الجمعة، 1 مارس 2013

صلاة الراكب

|
صلاة الراكب

****........****.......****........****.......



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد الصادق الأمين،وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

صلاة الراكب في الفريضة:
إذا كان الراكب يتأذى بنزوله للصلاة على الأرض بوحل أو مطر، أو يعجز عن الركوب إذا نزل،
أو يخشى فوات رفقته إذا نزل، أو يخاف على نفسه إذا نزل من عدو أو سبع، ففي هذه الأحوال يصلي على مركوبه،من دابة وغيرها، ولا ينزل إلى الأرض .(1)


قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(2/148): "فالظاهر صحة الفريضة على الراحلة في السفر لمن حصل له مثل هذا العذر،وإن لم يكن في هودج، إلا أن يمنع من ذلك إجماع ولا إجماع، فقد روى الترمذيفي جامعه عن أحمد وإسحاق أنهما يقولان بجواز الفريضة على الراحلة إذا لم يجد موضعاً يؤدي فيه الفريضة نازلاً".

ويجب على من يصلي الفريضة على مركوبه لعذر مما سبق أن يستقبل القبلة إن استطاع،
لقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: 144]، ويجب عليه فعل ما يقدر عليه منركوع وسجود وإيماء بهما وطمأنينة، لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: 16].وما لا يقدر عليه لا يُكلف به، وإن لم يقدر على استقبال القبلة لم يجب عليه استقبالها وصلى على حسب حاله.


وقد ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم (1375) نصه:
(هل يجوز للمسافر أن يؤدي الفرض في السيارة أو القطار أو الطائرة، والراكب ذوات الأربعمن الحيوان مع الخوف على النفس أو المال، وهل يصلي إلى أينما توجهت المذكورات أملا بد من التوجه إلى القبلة دوماً واستمراراً أو ابتداءً فقط؟ فإذا كان الجواب بنعم على ما ذكر،وأمن الخوف وأن السيارة تقف في بعض الأماكن وقفة قليلة جداً، ربما إذا ذهب المسافرالراكب إلى أداء الفرض ذهبت السيارة وبقي عرضة الآفات؛ إما من عدم المال أو غيره.


فأجابت اللجنة بالآتي: (إذا كان راكب السيارة أو القطار أو الطائرة أو ذوات الأربع يخشى على نفسه لو نزللأداء الفرض ويعلم أنه لو أخرها حتى يصل إلى المكان الذي يتمكن أن يصلي فيه فات وقتها -فإنه يصلي على قدر استطاعته؛ لعموم قوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}[البقرة: 286]،وقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: 16]، وقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج: 78].وأما كونه يصلي أين توجهت المذكورات أم لا بد من التوجه إلى القبلة دوماً واستمراراً أو ابتداءً فقط،فهذا يرجع إلى تمكنه، فإذا كان يمكنه استقبال القبلة في جميع الصلاة وجب فعل ذلك؛ لأنه شرط في صحة صلاة الفريضة في السفر والحضر، وإذا كان لا يمكنه في جميعها، فليتق الله ما استطاع،لما سبق من الأدلة، هذا كله في الفرض.


أما صلاة النافلة فأمرها أوسع، فيجوز للمسلم أن يصلي على هذه المذكورات حيثما توجهت به،
ولو استطاع النزول في بعض الأوقات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل
على راحلته حيث كان وجهه، لكن الأفضل أن يستقبل القبلة عند الإحرام حيث
أمكنه في صلاة النافلة حين سيره في السفر).


الصلاة في السفينة والطائرة:
راكب الطائرة والسفينة، يُصلي فيهما بحسب استطاعته من قيام وقعود وركوع وسجود أو إيماءبهما بحسب استطاعته، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: 16]، مع استقبال القبلة، لأنه ممكن.

وقد أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على سؤال ورد إليها عن الصلاة في الطائرة والسفينة،بالآتي: (إذا حان وقت الصلاة في الطائرة أو السفينة وجب على من فيها من المسلمين أن يصليالصلاة الحاضرة على حسب حاله وقدرته، فإن وجد ماء وجب عليه التطهر به،وإن لم يجد ماء أو وجده وعجز عن استعماله تيمم، إن وجد تراباً أو نحوه، فإن لم يجد ماء
ولا تراباً ولا ما يقوم مقام التراب سقط عنه ذلك وصلى على حسب حاله؛
لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: 16] وعليه أن يتوجه للقبلة،
ويدور مع الطائرة أين دارت، في صلاة الفرض حسب الطاقة)2.


صلاة النافلة على الراحلة:
أما صلاة النافلة على الراحلة، سواء أكانت سيارة أو طيارة أو سفينة أو قطاراً، أو من ذوات الأربع،فإنه يجوز الصلاة على هذه الأشياء قياساً على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الدابة،ويومئ بالركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض من الركوع، قال جابر: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق، والسجود أخفض من الركوع)3.



وفي هذا المبحث نقاط إجماع للعلماء، وأخرى فيها خلاف، وهذه خلاصتها:

أ- اتفق الفقهاء على جواز الصلاة على الراحلة في السفر لحديث عامر بن ربيعة قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على راحلته يسبح يومئبرأسه قبل أي وجهة توجه ولم يكن يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة متفق عليه4. قال الشوكاني رحمه الله وهو يتكلم عن هذا الحديث:"والحديث يدل على جواز التطوع على الراحلة للمسافر قبل جهة مقصده
وهو إجماع كما قال النووي والعراقي والحافظ وغيرهم"5.


ب- وجوز بعض العلماء الصلاة على الراحلة في الحضر،ومن هؤلاء العلماء: أبو يوسف وأبو سعيد الاصطخري من أصحاب الشافعيوأهل الظاهر، قال ابن حزم: وقد روينا عن وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم النخعيقال: كانوا يصلون على رحالهم ودوابهم حيثما توجهت، قال: وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم عموماً في الحضر والسفر، قال النووي: وهو محكي عن أنس بن مالك، انتهى.

قال العراقي: استدل من ذهب إلى ذلك بعموم الأحاديث التي لم يصرح فيها بذكر السفروهو ماش على قاعدتهم في أنه لا يحمل المطلق على المقيد بل يعمل بكل منهما فأما من يحمل المطلق على المقيد وهم جمهور العلماء فحمل الروايات المطلقة على المقيدة بالسفر، انتهى6.
نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، ويجنبنا معاصيه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين .


****........****.......****........****.......


1 الملخص الفقهي (صـ 168).
2 فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم (6275).
3 رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم (1086).
4 راجع: الفقه الإسلامي (1/770).
5 نيل الأوطار (2/149).
6 نيل الأوطار (2/149-150).

****........****.......****........****.......

منــــــــــــقول
مـــــــــــــوقع إمـــــــــام المسجـــد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق