الجمعة، 10 يونيو 2011

خبيئة العمل الصالح .

الســلام عـــــلـــيكم ورحمــــة الله وبـــركــاتــه&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&
خبيئة العمل الصالح
أ.د.أحمد بن عبد الله الباتلي
الخبيئة :- هي العمل الصالح الخفي الذي لا يعلم به إلا الله تعالى كصدقة السر، وكمن ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، وكمن صلى بالليل وأهله نيام, ونحو ذلك من الطاعات.

ويجب على كل مسلم أن يخلص العبادة لله تعالى, وأن يحذر من الرياء قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف:110] وقال عزوجل:(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [البيِّنة:5]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً قال الله تعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه"(1), وفي رواية لأحمد وابن ماجه بإسناد صحيح أنه قال: " فأنا منه بريء وهو للذي أشرك".
وعن أبي سعيد مرفوعاً: " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى. قال: الشرك الخفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل" (2)، ومما يعين على الإخلاص والبعد عن الرياء:
العبادة في السروالطاعة في الخفاء، حيث لا يعرفك أحد ولا يعلم بك أحد، غير الله سبحانه، فأنت عندئذ تقدم العبادة له وحده غير
عابئ بنظر الناس إليك، وغير منتظر لأجر منهم مهما قل أو كثر.
وهي وسيلة لا يستطيعها المنافقون أبدًا، وكذلك لا يستطيعها الكذابون؛ لأن كلاًّ منهما بنى أعماله على رؤية الناس له، وإنما هي أعمال الصالحين فقط.
إن أعمال السر لا يثبت عليها إلا الصادقون، فهي زينة الخلوات بين العبد وبين ربه، كالصلاة في آخر الليل يناجي ربه وحده، وكصدقة السر، وكالدعاء بظهر الغيب، وكمن ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
وليعلم كل امرئ أن الشيطان لا يرضى ولا يقر إذا رأى من العبد عمل سر أبدًا، وإنه لن يتركه حتى يجعله في العلانية؛ ذلك لأن أعمال السر هي أشد على الشيطان وأبعد عن مخالطة الرياء والعجب والشهرة.وإذا انتشرت أعمال الطاعات بين المسلمين ظهرت البركة وعم الخير بين الناس.
إذ إنها لا تخرج إلا من قلب كريم قد ملأ حب الله سويداءه، وعمت الرغبة فيما عنده أرجاءه، فأنكر نفسه في سبيل ربه، وأخفى عمله يريد قبوله من مولاه، كالصدقة التي تخفي ما تنفق يمينها.وكمن ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
وقد نَصحَنَا النبي- صلى الله عليه وسلم - بالخبيئة صالحة؛ فقال: " من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح
فليفعل" (3).
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة يحبهم الله, وثلاثة يشنؤهم الله: الرجل يلقى العدو في فئة فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه، والقوم يسافرون فيطول سُراهم حتى يُحبوا أن يمَسَّوا الأرض فينزلون، فيتنحى أحدهم فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم، والرجل يكون له الجار يؤذيه جاره فيصبر على أذاه حتى يفرِّق بينهما موت أو ظعن، والذين يشنؤهم الله: التاجر الحلاف، والفقير المختال، والبخيل المنان" (4).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه، من بين أهله وحبِّه إلى صلاته، فيقول الله جل وعلا: أيا ملائكتي، انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته، رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله وانهزم أصحابه، وعلم ما عليه في الانهزام، وما له في الرجوع، فرجع حتى يهريق دمه، فيقول الله لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رجاء فيما عندي، وشفقة مما عندي حتى يهريق دمه" (5)

&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&.&
1- رواه مسلم / المسند الصحيح / كتاب الزهد والرقاق /
باب من أشرك في عمله غير الله/ حديث رقم 5305.
2- رواه ابن ماجة / حققه الألباني / صحيح الترغيب والترهيب /كتاب الإخلاص
/الترهيب من الرياء وما يقوله من خاف شيئا منه / حديث رقم 30 / حسن
3- رواه أحمد في الزهد /حققه الألباني / صحيح الجامع
/ حديث رقم6018 / صحيح.
4- رواه أحمد وابن حبان/ حققه الألباني /صحيح الجامع
/حديث رقم 3074 / صحيح.
5- رواه أحمد وأبو داوود،
رواه ابن ماجة / حققه الألباني / صحيح الترغيب والترهيب/كتاب النوافل/الترغيب في قيام الليل / حديث رقم 630 / حسن

&&يــــتــبع إن شــاء الله&&







حث السلف على عمل الخير في الخفاء

حث الصحابة على عمل الخير في الخفاء، فعن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال:

" اجعلوا لكم خبيئة من العمل الصالح كما أن لكم خبيئة من العمل السيئ".
والخبيئة من العمل الصالح هو العمل الصالح المختبئ يعني المختفي، والزبير رضي اللهعنه هنا ينبهنا إلى أمر نغفل عنه وهو المعادلة بين الأفعال رجاء المغفرة؛ فلكلإنسان عمل سيئ يفعله في السر، فأولى له أن يكون له عمل صالح يفعله في السر أيضاًلعله أن يغفر له الآخر. وحث السلف على ذلك: قال سفيان بن عيينة.
قال أبو حازم:(اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك)(7).
وقال أيوب السختياني: (لأن يستر الرجل الزهد خير له من أن يظهره)(8).
وعن محمد بن زياد قال: (رأيت أبا أمامة أتى على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي فيسجوده، ويدعو ربه، فقال له أبو أمامة: أنت أنت لو كان هذا في بيتك)(9).
قال أيوب السختياني: (والله ما صدق عبد إلا سرَّه ألا يُشعر بمكانه)(10).
وقال الحارث المحاسبي: (الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلقمن أجل صلاح قلبه،ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله)(11).
وقال بشر بن الحارث: (لا أعلم رجلاً أحب أن يُعرف إلا ذهب دينه وافتضح)(12).
وقال بشر:(لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس)وقال أيضًا:(لا تعمللتُذكَر، اكتُم الحسنة كما تكتم السيئة).وعنه أيضًا:( ليس أحد يحب الدنيا إلا لميحب الموت، ومن زهد فيها أحب لقاء مولاه).
وقال إبراهيم بن أدهم:(ما اتقى الله من أحب الشهرة)(13).


مع الصالحين في سرهم


وكان علي بن الحسين يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة،ويقول:(إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب)(14).
وذُكر أيضاً أن ناساً من أهل المدينة يعيشون لايدرون من أي كان معاشهم،فلما ماتعلي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل.ولما مات وجدوا بظهره أثراً مماكان ينقل أكياس الطحين في الليل الى منازل الأرامل.
وقال بعضهم:مافقدنا صدقة السر حتى توفي زين العابدين
علي بن الحسين –رحمه الله تعالى-
عن عمران بن خالد قال: سمعت محمد بن واسع يقول
:( إن كان الرجل ليبكي عشرين سنةوامرأته معه لا تعلم به)(15).
وعن يوسف بن عطية عن محمد بن واسع قال:" لقد أدركت رجالاً كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة قد بل ما تحت خده من دموعه، لا تشعر به امرأته، ولقد أدركت رجالاً يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خده ولا يشعر بهالذي إلى جنبه".
وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله فيخفي ذلك،
فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة.
وقال حماد بن زيد:" كان أيوب ربما حدث بالحديث, فيبكي, ويلتفت, ويمتخط,ويقول: ما أشد الزكام".
وعن ابن أبي عدِّي قال: صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله، وكانخرازًا يحمل معه غداه من عندهم، فيتصدق به في الطريق، ويرجع عشيًا فيفطرمعهم.(16).
وذكر الحسن البصري:" إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته، فيردها، فإذاخشي أن تسبقه قام ، قلت: لئلا يظن أنه يرائي بالبكاء"(17).
وقال مغيرة:" كان لشريح بيت يخلو فيه يوم الجمعة، لا يدري


7- ( السير6/96).
8- ( السير6/15).
9- ( السير 3/359).
10- ( السير6/15).
11- ( السير12/110).
12- ( السير10/469).
13- ( السير 7/387 ).
14- رواه أبو نعيم في الحلية 3/135 وذكره الذهبي في السير4/393.
15- ( السير 6/119).
16- (السير 6/376).
17- ( السير 4/563).

يتبع إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق