظ، والحال أنهم نيام، قال المفسرون‏:‏ وذلك لأن أعينهم منفتحة، لئلا تفسد، فالناظر إليهم يحسبهم أيقاظا، وهم رقود، ‏{‏وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ‏}‏ وهذا أيضًا من حفظه لأبدانهم، لأن الأرض من طبيعتها، أكل الأجسام المتصلة بها، فكان من قدر الله، أن قلبهم على جنوبهم يمينا وشمالا، بقدر ما لا تفسد الأرض أجسامهم، والله تعالى قادر على حفظهم من الأرض، من غير تقليب، ولكنه تعالى حكيم، أراد أن تجري سنته في الكون، ويربط الأسباب بمسبباتها‏.‏
{‏وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ‏}‏ أي‏:‏ الكلب الذي كان مع أصحاب الكهف، أصابه ما أصابهم من النوم وقت حراسته، فكان باسطا ذراعيه بالوصيد، أي‏:‏ الباب، أو فنائه، هذا حفظهم من الأرض‏.‏ وأما حفظهم من الآدميين، فأخبر أنه حماهم بالرعب، الذي نشره الله عليهم، فلو اطلع عليهم أحد، لامتلأ قلبه رعبا، وولى منهم فرارا، وهذا الذي أوجب أن يبقوا كل هذه المدة الطويلة، وهم لم يعثر عليهم أحد، مع قربهم من المدينة جدا، والدليل على قربهم، أنهم لما استيقظوا، أرسلوا أحدهم، يشتري لهم طعاما من المدينة، وبقوا في انتظاره، فدل ذلك على شدة قربهم منها‏.‏
 
 منقول
المصدر 
ملتقى قطرات العلم النسائي
للمتابعة للموضوع هنا 

الأربعاء، 20 مايو 2015

سنة السواك




سنة السواك 






من أروع صفات الشريعة الإسلامية أنها شريعة تُحافظ على سلامة المجتمع ونظافته، وتستخدم في ذلك قواعد كثيرة جميلة؛ منها أن الشريعة تسعى للحفاظ على نظافة وصحَّة الفم لكل المؤمنين! إن هذا شيء باهر حقًّا! فالإسلام لا يهتمُّ فقط بالصلاة والصيام والجهاد والدولة، إنما يحرص كذلك على النظافة الفردية للناس، ويُعطي اللهُ عز وجل على هذه النظافة أجرًا كبيرًا؛ لذا كان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم استعمال السواك كثيرًا،


 وقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
 أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ".


وفي رواية للبخاري: "عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ". وقد علَّل رغبته صلى الله عليه وسلم في كثرة الاستعمال بقوله في حديث البخاري عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ".



 فما أرقاها من سُنَّة! ولا تُغني فرشة الأسنان -فيما أرى- عن هذه السُنَّة الجميلة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ بذكر الغرض، وهو تطهير الفم وإرضاء الرب، إنما حدَّد الوسيلة، وهي السواك، وهو بفضل الله متوفِّر في كل مكان، وسهل الحمل، فلا نحرم أنفسنا من رضا الله علينا.


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].


 

الثلاثاء، 19 مايو 2015

سيئات لا تموت !



سيئات لا تموت !

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدلله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد .
فالعبد واقع في الذنب لا محالة إلا من رحم الله ، والذنوب تختلف فمنها ما يتجدد ويتكرر ويستمر ومنها ما يعمله غيرك ويكتب في صحيفتك لأنك كنت سببه أو دللت عليه .
ومع اتتشار وسائل التواصل الاجتماعي ومع رغبة البعض في إدخال السرور على غيره بنكت أو مزاح

يحتوي على معاص عديدة أردت أن أنبه إخواني وأخواتي على بعض ما يتجنب المسلم نشره ويجعل ذلك قاعدة عنده يسير عليها فلا يقم بتحويل رسالة واتس أو نشر تغريدة أو عمل إعادة لها إذا كانت مما يلي :

١- لا تنشر المقاطع المخالفة للعقيدة الصحيحة.
٢- لا تنشر المقاطع التي تحتوي على صور نساء أو موسيقى .
٣- لا تنشر المقاطع التي فيها استهزاء بالدين ولو على سبيل المزاح .
٤- لا تنشر المقاطع التي فيها انتقاص لأهل بلد أو قبيلة أو شخص .
٥- لا تنشر المقاطع التي تدعو للفاحشة أو للمخدرات أو للتدخين أو للتفحيط أو ما شابه ذلك.
٦- لا تنشر المقاطع التي فيها اساءة لولاة الأمر أو للعلماء أو للدعاة .
٧- لا تنشر المقاطع التي تمجد الفرق الضالة وأهل الأهواء .
٨- لا تنشر المقاطع التي فيها خصوصية لأشخاص لا يحبون أن يطلع أحد على خصوصياتهم .
٩- لا تنشر المقاطع التي فيها إحياء للعصبيات القبيلة أو النعرات الجاهلية .
١٠- لا تنشر المقاطع التي نهى ولي الأمر عن نشرها مما هو خاص بأعمال الجهات الأمنية وتحركاتها ونحو ذلك ٠
١١- لا تنشر المقاطع التي فيها سحر أو شعوذة أو ذكر لأهلها برفع الشأن .
١٢- لا تنشر المقاطع التي فيها تخويف للناس أو ترويع أو سبب لإدخال الهم على قلوبهم .
١٣ - لا تنشر مقاطع لمعالج أو نحوه ما لم يكن عندك يقين عن وضعه وسلامة طريقته دينيا ودنيويا.

وليس هذا حصر وإنما هو تذكير بأهم ما ورد في ذهني عند كتاباتي للمقال ؛ لكن القاعدة العامة في ذلك :( لا تنشر أي شيء يكون سبب في تحميلك ذنب ).
ولعل خشيتك من ربك وعدم نشرك لأي مما ذكرنا من أعظم الخبايا بينك وبين ربك تأتيك الرسالة فلا يمنعك من نشرها إلا خوفك من الله وحده.
وفي ذلك رحمة بمن أرسل عليك الرسالة لأنك أغلقت ملف سيئاته عندك ولم تزد فيه بإرساله لآخرين.
فكن كالنحلة لا تأكل إلا طيبا ولا تخرج إلا طيبا وإذا وقعت على شيء لم تخدشه ولم تكسره .
اللهم إنا نسألك خشيتك في السر والعلن وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى.

أخوكم / مصلح زويد العتيبي .
١٤٣٦/٧/٢٣هـ .


فضائل شهر شعبان


فضائل شهر شعبان

د: أحمد عرفة


إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[آل عمران:102].

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء:1].

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الأخوة الأحباب :
أخرج الإمام النسائى فى سننه عن أسامة بن زيد ، قال : قلت : يا رسول الله ، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ، قال : " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " ([1]).

قال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله:
وفى هذا الحديث فؤائد:

أحدهما: أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان الشهر الحرام وشهر الصيام اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه.
وفي قوله: (يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقا أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم.
وفيه: دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، كما كان طائفة من السلف .

ثم قال رحمه الله :

وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد:

الفائدة الأولى:
أنه يكون أخفى، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل. لا سيما الصيام فإنه سر بين العبد وربه. ولهذا قيل: إنه ليس فيه رياء.
وقد صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد، كان يخرج من بيته إلى سوقه ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته.
وكانوا يستحبون لمن صام أن يظهر ما يخفي به صيامه
فعن ابن مسعود: أنه قال: إذا أصبحتم صياما فأصبحوا مدهنين.
وقال قتادة: يستحب للصائم أن يدهن حتى تذهب عنه غبرة الصيام.
وقال أبو التياح: أدركت أبي ومشيخة الحي إذا صام أحدهم ادهن ولبس صالح ثيابه.

الفائدة الثانية:
أنه أشقّ على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس، وسبب ذلك أن النفوس تتأسى بما تشاهد من أحوال أبناء الجنس، فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم كثر أهل الطاعة لكثرة المقتدين بهم فسهلت الطاعات، وإذا كثرت الغفلات وأهلها تأسى بهم عموم الناس، فيشقّ على نفوس المستيقظين طاعاتهم لقلة من يقتدون بهم فيها، ولهذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم :(للعامل منهم أجر خمسين منكم، إنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون).

الفائدة الثالثة:
أن المفرد بالطاعة من أهل المعاصي والغفلة قد يدفع البلاء عن الناس كلهم، فكأنه يحميهم ويدافع عنهم([2]).
قال العلماء: ورفع الأعمال على ثلاث درجات :
الدرجة الأولى: رفع يومى ويكون ذلك فى صلاة الصبح وصلاة العصر وذلك لما رواه البخارى ومسلم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون "([3]).
الدرجة الثانية:رفع أسبوعى ويكون فى يوم الخميس وذلك لما رواه الإمام أحمد فى مسنده بسند حسن
عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة ، فلا يقبل عمل قاطع رحم "([4]).
الدرجة الثالثة : رفع سنوى ويكون ذلك فى شهر شعبان وذلك لما رواه النسائى عن أسامة بن زيد ، قال : قلت : يا رسول الله ، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ، قال : " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " ([5]) .

وقال الإمام ابن الجوزى رحمه الله:
واعلم أن الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة القدر لاشتغال الناس بالعادات والشهوات ، فإذا ثابر عليها طالب الفضل دل على حرصه على الخير . ولهذا فضل شهود الفجر في جماعة لغفلة كثير من الناس عن ذلك الوقت ، وفضل ما بين العشاءين وفضل قيام نصف الليل ووقت السحر([6]) .
وقال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله:
"قيل في صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.
قال سلمة بن كهيل: كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القرّاء .
وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرّغ لقراءة القرآن([7]).

وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- وفي صومه -صلى الله عليه وسلم- أكثر من غيره ثلاث معان:
أحدها: أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فربما شُغِل عن الصيام أشهراً، فجمع ذلك في شعبان؛ ليدركه قبل الصيام الفرض.
الثاني: أنه فعل ذلك تعظيماً لرمضان، وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيماً لحقها.
الثالث: أنه شهر ترفع فيه الأعمال؛ فأحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُرفعَ عملُه وهو صائم([8]) .

قال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله:
فإن قيل: فكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص شعبان بصيام التطوع فيه مع أنه قال: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم) ؟.
فالجواب: أن جماعة من الناس أجابوا عن ذلك بأجوبة غير قوية لاعتقادهم أن صيام المحرم والأشهر الحرم أفضل من شعبان، كما صرح به الشافعية وغيرهم. والأظهر خلاف ذلك وأن صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم.
ويدل على ذلك ما خرجه الترمذي من حديث أنس سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الصيام أفضل بعد رمضان ؟ قال: (شعبان تعظيما لرمضان) وفي إسناده مقال([9]).

وقال رحمه الله:
فإن قيل: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما) ولم يصم كذلك بل كان يصوم سردا ويفطر سردا ويصوم شعبان وكل اثنين وخميس ؟
قيل: صيام داود الذي فضله النبي صلى الله عليه وسلم على الصيام، قد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر، بأنه صوم شطر الدهر وكان صيام النبي صلى الله عليه وسلم إذا جمع يبلغ نصف الدهر أو يزيد عليه. وقد كان يصوم مع ما سبق ذكره يوم عاشوراء أو تسع ذي الحجة.
وإنما كان يفرق صيامه ولا يصوم يوما ويفطر يوما لأنه كان يتحرى صيام الأوقات الفاضلة. ولا يضر تفريق الصيام والفطر أكثر من يوم. ويوم إذا كان القصد به التقوى على ما هو أفضل من الصيام من أداء الرسالة وتبليغها والجهاد عليها والقيام بحقوقها.
فكان صيام يوم وفطر يوم يضعفه عن ذلك، ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة عمن يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال: (وددت أني طوقت ذلك)
وقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص لما كبر يسرد الفطر أحيانا ليتقوى به على الصيام، ثم يعود فيصوم ما فاته محافظة على ما فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم من صيام شطر الدهر، فحصل للنبي صلى الله عليه وسلم أجر صيام شطر الدهر وأزيد منه بصيامه المتفرق، وحصل له أجر تتابع الصيام بتمنيه لذلك، وإنما عاقه عنه الاشتغال بما هو أهم منه وأفضل. والله أعلم([10]).

حال النبى صلى الله عليه وسلم فى شهر شعبان وذكر شئ من فضائله:
عن أبي سلمة ، أن عائشة رضي الله عنها ، حدثته قالت : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان ، فإنه كان يصوم شعبان كله " ([11])0
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول : لا يفطر ، ويفطر حتى نقول : لا يصوم ، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان "([12]).
قال الإمام ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان"([13]).
وقال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله: "وأما صيام النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر السنة فكان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور"([14]).
وقال الإمام الصنعاني رحمه الله: "وفيه دليل على أنه يخصُّ شعبان بالصوم أكثر من غيره"([15]).
وعن أبي سلمة ، قال : سألت عائشة رضي الله عنها ، عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : " كان يصوم حتى نقول : قد صام ويفطر حتى نقول : قد أفطر ، ولم أره صائما من شهر قط ، أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله ، كان يصوم شعبان إلا قليلا " ([16]).
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صياما منه في شعبان "([17]).

أحاديث عطرة فى فضل صيام التطوع :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:" لا يصوم عبد يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً "([18]).
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال : قلت :يا رسول الله مرني بعمل ينفعني الله به قال: "عليك بالصوم فإنه لا عدل له "وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: " عليك بالصيام فإنه لا مثل له"([19]).
وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من خُتم له بصيام يوم دخل الجنة " ([20]).
قال الإمام المناوي: " أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين ، أو من غير سبق عذاب ([21]).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة ، فشفعني فيه ، ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، قال: فيشفعان " ([22]).

والله من وراء القصد
وهو حسبنا ونعم الوكيل


~~*~~*~~*~~*~~*~~*~~


([1])أخرجه النسائى فى السنن الصغرى - كتاب الصيام- باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي - حديث:‏2329‏ وحسنه الألبانى فى صحيح سنن النسائى حديث 2356
([2])لطائف المعارف : صـ191- 193 .
([3])صحيح البخاري - كتاب مواقيت الصلاة- باب فضل صلاة العصر - حديث:‏540‏، صحيح مسلم - كتاب المساجد ومواضع الصلاة- باب فضل صلاتي الصبح والعصر - حديث:‏1035‏
([4])مسند أحمد بن حنبل - ومن مسند بني هاشم- مسند أبي هريرة رضي الله عنه - حديث:‏10079‏وحسنه الألبانى فى صحيح الترغيب والترهيب حديث 2538 .
([5])أخرجه النسائى فى السنن الصغرى - كتاب الصيام- باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي - حديث:‏2329‏ وحسنه الألبانى فى صحيح سنن النسائى حديث 2356
([6]) التبصرة : جـ2صـ50 .
([7]) لطائف المعارف : صـ196 .
([8])تهذيب السنن: جـ3صـ318 .
([9])لطائف المعارف : صـ188 .
([10]) لطائف المعارف : صـ189 .
([11]) صحيح البخاري - كتاب الصوم -باب صوم شعبان - حديث:‏1881‏ .
([12])صحيح مسلم - كتاب الصيام- باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان - حديث:‏2028‏ .
([13])فتح البارى : جـ4صـ253 .
([14])لطائف المعارف : صـ186 .
([15])سبل السلام : جـ2صـ342 .
([16])صحيح مسلم - كتاب الصيام- باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان - حديث:‏2029‏ .
([17])صحيح مسلم - كتاب الصيام- باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان - حديث:‏2030‏ .
([18])أخرجه البخاري فى صحيحه – كتاب الجهاد والسير – باب فضل الصوم فى سبيل الله حديث رقم (2705) ، وأخرجه مسلم فى صحيحه – كتاب الصيام – باب فضل الصيام فى سبيل الله لمن يطيقه حديث رقم (2021)0
([19]) أخرجه الحاكم فى المستدرك حديث رقم (1466) ، وأخرجه النسائى فى سننه – كتاب الصيام حديث رقم (2204) وصححه الألبانى فى صحيح سنن النسائى حديث رقم (2221) ، وفى صحيح الجامع حديث رقم (4044).
([20]) أخرجه البزار فى المسند حديث رقم (2476) ، وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم (6224).
([21])فيض القدير: جـ2صـ805 .
([22]) أخرجه الحاكم فى المستدرك – كتاب فضائل القرآن – أخبار فى فضائل القرآن جملة حديث رقم (1979) ، وأخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (6454) وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم (3882) ، وصحيح الترغيب والترهيب حديث رقم (1429) .


منقول
صيد الفوائد


صفات المهدي عند أهل السنة



صفات المهدي عند أهل السنة 
 
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*
هل لدى أهل السًنة عقيدة بالمهدي (ع) و مَنْ هُوَ عندهم؟
  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيعتقد أهل السنة أن من أشراط الساعة خروج المهدي آخر الزمان، فيملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويفيض المال.

وقد جاءت السنة ببيان اسمه وصفته ومكان خروجه، فمن ذلك:
1- ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي" وفي رواية لأبي داود: "يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي". والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر والألباني.
2- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلما وجوراً، يملك سبع سنين" رواه أبو داود والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

3- وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
4- وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة" رواه أحمد وابن ماجه، وصححه أحمد شاكر والألباني. قال ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم: (أي يتوب الله عليه، ويوفقه ويلهمه، ويرشده بعد أن لم يكن كذلك).
5- وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويُعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً. يعني حججا" رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وقال عنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: هذا سند صحيح رجاله ثقات.

6- وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي" رواه ابن ماجه والحاكم وقال: على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير: هذا إسناد قوي صحيح.
قال ابن كثير: "والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق، ويبايع له عند البيت، كما دل على ذلك بعض الأحاديث" انتهى.
وقال ابن كثير أيضاً: "والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة، يقتل عنده ليأخذوه ثلاثة من أولاد الخلفاء، حتى يكون آخر الزمان، فيخرج المهدي، ويكون ظهوره من بلاد المشرق، لا من سرداب سامرا، كما يزعمه جهلة الرافضة من وجوده فيه الآن، وهم ينتظرون آخر الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان، وقسط كبير من الخذلان، شديد من الشيطان، إذ لا دليل على ذلك ولا برهان، لا من كتاب ولا سنة ولا معقول صحيح ولا استحسان" انتهى.
وقال ابن القيم في المنار المنيف: (ولقد أحسن من قال:
ما آن للسرداب أن يلد الذي كلمتموه بجهلكم ما آنا؟
فعلى عقولكم العفـاء فإنكم ثلثتم العنقـاء والغيلانـا
ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل) انتهى.

7- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم" رواه البخاري ومسلم.

8- وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة" قال: "فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا. إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة" رواه مسلم. وفي رواية عند الحارث بن أبي أسامة " فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا..." الحديث، قال عنه ابن القيم في المنار المنيف: هذا إسناد جيد.
فهذا بعض ما ورد في ذكر المهدي وخروجه آخر الزمان . وليعلم أن أحاديثه بلغت حد التواتر كما صرح بذلك جماعة من أهل العلم. قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية ( وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عُدّ من معتقداتهم" إلى أن قال: "وقد روي عمن ذُكر من الصحابة وغير من ذُكر منهم رضي الله عنهم، بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي ، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة" انتهى.

وقال الشوكاني: "والأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر ، التي أمكن الوقوف عليها ، منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول..." انتهى.
وقد أنكر جماعة خروج المهدي محتجين بحديث "ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم" وهو حديث رواه ابن ماجه والحاكم، لكنه ضعيف كما جزم بذلك جماعة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره. 
 
والله أعلم
منـــــقول 
 

الأربعاء، 6 مايو 2015

المداومة على العمل الصالح





المداومة على العمل الصالح

لقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فضل المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلا.
قال البخاري في صحيحه: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان، عن موسى بن عقبة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" سددوا وقاربوا، واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".
صحيح البخاري - كتاب الرقاق – باب القصد والمداومة على العمل.- رقم: 6464 –موقع الإسلام.
ومن الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح:
1. الاقتصاد في الطاعة.
2. عدم تكليف النفس ما لا تطيق.
قال البخاري في صحيحه: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى، عن هشام، قال: أخبرني أبي، عن عائشة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال: "من هذه؟" قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: "مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا". وكان أحب الدين إليه مادام عليه صاحبه.
صحيح البخاري - كتاب الإيمان - باب أحب الدين إلى الله عز وجل أدومه – رفم:43- موقع الإسلام.
قال الشيخ ابن عثيمين:
فالمعنى أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أمر هذه المرأة أن تكف عن عملها الكثير، الذي قد يشق عليها وتعجز عنه في المستقبل فلا تديمه، ثم أمر النبي - عليه الصلاة والسلام- أن نأخذ من العمل بما نطيق ، فقال: ( عليكم بما تطيقون ) يعني لا تكلفوا أنفسكم وتجهدوها، فإن الإنسان إذا أجهد نفسه، وكلف نفسه، ملت وكلت، ثم انحسرت وانقطعت .
….قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : "فوالله لا يمل الله حتى تملوا " يعني أن الله عز وجل يعطيكم من الثواب بقدر عملكم، مهما داومتم من العمل فإن الله تعالى يثيبكم عليه .
*وذكر الشيخ من فوائد الحديث:
وفيه أيضاً أنه ينبغي للإنسان أن لا يجهد نفسه بالطاعة وكثرة العمل، فإنه إذا فعل هذا مل، ثم ترك، وكونه يبقى على العمل ولو قليلاً مستمراً عليه أفضل.
الإنسان ينبغي له أن يعمل العـبادة على وجه مقتصد، لا غلو ولا تفريط، حتى يتمكن من الاستمرار عليها، وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل. والله الموفق .
المكتبة المقروءة: الحديث: شرح رياض الصالحين المجلد الثاني – الشيخ ابن عثيمين- باب الاقتصاد فى الطاعة.
منقول 

سُنَّة إكرام الضيف


 
سُنَّة إكرام الضيف

من أعظم سمات المؤمن الكرم، بل جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرم مرادفًا للمؤمن؛ فقد روى مسلم (في صحيحه ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ، فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ» (1). وأحد أبرز مظاهر كرم المسلم عندما يزوره زائر في بيته، فهذا أدعى للتقارب والتحابِّ بين البشر، ويرفع الحرج عن الضيف حيث يُشْعِره بعدم ثقله؛ لهذا كانت سُنَّة إكرام الضيف من أبرز السنن التي دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ممارستها، ويكفي أن خديجة رضي الله عنها عندما أرادت أن تصف رسولَ الله اختارت من صفاته خمسة، كان منها إكرام الضيف، فقالت
-كما روى البخاري (في صحيحه ) عن عائشة رضي الله عنها-: "كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ". (2) فكانت هذه صفات غالبة على طبعه صلى الله عليه وسلم، وقِرَى الضيف أي إكرامه، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الإكرام دليلًا على الإيمان بالله واليوم الآخر؛ فقد روى البخاري (في صحيحه ) عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «.. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ..».


وكرم الضيافة يشمل حُسن الاستقبال، والبشاشة، وتقديم الطعام والشراب، والجلوس في مكان طيب، وقد يتطلَّب المبيت إن دعت الحاجة، وذلك من يوم إلى ثلاثة كما جاء في السُّنَّة، فإن أراد الضيف الزيادة في المبيت على ذلك فالأمر متروك للمضيف، فلو فعل فهي صدقة، ولو أبى فلا إثم عليه، وقد روى البخاري (في صحيحه ) عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَوِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ، حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ». قَالَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» (3).



وروى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ، الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ -أي يُقِيم- عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ» (4). وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ». قَالَ: يُكْرِمُهُ وَيُتْحِفُهُ، وَيَحْفَظُهُ، يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ضِيَافَةً.


فلنحرص على إكرام ضيوفنا، ولْيحرص الضيوف على الجانب الآخر على عدم الإثقال على المضيفين، وبهذا يشترك الجميع في تطبيق السُّنَّة النبوية.



ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].



منقول


*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~

(1) الراوي :  أبو هريرة المحدث : مسلم المصدر :  صحيح مسلم الرقم: 2247 خلاصة  - حكم المحدث : صحيح .



(2) الراوي :عائشة أم المؤمنين المحدث :البخاري              
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3 خلاصة
حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : يونس ومعمر (بوادره) .


(3) الراوي : أبو شريح العدوي الخزاعي الكعبي المحدث :   البخاري المصدر :   صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6019 خلاصة حكم المحدث : [صحيح] .



(4) الراوي :أبو شريح العدوي الخزاعي الكعبي المحدث :   الألباني المصدر : صحيح الجامع- الرقم: 6502 خلاصة حكم المحدث : صحيح .