الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

ضوابط العبادة الصحيحة



ضوابط العبادة الصحيحة



الحمد لله رب العالمين، أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً، وأمرنا بالتمسك به إلى الممات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، وتلك وصية إبراهيم ويعقوب لبنيه: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [البقرة: 132]. خلق الله الجن والإنس لعبادته كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]. وفي ذلك شرفهم وعزهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، لأنهم بحاجة إلى ربهم، ولا غنى لهم عنه طرفة عين، وهو غني عنهم وعن عبادتهم كما قال تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ} [الزمر:7]، وقال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم:8].

 

والعبادة هي: التقرب إلى الله تعالى بما شرعه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه وفائدتها تعود إليهم، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد، ولما كان العباد في ضرورة إلى العبادة، ولا يمكنهم أن يعرفوا بأنفسهم حقيقتها التي ترضي الله سبحانه وتوافق دينه لم يكلهم إلى أنفسهم، بل أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب لبيان حقيقة تلك العبادة، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل:36].

وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25]. فمن حاد عما بينته الرسل ونزلت به الكتب من عبادة الله، وعبَدَ الله بما يملي عليه ذوقه، وما تهواه نفسه وما زينته له شياطين الإنسِ والجن، فلقد ضل عن سبيل الله ولم تكن عبادته في الحقيقة عبادةً لله بل هي عبادة لهواه: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ} [القصص:50]. وهذا الجنس كثير في البشر وفي طليعتهم النصارى ومن ضل من فِرق هذه الأمة، فإنهم اختطوا لأنفسهم خطة في العبادة مخالفة لما شرعه الله في كثير من شعاراتهم، وهذا يتضح ببيان حقيقة العبادة التي شرعها الله على لسان رسول الله  ليتبين أن كل ما خالفها فهو باطل، وإن زعم من أتى به أنه يقربه إلى الله فهو يبعده عن الله.

 

إن العبادة التي شرعها الله سبحانه وتعالى تنبني على أصول وأسس ثابته تتلخص فيما يلي:

 
أولاً: أنها توقيفية بمعنى أنه لا مجال للرأي فيها بل لا بد أن يكون المشرع لها هو الله سبحانه وتعالى أو رسول الله، كما قال تعالى لنبيه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا} [هود:112]، وقال تعالى: {ثُمّ جَعَلنَاكَ عَلَى شَريعَةٍ مِنَ الأمرِ فاتّبِعها ولا تَتّبعِ أهَواءَ الذينَ لا يَعلمُون} [الجاثية:18]. وقال عن نبيه: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام:50].

ثانياً: لا بد أن تكون العبادة خالصة لله تعالى من شوائب الشرك، كما قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110]. فإن خالط العبادة شيء من الشرك أبطلها، كما قال تعالى: {وَلَو أشرَكُوا لَحَبِط عَنهُم مَا كانُوا يَعَملُون} [الأنعام:88]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ} [الزمر:66-65].

ثالثاً: لا بد أن يكون القدوة في العبادة والمبين لها رسول الله  كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:20]، وقال تعالى: {ومَاءَ اتاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُم عَنهُ فانَتّهُوا} [الحشر:7]. وقال النبي: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (مسلم:1718)، وقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (صحيح الجامع:893)، وقوله: «خذوا عني مناسككم» (صحيح الجامع:7882) إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الاقتداء برسول الله  دون سواه.

رابعاً: أن العبادة محدودة بمواقيت ومقادير لا يجوز تعديها وتجاوزها كالصلاة مثلاً، قال تعالى: {إن الصّلاةَ كانَتَ على المُؤمِنِينَ كِتاباً مَوقُوتاً} [النساء:103]. وكالحج، قال تعالى: {الحَجُ أشهُرٌ مَعلومَاتٌ} [البقرة: 197]. وكالصوم، قال تعالى: {شَهرُ رمَضَانَ الّذي أنزلَ فيهِ القُرءَانُ هُدًى للنّاسِ وبَيناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقان فَمنَ شَهدَ مِنكُمُ الشَهرَ فليَصُمهُ} [البقرة:185]. فلا تصح هذه العبادات في غير مواقيتها.

خامساً: لا بد أن تكون العبادة قائمة على محبة الله تعالى والذل له، وخوفه ورجائه، قال تعالى: {أولئِكَ الّذِينَ يَدعُونَ يَبتَغُونَ إلى رَبِهِمُ الوَسِيلَةَ أيّهُم أقرَبُ وَيَرجُونَ رَحمَتَهُ ويًخافُونَ عَذابَهُ} [الإسراء:57]. وقال تعالى عن أنبيائه: {إنّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ في الخَيَراتِ ويَدَعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وكانُوا لنا خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90]. وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:32-31]. فذكر سبحانه علامات محبة الله وثمراتها، أما علاماتها: فإتباع الرسول وطاعة الله وطاعة الرسول، أما ثمراتها: فنيل محبة الله سبحانه ومغفرة الذنوب، والرحمة منه سبحانه وتعالى.

سادساً: أن العبادة لا تسقط عن المكلف من بلوغه عاقلاً إلى وفاته، قال تعالى: {وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، وقال: {واعَبدَ ربَكَ حتَى يأتِيك الَيقِين} [الحجر:99]. والعبادة لها أنواع كثيرة فهي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، فالصلاة والزكاة والصيام والحج من أعظم أنواع العبادة وهي أركان الإسلام، وكذلك الصفات الحميدة، والأخلاق الفاضلة هي من أنواع العبادة، كصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهد والنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد والإحسان إلى الجار واليتيم، والمسكين والمماليك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة وأعمال القلوب من حب الله ورسوله، وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه، فالدين كله داخل في العبادة.





 

وأعظم أنواع العبادة أداء ما فرضه الله وتجنب ما حرمه الله تعالى، قال فيما يرويه عن ربه عز وجل: «وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه» (مجموع الفتاوى:7/492). فأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله وصدق الرغبة فيما عند الله"، وذلك أن الله تعالى إنما افترض على عبده الفرائض ليقربهم عنده، ويوجد لهم رضوانه ورحمته، وأعظم فرائض البدن التي تقرب إليه الصلاة كما قال تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق:19]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد» (مسلم:482). وقال: «إن أحدَكم إذا قام في صلاتِه، فإنما يُناجي ربَّه» (البخاري: 417)، ولكن هذه الصلاة خف ميزانها اليوم عند كثير من الناس كما قال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً . إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} [مريم:60-59].

 

والعجب أن بعضهم يأتي ببعض النوافل أو كثير منها، وهو مضيع للصلاة فتراه يحج ويعتمر وهو مضيع للصلاة، ومنهم من يكثر من الصدقات والتبرعات وهو لا يؤدي الزكاة المفروضة، ومنهم من يحسن أخلاقه مع الناس وهو عاق لوالديه قاطع لرحمه، سيء الخلق مع زوجه، ولا شك أن العدل في الرعية من الفرائض الواجبة سواء كانت رعيته رعية عامة كالحاكم، أو رعية خاصة كالرجل مع أهل بيته، قال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (البخاري: 893)، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» (مسلم:1827).



وأعظم رعاية الأهل والأولاد أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وإلزامهم بأداء الصلاة، ومنعهم من سماع الأغاني والمعازف والمزامير ومشاهدة الأفلام الخليعة والمسلسلات التي تحمل أفكاراً مسمومة أو تشغل عن طاعة الله وذكره، وبعض الآباء الذين هم أشباه الرجال وليسوا برجال يجلبون هذه الآفات إلى بيوتهم، ويتركونها تفتك في أخلاق أولادهم ونسائهم. إن عباد الله حقاً هم الذين يعمرون بيوتهم بطاعة الله، ويربون أولادهم ونساءهم على عبادة الله: {والذّينَ يَبِيتُونَ لِرَبّهِم سُجّداً وقَياماً . والذّينَ يَقُولُونَ رَبّنَا اصرِفَ عَنّا عَذَابَ جَهَنّمَ إن عَذابَها كَانَ غَرَاماً . إنّها سَاءَت مستَقَراً ومُقَاماَ} [الفرقان:64-66]. إن عباد الله هم الذين يدعون الله أن يصلح أزواجهم وذريتهم: {والذّينَ يَقُولُون رَبّنا هِبَ لنا مِن أزوَاجِنَا وذُرِيَاتنَا قُرّة أعيّن واجَعَلنَا للمُتَقِين إمَامَا} [الفرقان:74].

 

إن العبادة لا تنحصر في حد ضيق، ولكنها تشمل كل ما شرعه الله من الأقوال والأعمال والنيات فهي تشمل أقوال اللسان، وحركات الجوارح، ومقاصد القلوب، بل تشكل كل حياة المسلم حتى أكله وشربه ونومه، إذا نوى بذلك التقوي على طاعة الله، بل حتى معاشرته لزوجته إذا نوى بها التعفف عن الحرام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر» (مسلم:1006).

وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته صدقة فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعة صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة» (مسلم:1009).

فاتقوا الله عباد الله واعبدوه كما أمركم؛ قال تعالى: {يَا أيها النَاسُ اعبُدُا ربّكُمُ الذي خَلقَكُم والذّينَ مِن قَبلِكُم لعلَكُم تَتّقٌونَ . الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرضَ فِراشاً والسَمَاءَ بِنَاءً وأنَزَلَ مِنَ السَمَاءِ مَاءً فأخَرجَ بِهِ مِنَ الثمَراتِ رِزقاً لَكُم فَلا تَجعَلُوا لِلهِ أندَاداً وأنتُم تَعلَمُونَ} [البقرة:22-21].




منقـــــول 
طريق الإسلام 
 

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

وليعفوا وليصفحوا





وليعفوا وليصفحوا 

 


فإن العفو عن المعتدي، والصفح عن المؤذي، من أعظم الأعمال، وأكرم الخصال التي يؤجر عليها العبد المسلم الذي آثر آخرته على دنياه، وقدَّم ما يبقى من الأجور والثواب في يوم الحساب على ما يزول ويفنى من أخذ الحقوق واستيفاء ما للنفس من واجبات. 
قال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ} [الشورى من الآية:40]. 

وإنها لكبيرة إلا على أولي العزم من الرجال ذوي العزائم العظام كالجبال! 
قال تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى:43].

وما دام المرء مع غيره من الناس، فإنه لن يسلم من خصيم، ولن تصفو له الحياة من غير تكدير، ولن يعيش فيها من دون معارض أو مغرض، فإنها مطبوعة على الأكدر، ممزوجة بالمنغصات، مختلطة بالمشاكل والخلافات، فهي دار البلايا والرزايا، والسعيد فيها من خرج منها وليس لأحدٍ عليه مظلمة، أو في ذِمَّته مغرمة، وتلك رحى البلاء، ومضمار الاختبار! 


وهنا يبرز دور العفو عن المظالم، والصفح عن المخاصم، والتجاوز عن المعتدي، والسماح للمسيء، لتصفو القلوب، وتتجانس الأرواح، ويتحد الصف، ويلتم الشمل، وتسل سخائم النفوس. 

قال تعالى: {إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء:149].
وليست القوة في أخذ الحقِّ، بل في تركه بعد القدرة عليه، والمسامحة عنه خلف الوصول إليه، وليس لها سوى أهل السُّمو من الهمم، والعلو من العزائم، فالعفو عِزٌّ، والصفح كرامة، والسماحة مروءة. 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عِزاً، وما تواضع أحدٌ لله إلاَّ رفعهُ اللهُ» (صحيح مسلم [4/1588] [2588]).(1)


وما مِنَّا من أحدٍ إلا ويحب أن يُغفر له إذا أخطأ، ويُسامح إذا تجاوز، فلم لا يبذل المعروف لغيره، ويمنح العفو لسواه؟! 
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ارحموا تُرحموا، واغفِرُوا يُغفَر لكُم» (2)(رواه أحمد ، انظر : صحيح الترغيب والترهيب [2/641] [2465]). 


وعن جرير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لا يَرحم لا يُرحم، ومن لا يغفِر لا يُغفر له، ومن لا يتب لا يُتب عليهِ» (3) (أخرجه الطبراني في الكبير ، انظر: السلسلة الصحيحة ([1/792] [483]). 


ونفسك ميدانك الأول، فهب للناس ما ترجوه لنفسك، وسامح من يسيء إليك، واصفح عمّن تعدى عليك، فيوم الجزاء بين يديك، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من رجلٍ يُجرحُ في جسدهِ جِراحةً، فيتصدَّقُ بها، إلاَّ كفَّر الله عنه مثلَ ما تصدَّقَ بهِ» (4)(أخرجه أحمد في المسند، انظر: السلسلة الصحيحة [5/343] [2273]). 


وعن رجلٍ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أُصيبَ بشيءٍ في جسده، فتركَهُ لله عزَّ وجلَّ؛ كان كفَّارةً له»(5) (رواه أحمد ، انظر : صحيح الترغيب والترهيب [2/640] [2461]). 


وبين يديك سار الأبطال، فقدِّم لنفسك قبل خروج نفسك! 
* أُتي عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث فقال لرجاء بن حيوة: "ما ترى؟" قال: إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر، فأعط الله ما يحب من العفو، فعفا عنهم" . 


* عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً استأذن على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأذن له، فقال له: "يا ابن الخطاب! والله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل". فغضب عمر رضي الله عنه حتى همَّ أن يُوقع به، فقال الحرُّ بن قيس: "يا أمير المؤمنين! إن الله عزَّ وجلَّ قال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] وإنَّ هذا من الجاهلين". 


فو الله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله تعالى (مختصر منهاج القاصدين ـ ابن قدامة ـ ص 187). 


* روي عن الحسين بن علي رضي الله عنهما كان له عبد يقوم بخدمته، ويقرب إليه طهره فقرب إليه طهره ذات يومٍ كوزا، فلما فرغ الحسين من طهوره رفع العبد الكوز من بين يديه فأصاب فم الكوز رباعية الحسين، فكسرها، فنظر إليه الحسين، فقال الغلام: "{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}" قال: "قد كظمتُ غيظي" فقال: "{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}" قال "قد عفوتُ عنك"، قال: "{وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}" قال: "اذهب فأنت حرٌ لوجه الله تعالى" قال: "وما جائزة عتقي؟" قال: "السيف والدرقة فإني لا أعلمُ في البيتِ غيرهما" (دليل الفالحين ـ ابن علان الصديقي [1/197]). 


* جاء غلامٌ لأبي ذر رضي الله عنه وقد كسر رجلَ شاةٍ له، فقال له: "مَن كسَر رجل هذه؟" قال: "أنا فعلته عمداً لأغيظك، فتضربني، فتأثم". فقال: "لأغيظنَّ من حرَّضك على غيظي، فأعتقَه وعفى عنه" (مختصر منهاج القاصدين ـ ابن قدامة المقدسي ـ ص 190). 


فأحسن إلى من أساء إليك، وتجاوز عمن تعدي عليك، واعف عمن ظلمك، وأعط من حرمك، وارحم من أغلظ عليك، واجعل عفوك على كرمك دليل، فقد قال تعالى:  {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر من الآية:85].



منقــــول 



(1) الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2588 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | شرح الحديث


(2) ارْحموا تُرْحموا ، واغفِروا يُغْفَرْ لكم ، ويلٌ لأقماعِ القولِ ، ويلٌ للمُصرِّين ، الذين يُصرّون على ما فعلوا وهم يعلمون.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 2257 | خلاصة حكم المحدث : صحيح


(3)  الراوي : جرير بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 6600 | خلاصة حكم المحدث : صحيح .

(4) الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 2273 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح .


(5)  الراوي : رجل من الصحابة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 2461 | خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره .



الأحد، 27 سبتمبر 2015

مسائل وأحكام صلاة الخسوف





مسائل وأحكام صلاة الخسوف:


قال تعالى: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} من حياة قلب المؤمن وحسن المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم الفزع عند الكسوف، هذه الآية التي يخوف الله بها عباده ويذكرهم يوم القيامة.
(فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره)[البخاري] ولايكون ممن قال الله عنهم{سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها}.
تشرع صلاة الكسوف عند رؤيته بالبصر لحديث (فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) ، فلو حال غيم دون رؤية الكسوف فلا تُشرع الصلاة .

جمهور العلماء على أن صلاة الكسوف سنة مؤكدة ليست بواجبة ونقل بعضهم الإجماع على ذلك وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة وقال بعضهم فرض كفاية.


الذي استفاض عند أهل العلم وهو الذي استحبه أكثرهم أنه عليه السلام صلى بهم ركعتين في كل ركعة ركوعان يقرأ قراءة طويلة ثم يركع ركوعا طويلاً .

ثم يقوم فيقرأ قراءة طويلة دون القراءة الأولى ثم يركع ركوعا دون الركوع الأول ثم يسجد سجدتين طويلتين . وثبت عنه أنه جهر بالقراءة فيها .

لا تدرك الركعة بالركوع الثاني وإنما تدرك بالأول فلو دخل مسبوق مع الإِمام بعد أن رفع رأسه من الركوع الأول فإن هذه الركعة تعتبر قد فاتته فيقضيها .

- قراءة الفاتحة وما يليها بعد الركوع الأول سنة لا تبطل الصلاة بتركه فلو نسي القراءة بعد الركوع الأول من الركعة فالصلاة صحيحة .

- من فاته الركوع الأول من الركعة في صلاة الكسوف فقد فاتته الركعة وعليه قضاؤها .

-لا بأس أن تصلي المرأة صلاة الكسوف في بيتها ، وإن خرجت للمسجد بالشروط الشرعية كما فعلت نساء الصحابة فهو أفضل وفيه خير .

- صلاتها الكسوف مع الجماعة أفضل ، وتجوز فرادى لاسيما من فاتته في المسجد.

-إذا انتهت صلاة الكسوف قبل انجلائه انشغلوا بالذكر والدعاء والاستغفار حتى ينجلي، والرباط في المسجد حسن يحقق مصالح شرعية .

-صلاة الكسوف من ذوات الأسباب التي تُصلى في جميع الأوقات، حتى وقت النهي على الراجح من أقوال العلماء. [اللجنة الدائمة].
-يُشرع عند الكسوف بالإضافة إلى الصلاة ذكر الله ودعاؤه والتوبة والاستغفار والصدقة والعتق ووعظ الناس وتخويفهم بالله .

عن أسماء قالت: أطال النبي عليه السلام القيام جداً (الكسوف) حتى تَجلّاني الغَشْي فأخذت قربة من ماء إلى جنبي فجعلت أصب على رأسي أو وجهي من الماء .

الغشى مرض يعرض من طول التعب والوقوف وهو ضرب من الإغماء إلا أنه أخف منه إذا كان خفيفا وإنما صبت أسماء الماء على رأسها مدافعة له.[فتح الباري]

من لم يقدر على القيام في صلاة الكسوف فيكمل الصلاة جالساً، وإذا لم يستطع كما لو حصر ببول أو غائط فلينصرف (ابن عثيمين) ويتطهر ويبتدئ الصلاة .

ينبغي للإمام أن يجعل طول صلاة الكسوف متناسباً مع مدة الكسوف إذا علمها ، ومتناسباً كذلك مع تحمّل المأمومين .
من حكمة وقوع الكسوف: 

-بيان أنموذج ما سيقع في القيامة، فيخاف المؤمن ويتعظ
-التنبيه على سلوك طريق الخوف مع الرجاء لوقوع الكسوف ثم كشفه بعد ذلك ليكون المؤمن من ربه على خوف ورجاء
-الإشارة إلى قبح من يعبد الشمس أو القمر..لما يظهر فيهما من النقص المنزه عنه المعبود جل وعلا [فتح الباري لابن حجر بتصرف].


-تخويف الله لعباده بالكسوف لما فيه من التذكير بيوم القيامة الذي يذهب فيه ضوء الشمس والقمر ويذكّرهم بقدرته على تغيير الأحوال كما غيّر القمرين .


من الغفلة ومما يُؤسف له دعوة الناس إلى اصطحاب تلسكوباتهم ومناظيرهم والانشغال بالرصد والتصوير عن الصلاة، فأين الفزع النبوي الذي ثبت في السنٌة؟


منقول
صفحة الشيخ محمد صالح المنجد فيسبوك

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2015

يوم عرفة






******* يوم عرفة ******

تذكرة ببعض الأعمال الصالحة، جعلنا الله وإياكم من الفائزين


🍂1- الصيام
(يكفر سنة ماضية وسنة قادمة)
   
🍂2-إفطار صائم
(لك مثل أجره)

🍂3- الصلوات المفروضة أول الوقت
(أحب الأعمال إلى الله)

🍂4- التقرب إلى الله بالنوافل
(السنن الرواتب، الضحى ..)

🍂5- لزوم المصلى بعد صلاة الفجر على طهارة وذكر حتى الشروق ثم صلاة ركعتين بعد زوال وقت الكراهة
(أجر حجة وعمرة تامة)

🍂6- الذكر أذكار الصباح والمساء، عقب الوضوء والآذان والصلاة ... )
💦ذكر مطلق (تسبيح، تحميد ، تهليل ...)
💦خاصة التكبير
مطلق في كل وقت
ومقيد عقب الصلوات: اللّٰه أكبر، اللّٰه أكبر، لا إله إلا اللّٰه، اللّٰه أكبر، اللّٰه أكبر، ولله الحمد

🍂7- ترديد لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

🍂8- الدعاء
(خير الدعاء دعاء يوم عرفة، دعاء الصائم لا يرد)

🍂9- الصدقة والجود ونية إدخال السرور على المسلمين 

🍂10- قراءة القرآن وتدبره
....صن قلبك وجوارحك عن فضول النظر والسمع والكلام ، واستغل كل دقيقة في يومك...



🌸تقبل اللّٰه منا ومنكم🌸

الأحد، 20 سبتمبر 2015

ما هو التكبير المطلق والمقيد ؟ ومتى يبدأ ؟.







ما هو التكبير المطلق والمقيد ؟ ومتى يبدأ ؟.



أولاً : فضل التكبير...
الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة أيامٌ معظمة أقسم الله بها في كتابه والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه ، قال تعالى : ( والفجر وليال عشر ) قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف : إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير : " وهو الصحيح " تفسير ابن كثير8/413 .



والعمل في هذه الأيام محبوبٌ إلى الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ .





فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " رواه البخاري ( 969 ) والترمذي ( 757 ) واللفظ له وصححه الألباني في صحيح الترمذي 605





ومن العمل الصالح في هذه الأيام ذكر الله بالتكبير والتهليل لما يلي من الأدلة :
1- قال تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) الحج / 28 . والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة .


2- قال تعالى : ( واذكروا الله في أيام معدودات ... ) البقرة / 203 ، وهي أيام التشريق .


3- ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ) رواه مسلم 1141


ثانياً : صفته ...


اختلف العلماء في صفته على أقوال :





الأول : " الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد "



الثاني : " الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد "



الثالث : " الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد " .

والأمر واسع في هذا لعدم وجود نص عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد صيغة معينة .



ثالثاً : وقته ...



التكبير ينقسم إلى قسمين :





1- مطلق : وهو الذي لا يتقيد بشيء ، فيُسن دائماً ، في الصباح والمساء ، قبل الصلاة وبعد الصلاة ، وفي كل وقت .

2- مقيد : وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات .



فيُسن التكبير المطلق في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق ، وتبتدئ من دخول شهر ذي الحجة ( أي من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة ) إلى آخر يوم من أيام التشريق ( وذلك بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ) .



وأما المقيد فإنه يبدأ من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق - بالإضافة إلى التكبير المطلق – فإذا سَلَّم من الفريضة واستغفر ثلاثاً وقال : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " بدأ بالتكبير .


هذا لغير الحاج ، أما الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حقه من ظهر يوم النحر .



والله أعلم .


أنظر مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله 13/17 ، والشرح الممتع لابن عثيمين رحمه الله 5/220-224 .









الإســلام ســؤال وجواب

الجمعة، 18 سبتمبر 2015

التبيان في فضائل ذكر الرحمن






التبيان في فضائل ذكر الرحمن





قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ 
 [الأحزاب: 41-43].

وقال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا 
[الطلاق: 10].

وقال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا 
[طه: 99].

وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا
 [البقرة: 200].

وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى [طه: 130].

وقال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 35].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً"[1].

وعَنْ أَبِي مُوسَى، قال: قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ"[2].

وعند مسلم: " مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ الله فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لاَ يُذْكَرُ الله فيه، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ".

وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ مِنْ جَلاَلِ اللهِ، مِنْ تَسْبِيحِهِ، وَتَحْمِيدِهِ، وَتَكْبِيرِهِ، وَتَهْلِيلِهِ، يَتَعَاطَفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ، لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، يُذَكِّرْنَ بِصَاحِبِهِنَّ، أَلاَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ لاَ يَزَالَ لَهُ عِنْدَ اللهِ شَيْءٌ يُذَكِّرُ بِهِ[3].



إن شاء الله

الخميس، 17 سبتمبر 2015

((خُذُوا جُنَّتَكُمْ))!..







((خُذُوا جُنَّتَكُمْ))!..
 
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((خُذُوا جُنَّتَكُمْ))!
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَمِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟
قَالَ: ((لَا! وَلَكِنْ خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ!
قُولُوا: سُبْحَانَ اللهِ
وَالْحَمْدُ للهِ
وَلَا إِلَٰهَ إِلَّا اللهُ
وَاللهُ أَكْبَرُ
هُنَّ مُعَقِّبَاتٌ!
وَهُنَّ مَجَنِّبَاتٌ وَمُقَدِّمَاتٌ!
 وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ!)).
رواهُ النَّسائيُّ وغيره، وحسَّنَهُ الوالدُ -رحمهُمُ اللهُ-. 
يُنظر: "سلسلة الأحاديث الصّحيحة"، (3264).

معنىٰ*:
- (جُنَّتَكُمْ): -بِضَم الْجِيم وَتَشْديد النُّون- وقايَتَكُمْ؛ أَيْ: مَا يَسْترُكُم ويقيكُمْ.
- (مُعَقِّبَاتٌ): مؤخّرَاتٌ يعْقِبْنَكُمْ مِنْ ورَائِكُم.
- (مَجَنِّبَاتٌ): لِقَائِلِهِنَّ. ومُجَنِّبَة الجيْش: هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي المَيْمنة والمَيْسَرة، وهُما مُجَنِّبَتَان، وَالنُّونُ مَكْسُورَةٌ.
وَقِيلَ هِيَ الكتِيبة الَّتِي تَأْخُذُ إحْدى نَاحِيَتيِ الطَّرِيقِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي البَاقِيات الصَّالِحاتِ: (هُنَّ مُقَدِّمات، وهُنّ مُجَنِّبَات، وهُنّ مُعَقِّبات).
- (وَمُقَدِّمَاتٌ): أيْ: مُقَدِّمَاتٌ أَمَامَكُم.
 - (الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ): البَاقِي مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَعْدَ فَنَاءِ الحَياةِ الدُّنْيا. تَبْقَى لِأَهْلِهَا فِي الْجَنَّةِ، مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ!

أسأله تعالىٰ أن يرزقَنا الباقياتِ الصّالحاتِ؛ إنّه قريبٌ مجيبٌ.
وَصَلَّىٰ اللهُ عَلَىٰ نَبيِّنًا مُحمَّدٍ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ .
~~~
السّبت: 15/ ربيع الثّاني/ 1435هـ‍

* اختصرتُ تلك المعاني من:
"التّيسير بشرح الجامع الصغير"، (1/ 513)
"النهاية في غريب الحديث"،  (1/ 303)
"تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين"، (ص: 369)
"تفسير الطبريّ"، تحقيق: أحمد شاكر، (18/ 31)
"تفسير ابن كثير"، (5/ 164).

الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

قطوف من الذكر









قطوف من الذكر



خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النارِ





خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النارِ ؛ قولوا : سبحانَ اللهِ ، و الحمدُ للهِ ، ولَا إلهَ إلَّا اللهِ ، واللهُ أكبرُ ، فإِنَّهنَّ يأتينَ يومَ القيامةِ مُقَدِّمَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ وَمُجَنِّبَاتٍ ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ.

الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 3214 | خلاصة حكم المحدث : صحيح






كَنزٌ من كُنوزِ الجنةِ






كنا معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفَرٍ، فكنا إذا عَلَونا كبَّرنا، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أيُّها الناسُ اربَعوا على أنفسِكم، فإنكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائبًا، ولكنْ تَدْعونَ سميعًا بصيرًا ) . ثم أتى عليَّ وأنا أقولُ في نفْسي : لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، فقال : ( يا عبدَ اللهِ بنَ قَيسٍ، قُلْ : لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، فإنها كَنزٌ من كُنوزِ الجنةِ ) . أو قال : ( ألا أدُلُّكَ على كلمةٍ هي كَنزٌ من كُنوزِ الجنةِ ؟ لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ ) .


الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6384 |خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | انظر شرح الحديث رقم 907 .








من عجز منكم عن الليلِ أن يكابدَه







من عجز منكم عن الليلِ أن يكابدَه ، وبخِل بالمالِ أن ينفقَه ،
وجبُنَ عن العدوِّ أن يجاهدَه ؛ فليُكثِرْ ذكرَ اللهِ .



الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر :
صحيح الترغيب .. الصفحة أو الرقم: 1496 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره .