موقف
عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في غزوة مؤتة
واستشهاده
فيها .
نبذة
عن غزوة مؤتة
وهى
بأدنى البلقاءِ من أرض الشام، وكانت فى جُمادى الأُولى سنة ثمان، وقيل كان سببُها
أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عميرٍ الأَزْدِى أحَد بنى لِهْب
بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم أو بُصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغسانى، فأوثقه
رِباطاً، ثم قدَّمه فضرب عنقه، ولم يُقْتَل لِرسول الله صلى الله عليه وسلم رسولٌ
غيره، فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر،
فبعث البعوثَ، واستعمل عليهم زيد بن
حارثة، وقال: ((إنْ أُصيبَ فَجَعْفَرُ بْنُ أبى طالب عَلى النَّاس، فإنْ أُصِيبَ
جَعْفَرٌ، فَعَبْدُ الله بْنُ رَواحة)).
فتجهَّز
الناس وهُم ثلاثةُ آلاف، فلما حضر خروجُهم، ودَّع الناسُ أُمراءَ رسولِ الله صلى
الله عليه وسلم، وسلَّمُوا عليهم، فبكى عبدُ الله بنُ رواحة، فقالوا: ما يُبكيك؟
فقال: أما واللهِ ما بى حُبُّ الدنيا ولا صَبابَةٌ بكم، ولكنى سمعتُ رسولَ الله
صلى الله عليه وسلم يقرأ آيةً مِن كتاب الله يذكُر فيها النار: {وَإنْ مِنْكُمْ
إلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً}[مريم: 71]، فلستُ أدرى
كيف لى بالصَّدَرِ بَعْدَ الوُرُودِ؟ فقال المسلمون: صحبكم اللهُ بالسلامة، ودفعَ
عنكم، وردّكم إلينا صالِحين، فقال عبد الله بن رواحة:
لكِنَّنِى
أَسْأَلُ الرَّحْمنَ مَغْفِرَةً * * * وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِف الزَّبدَا
أَوْ
طَعْنَةً بيَدى حَرَّان مُجْهِزَةً * * * بِحَرْبَةٍ تُنْفِذُ الأَحْـشَاءَ
والكَبِدا
حَتَّى
يُقَالَ إذا مرُّوا عَلى جَدَثى * * * يَا أَرْشَدَ اللهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ
رَشَدا
ثم
مَضَوْا حتى نزلوا مَعَان، فبلغ الناسَ أن هِرَقْل بالبلقاء فى مائة ألفٍ مِن
الروم، وانضمَّ إليهم مِن لَخم، وجُذام، وبَلْقَيْن، وبَهْرَاء، وبَلي، مائةُ ألف،
فلما بلغ ذلك المسلمين، أقامُوا على مَعان ليلتين ينظرون فى أمرهم وقالوا: نكتُبُ
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنُخبِرُه بعدد عدونا، فإما أن يُمِدَّنا
بالرجال، وإما أن يأمُرَنَا بأمره، فنمضى له، فشجع الناسَ عبدُ الله بن رواحة،
فقال: يا قوم؛ واللهِ إنَّ الذى تكرهون للتى خرجتُم تطلبُون: الشهادة، وما
نُقاتِلُ الناسَ بعدد ولا قُوَّة ولا كثرة، ما نُقاتلهم إلا بهذا الدين الذى
أكرمنا به الله، فانطلِقُوا، فإنما هى إحدى الحُسنيين، إما ظَفَرٌ وإما شَهَادَةٌ.
فمضى
الناسُ حتَّى إذا كانوا بتُخُوم البَلقاء، لقيتهم الجموعُ بقرية يقال لها:
مَشَارف، فدنا العدوُّ، وانحاز المسلمون إلى مؤتة، فالتقى الناس عندها، فتعبَّى
المسلمون (أ. هــ) . (1)
في
سبب الغزوة
) "ينفرد الواقدي بذكر
السبب المباشر لهذه الغزوة ، وهو أن شّرحبيل بن
عمرو
الغساني ، قتَل صبرا اًلحارث بن عمير الأزدي ، الذي أرسله الرسول صلى الله عليه
وسلم إلى ملك بصُرى بكتابه ، وكانت الرسل لاتقُتل ، فغضب رسول الله صلى اللهْ عليه
وسلم وأرسل الجيش إلى مؤتة . والواقدي ضعيف لايعُتمد عليّه خاصة إذا
انفرد
بالخبر والقول بأن الواقدي ضعيف فيه تساهل
، فقد نص أَّكثَر علماء الجرحوالتعديل على أنه متروك ، منهم : ابن المبارك ، وأ
حمد ، والبخاري ، وأبو زرعة
، وأبو حانم ، وغيرهم ولهذا قال الحافظ في التقريب"متروك مع سعة علمّه )
3(" وقال عنه في الفتح : "لا ُيحتج
به إذا انفرد فكيف إذا خالف ) (2)
ما
حدث مع الأمراء الثلاثة رضي الله عنهم
بعثَ
رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ جيشًا استعملَ عليهم زيدَ
بنَ حارثةَ وقالَ فإن قُتِلَ زيدٌ - أوِ استُشهِدَ - فأميرُكم جعفرٌ فإن قُتِلَ -
أوِ استُشهِدَ - فأميرُكم عبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ فلقوا العدوَّ فأخذَ الرَّايةَ
زيدٌ فقاتلَ حتَّى قُتِلَ ثمَّ أخذَ الرَّايةَ جعفرٌ فقاتلَ حتَّى قُتِلَ ثمَّ
أخذها عبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ فقاتلَ حتَّى قُتِلَ ثمَّ أخذَ الرَّايةَ خالدُ بنُ
الوليدِ ففتحَ اللَّهُ عليهِ وأتى خبرُهمِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى
آلِهِ وسلَّمَ فخرجَ إلى النَّاسِ فحمدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ وقالَ إنَّ إخوانَكم
لقوا العدوَّ وإنَّ زيدًا أخذَ الرَّايةَ فقاتلَ حتَّى قُتِلَ - أوِ استشهِدَ -
ثمَّ أخذَ الرَّايةَ بعدَهُ جعفرُ بنُ أبي طالبٍ فقاتلَ حتَّى قُتِلَ - أوِ
استشهِدَ - ثمَّ أخذَ الرَّايةَ عبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ فقاتلَ حتَّى قُتِلَ -
أوِ استشهِدَ - ثمَّ أخذَ الرَّايةَ سيفٌ من سيوفِ اللَّهِ خالدُ بنُ الوليدِ
ففتحَ اللَّهُ عليهِ فأمهلَ ثمَّ أمهلَ آلَ جعفرٍ - ثلاثًا - أن يأتيَهم ثمَّ
أتاهم فقالَ لا تبكوا على أخي بعدَ اليومِ ادعوا إلي ابنيِ أخي قالَ فجيءَ بنا
كأنَّا أفرخٌ فقالَ ادعوا ليَّ الحلَّاقَ فجيءَ بالحلَّاقِ فحلقَ رؤوسَنا ثمَّ
قالَ أمَّا محمَّدٌ فشبيهُ عمِّنا أبي طالبٍ وأمَّا عبدُ اللَّهِ فشبيهُ خُلُقي
وخَلْقي ثمَّ أخذَ بيدي فأشالها فقالَ اللَّهمَّ اخلُف جعفرًا في أهلِهِ وبارِك لعبدِ
اللَّهِ في صفقةِ يمينِهِ قالها ثلاثَ مرَّاتٍ قالَ فجاءتِ أمُّنا فذكرَت لهُ
يُتمَنا وجعلت تُفْرِحُ لهُ فقالَ العيلةَ تخافينَ عليهم وأنا وليُّهم في الدُّنيا
والآخرةِ. (3)
قصة از
وْ رِار سرير اين رواحة عن صاحبيه:
لا
تصح
قال
ابن إسحاق : " ولما أصيب القوم قال رسول الله ط!يل فيما بلغني : أخذ
الراية
زيد بن حارثة ، فقاتل بها حتى قتل شهيد اً ، ثم أخذها جعفر فقاتل بها
حتى
ق تُل شهيدا ،ً قال : ثم صمت رسول الل هّ ظ! حتى تغيرت وْجوه الأنصار، وظنوا أنه
قد كان في عبد اللهّ بن رواحة بعض مايكرهون ، ثم قال : ثم أخذها عبداللهّ بن رواحة
فقاتل بها حتى ق تُل شهيدا ،ً ثم قال لقد ر فُعوا إلي فّي الجنة ، فيما يرى النائم
، على س رُر من ذهب ، فرأيت في سرير عبد اللهّ
بن رواحة ازورارا عًن سريري صاحبيه . فقلتّ : عم هَّذا ؟ فقيل لي : مضيا، وترد دّ ثم
مضى قال ابن كثير! لما أروده في البداية
هكذا
ذكر ابن إسحاق هذا منقطعا وذكره الهيثمي مما في المجمع ( وقال : " رواه
الطبراني ورجاله ثقات ) ( " ولايخفى أن هذه العبارة لاتعني صحة الحديث ، بل
ثقة رجاله فحسب.وقال الألباني رحمه الله ! : " رواه ابن إسحاق بلاغا ،ً فهو
ضعيف الإسناد ) . وأشار إلى ضعف القصة أيضا اًلشيخ سلمان اّلعودة - حفظه الفه - في
شرحه ( لبلوغ المرام ) 13
وذكرها
ابن القيم في )الزاد( وقال المحققان :ّ " أخرجه ابن هشام عن ابن) إسحاق بلاغ
اً) 14
وإخباره
صلى الله عليه وسلم أصحابه بنتيجة المعركة
، واستشهاد قادتها الثلاثة ثابت في الصحيح ، فقد روى البخاري في صحيحه عن أنس
مم!قه " أن اّلنبي !د! نعى زيداً
وجعفرا
وًابن رواحة للناس قبل أن يّأتيهم خبرهم ، فقال : أخذ الراية زيد
فأصيب
، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب - وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف
من سيوف الله .(4)
استقبال
الناس لجيش مؤتة بالقول يا فرار
ورد
الخبر في حديث أخرجه العلامة الألباني على هذا النحو:
فلما
سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين ، تلقوهم بالجرف ، فجعل الناس يحثون في وجوههم
التراب ويقولون : يا فرار ! أفررتم من سبيل الله؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ليسوا بفرار ، ولكنهم كرار إن شاء الله .(5)
الراوي:
المحدث: الألباني - المصدر: دفاع عن الحديث – الصفحة أو الرقم: 31 - خلاصة حكم المحدث: منكر بل باطل
أمور
انفردت غزوة مؤتة بأمور لم يحدث
مثلها في غيرها وذلك على النحو التالي:
1- كونها سميت غزوة ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج
فيها، والمعروف في الاصطلاح أن المعارك التي لم يخرج فيها رسول الله صلى الله عليه
وسلم إنما تسمى سرايا.
2- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر فيها ثلاثة أمراء
بالترتيب، روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن
قتل زيد فجعفر، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة.
3- أن خالد بن الوليد قد أخذ الراية بعد قتل الأمراء الثلاثة، ولم
يكن أصلا مؤمرا من طرف رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرج البخاري وغيره أن النبي
صلى الله عليه وسلم: نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم....
الحديث. وفيه يقول: حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.
--------------------------------------------------
(1)فى غزوة مؤتة زاد المعاد في هدي
خير العباد للحافظ ابن القيم فى غزوة مؤتة .
(2)من كتاب ما شاع ولم يثبت في السنة
النبوية - ما شاع ولم يثبت في غزوة مؤتة –
ص182 – تأليف محمد بن عبد الله العوشن
.
(3)الراوي: عبدالله بن جعفر بن أبي
طالب المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 560 - خلاصة حكم
المحدث: صحيح على شرط مسلم .
.(4) من كتاب ما شاع ولم يثبت في
السنة النبوية - ما شاع ولم يثبت في غزوة
مؤتة – ص184 – تأليف محمد بن عبد الله العوشن .
(5)الراوي:
المحدث: الألباني - المصدر: دفاع عن الحديث – الصفحة أو الرقم: 31 - خلاصة حكم المحدث: منكر بل باطل