مشروعية التكبير عند الفرح والسرور
فالتكبير عند الفرح والسرور أمر مستفيض في السنة، مشهور عند السلف، ومن أمثلة ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر أصحابه أنهم ربع أهل الجنة، ثم ثلث أهل الجنة، ثم شطر أهل الجنة، كانوا يكبرون في كل مرة. رواه مسلم.(1)
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود: هذا يدل على أنه عندما يأتي شيء سار أنه يشرع التكبير، ولا يصلح التصفيق مثل ما يحصل في هذا الزمان عند كثير من الناس. اهـ.
وعن أبي عبيدة عن ابن مسعود قال: أتيت
النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقلت: قتلت أبا جهل، قال: آلله الذي لا
إله إلا هو؟! قلت: آلله الذي لا إله إلا هو، فرددها ثلاثا، قال: الله أكبر،
الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، انطلق فأرنيه،
فانطلقنا فإذا به، فقال: هذا فرعون هذه الأمة. رواه أحمد.(2)
وكبَّر النبي صلى الله عليه وسلم عندما بُشِّر بولادة أم سليم لعبد الله بن أبي طلحة. رواه أحمد.(3)
ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة،
تلقاه الناس فخرجوا في الطريق وعلى الأجاجير فاشتد الخدم والصبيان في
الطريق يقولون: الله أكبر! جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد.(4)
وكبَّر عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ حينما شهد له المسلمون لما حوصر في داره، أنه لما كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبل ثبير، فقال: اسكن ثبير، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان، فقال: الله أكبر، شهدوا لي ورب الكعبة، يعني أني شهيد. رواه النسائي، وصححه الألباني.(5)
وكبَّر علي بن أبي طالب لما وجد ذا الثدية في قتلى يوم النهروان. رواه أحمد.
وكبر عبد الله بن عباس لما أمر أبا جمرة الضبعي بالتمتع في الحج، فأتاه
آت في منامه فقال: عمرة متقبلة وحج مبرور، فأتى ابن عباس فأخبره فقال:
الله أكبر، الله أكبر، سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.
وكبَّر عبد الله ابن مسعود حينما أُخبر بموافقة حكم النبي صلى الله عليه وسلم لحكمه في المتوفى عنها زوجها إذا لم يفرض لها صداقا. رواه أبو داود.
وفي رواية الترمذي: ففرح بها ابن مسعود.
وكبر حرام بن ملحان عندما طعن وقال: فزت ورب الكعبة. رواه أحمد.
وعن غضيف بن الحارث قال: قلت
لعائشة: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة في أول
الليل أو في آخره؟ قالت: ربما اغتسل في أول الليل وربما اغتسل في آخره،
قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، قلت: أرأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان يوتر أول الليل أم في آخره؟ قالت: ربما أوتر في أول
الليل وربما أوتر في آخره، قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في الأمر
سعة، قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقرآن أم يخفت
به؟ قالت: ربما جهر به وربما خفت، قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في
الأمر سعة. رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني.
وأما صيغة هذا التكبير وعدده فلم يرد به أمر نبوي ولا سنة مخصوصة،
فالأمر في ذلك واسع، والجمع بينه وبين الحمد هو الأنسب لأداء شكر النعمة
التي يُفرح بها، وهذا ثابت في أثر غضيف ومروي في حديث ابن مسعود السابق وعلى ذلك، فلا حرج في الفعل المسئول عنه، ولا داعي لإنكاره على فاعله.
والله أعلم.
منقـــــول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق