الخميس، 22 أكتوبر 2015

روعة الفتاة المتفائلة





روعة الفتاة المتفائلة





إذا قلنا كلمة (فتاة) أشرقت في أنفسنا بهجة التفاؤل، فقد خلقها الله تعالى مقرونة بالبهجة والفرح فهي مصدر الحب والعطاء لمن حولها، قد امتلأ قلبها بالإيمان وأشرقت نفسها بالطهر والعفاف، والتزمت بالنظافة والحلي؛ فصارت قرة عين لكل من ينظر إليها..! لا يليق بها أبداً أن تتشاءم، فما أبعدها عن معاني الكآبة واليأس، وما ألصقها بمعاني القوة والصبر والتفاؤل..!
إليك فتاتي كلماتٌ عن قيمة التفاؤل، وأهميتها للفتاة المسلمة..
معنى التفاؤل..
التفاؤل: يعني انشراح القلب وتوقع الخير، وفوائده لا تحصى، فهو يقوِّي العزم، ويبعث على الجدّ، ويُعِين على إدراك الهدف؛ وهو يجلب الطمأنينة وسكون النفس، وفيه اقتداء بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم القائل "فسدِّدوا وقاربوا، وأبشروا "؛ والتفاؤل يمكِّن الإنسان من إدارة أزْمَته بثقة وهدوء فيحصل الفرج بعد الشِّدَّة بأمر الله تعالى ووعده لعباده، قال تعالى:"فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا" – الشرح:6،5- .
نعم إنه التفاؤل، ذلك السلوك الذي يصنع به الرجال مجدهم، ويرفعون به رؤوسهم، فهو نور وقت شدة الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات، ومتنفس وقت ضيق الكربات، وفيه تُحل المشكلات، وتُفك المعضلات، وهذا ما حصل مع الرسل والأنبياء وأتباعهم عندما تفاءلوا وتعلقوا برب الأرض والسماوات؛ فجعل الله لهم من كل المكائد والشرور والكُرب فرجاً ومخرجاً.

طبيعة الأنثى أكثر خوفاً من الذكور..!
إنّ أسمى ما يصبو إليه الفضلاء: صحة النفس، فهي عندهم أعظم من صحة البدن، وهي ما يُعبَّر عنه أحياناً بالسعادة، التي يتشوَّقها كل إنسان، ويسعى إليها بجهده، فإذا حصلت له لم يلتفت إلى غيرها من ملاذّ الحياة؛ لكونها أعظم ملذاتها، وأفضل خبراتها، والفتيات بأصلهن البشري، وطبعهن الأنثوي ينزعن إلى الراحة النفسية والأمان كأشد ما يكون، ويشعرن بحاجتهن الملحة إلى تذوُّق السعادة القلبية والاطمئنان، لاسيما وأنهن - حسب ما تشير إليه بعض الدراسات - أكثر في مخاوفهن من الذكور، إلا أنهن كثيراً ما يتهن عن مصادر السعادة النفسية ووسائلها الصحيحة، فربما توجَّهن إلى أحلام اليقظة يخففن بها من توترهن، ويشعرن من خلالها بشيء من السعادة المتوهمة؛ ولهذا يُلاحظ انتشار أحلام اليقظة بينهن أكثر من الذكور، وربما غرقن في بعض ملذات الحياة الدنيا المادية من المأكل، والمشرب، واللباس، واللهو ظناً منهن أنها وسائل للراحة والاطمئنان النفسي، معتقدات أن السعادة مادية النزعة، في حين أن حقيقة "السعادة تنبع من داخل الإنسان، ولا تأتيه من خارجه، وهي ليست في تحصيل الملذات والشهوات الحسية بقدر ما هي في تحصيل الملذات النفسية والروحية، التي تبعث في النفس طمأنينة، وانشراحاً، وراحة، وصفاء"، والتي لا يمكن أن تحصل بمعصية الله تعالى، أو في غير الأسلوب والنهج الذي شرعه لتطهير النفس وتزكيتها.
ورغم أن الشباب في العموم يعانون في كثير من الأحوال من مشكلات الخوف، وفقدان الشعور بالأمن؛ فإن الإناث من فئة الشباب أكثر معاناة من مشكلة الخوف، وأعظم حاجة إلى الشعور بالأمن؛ حيث تكثر لديهن المخاوف من: المرض، والحوادث، وفقدان الوالدين أو مرضهما، والحمل، والإخفاق الدراسي، ونحوها من المخاوف المتنوعة. (د.عدنان با حارث:ملف التربية النفسية للفتاة/موقع د.عدنان باحارث)

أهم أسباب الشعور بالخوف لدى الفتاة:
ولعل أسباب هذه المخاوف غالباً ما ترجع إلى ضعف الصلة بالله تعالى الذي بذكره تطمئن القلوب، وتسكن النفوس، كما قال عزّ وجلّ: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" - الرعد:28- ، أو إلى جانب توتر المناخ الأسري، وفقدان القدوة الصالحة، وربما يرجع إلى سبب خِلقي مثل وجود جهاز عصبي سريع الاستثارة، يستجيب بصورة مفرطة لمخاوف وأوهام لا حقيقة ولا واقع لها، أو عن طريق قراءة الروايات والقصص المرعبة، أو مشاهدة الأفلام والبرامج التلفزيونية المروِّعة، أو ربما انتقلت مخاوف الوالدين الخاصة بهما إلى الأبناء بطريقة من طرق الإيحاء غير المباشر، فيعانون مخاوفها بلا مبرر منطقي.

كيف تكونين  متفائلة ؟
إن مخاوف الفتاة تنتهي، وتزول آثار أوهامها المزعجة، ويحصل لها الاسترخاء النفسي إذا قويت صلتها بالله تعالى، وثقتها فيه، فإنها الدواء الذي يصلح لكافة المخاوف والصراعات والأزمات النفسية، والفتاة بالفطرة تتوجه إلى الدين إذا ما شعرت بحاجتها إلى الأمن، فتعيش حياتها مطمئنة برعاية الله تعالى وعونه؛ إذ إن أمور الحياة بمتغيراتها المختلفة لا تعتمد عليها بالدرجة الأولى، فإذا اجتمع إلى هذا الشعور الروحي العميق استقرار الأسرة، وسلامتها من التوترات والصراعات الوالدية، فإن الفتيات - في مثل هذه الظروف - يفقن الذكور في الشعور بالأمن، والاستمتاع بالاستقرار الأسري .  (د.عدنان حسن باحارث:ملف التربية النفسية للفتاة)

- تعميق عقيدة الإيمان القضاء والقدر في نفس الفتاة:
إن الفتاة المسلمة التي تتحرك في معية الله تعالى ، تكون ذات قلب تتملكه معاني الرضا والحب والطمأنينة، مما يجعل خطواتها في الحياة أكثر ثقة ومتانة، وأكثر وعياً بمعاني القضاء والقدر وسنة الله تعالى في الابتلاء والمحن، وأنّ من ورائها خيرا كثيرا للعباد، عن صهيب رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه إذ ضحك ، فقال : ألا تسألوني مم أضحك ؟ قالوا : يا رسول الله ومم تضحك ؟ قال : عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير ؛ إن أصابه ما يحب حمد الله ، وكان له خير ، وإن أصابه ما يكره فَصَبَر كان له خير ، وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن" – رواه الإمام أحمد -  (كريم الشاذلي:امرأة من طراز خاص،ص:99)

- اتخاذ القدوة الحسنة:
وأعظم ما تجد الفتاة ذلك في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان من الصفات النبيلة والخصال الحميدة التي حبا الله بها نبيه الكريم ورسوله العظيم صفة التفاؤل، إذ كان صلى الله عليه وسلم متفائلاً في كل أموره وأحواله، في حلِّه وترحاله، في حربه وسلمه، في جوعه وعطشه، ففي أصعب الظروف والأحوال يبشر أصحابه بالفتح والنصر على الأعداء، ويوم هجرته إلى المدينة فراراً بدينه وبحثاً عن موطئ قدم لدعوته يقول الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطباً صاحبه وهو في حال ملؤها التفاؤل والثقة بالله : ( يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن إن الله معنا ) – متفق عليه - ثم نجده يبشر عدواً يطارده يريد قتله (سراقة بن مالك) بكنز سيناله وسوار مَلِكٍ سيلبسه، وأعظم من ذلك دين حق سيعتنقه، وينعم به ويسعد في رحابه.

الانشغال بالأعمال النافعة وترك الكسل والخمول سبيل التفاؤل:
إنّ الفتاة التي لها نفس طموحة متطلعة إلى العلا والرقي؛  لابد لها أن تكون لديها عزيمة قوية وهمة عالية تساعدها في الوصول إلى ما تريد وما تطمح إليه، لذلك لابد من العمل الدؤوب مع الصبر والتفاؤل.
والتفاؤل قرين العمل، تماماً كما أن التشاؤم وضيق النفس قرين البطالة والكسل، فعلى الرغم من أن العمل يتعب البدن إلا أنه يشرق في الروح تفاؤلاً ورضاً واطمئناناً، ورحم الله الإمام ابن القيم وهو يقرر هذه القواعد النفسية السلوكية الرائعة، يقول رحمه الله:
( قد أجمع عقلاء كل أمة..على أن النعيم لا يدرك بالنعيم ..وأن من آثر الراحة.. فاتته الراحة.. وأن بحسب ركوب الأهوال.. واحتمال المشاق.. تكون الفرحة واللذة .. فلا فرحة لمن لا هم له . .ولا لذة لمن لا صبر له .. ولا نعيم لمن لا شقاء له.. ولا راحة لمن لا تعب له..بل إذا تعب العبد قليلا..استراح طويلا إنما تخلق اللذة والراحة والنعيم.. في دار السلام ..وأما في هذه الدار فكلاّ ).
وعليكِ بتحديد الأولويات أولاً، ثم الالتزام بها ما أمكن، ومن ثَمَّ إنجاز الأعمال في أوقاتها المحدودة والالتزام بالمواعيد واحترامها، وهذا كله يقتضي ضرورة الاهتمام بالوقت والرغبة الجادة في استثمار كل دقيقة منه.

وأخيرا..
ابنتي الحبيبة..تذكري

إنّ أروع ما في التحلي بصفة التفاؤل هو حسن الظن بالله والتوكل عليه، فذلك باعث على الاعتقاد أن وراء المحنة والمصيبة فرج قريب، و يسر رهيب، و أجر كبير، فإذا أوكل الإنسان نفسه لربه واتسم بالرضا على القضاء وتحلى بالصبر وتسلح بالدعاء فإن ذلك يقود لحالة نفسية إيجابية تقاوم أحزان الحياة وآهاتها وتنسف جبال اليأس وقشورها...
فلتشرق نفسك بالتفاؤل والأمل..وأنت تستقبلين أسعد أيامك بإذن الله تعالى




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
-         الشخصية الساحرة:كريم الشاذلي
-         موقع د.عدنان حسن باحارث/ شبكة الانترنت
-         مقالة/فن السرور:أ.أحمد أمين
-  امرأة من طراز خاص:كريم الشاذلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق