الاثنين، 6 أغسطس 2012

ما هو الراجح من أقوال العلماء في تعيين ليلة القدر؟




ما هو الراجح من أقوال العلماء في تعيين ليلة القدر؟

الشيخ صالح بن فوزان الفوزان




ليلة القدر ليلة عظيمة نوّه الله بشأنها في كتابه الكريم في قولهتعالى‏:‏ {‏إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِيلَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ‏} ‏[‏سورة الدخان‏:‏ آية 3، 4‏]‏‏.‏ وفيقوله تعالى‏:‏ {‏إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّل الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ‏} ‏[‏سورة القدر‏]‏‏.‏

فهي ليلة شرّفها الله عز وجل على غيرها، وأخبر أن العملفيها خير من العمل في ألف شهر أي أفضل من العمل في أكثر من ثلاث وثمانين عامًا وزيادة أشهر وهذا فضل عظيم حيث اختصها بإنزال القرآن فيها ووصفها بأنها ليلة مباركة وأنها يُقدَّر فيها ما يجري في العام من الحوادث وهذه مزايا عظمية لهذه الليلة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها طلبًا لليلة القدر وهي أفضل الليالي لأنه لم يرد في ليلة من الليالي ما وردفي فضلها والتنويه بشأنها فهي أفضل الليالي لما تشتمل عليه من هذه المزايا العظيمة وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة وإحسانه إليهاحيث خصّها بهذه الليلة العظيمة‏.‏

وأما المفاضلة بينها وبين ليلةالإسراء فبين يدي الآن سؤال وجواب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث سئل رحمه الله عن ليلة القدر وليلة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل فأجاب بأن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي صلى الله عليه وسلم، وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة، فحظ النبي صلى الله عليه وسلم الذي اختصّ به ليلة المعراج منها أكمل من حظه في ليلة القدروحظ الأمّة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج وإن كان لهم فيها أعظم حظ لكن الفضل والشرف والرتبة العليا إنما حصلت فيها لمن أسري به صلى الله عليه وسلم‏.‏

هذا ما أجاب به شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة والإمام العلامة ابن القيم كلامه في هذا الموضوع يوافق كلام شيخه في أن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي صلى الله عليه وسلموليلة القدر أفضل في حق الأمة‏.‏

ومما يجب التنبيه عليه أن الله سبحانه وتعالى شرع لنا في ليلة القدرمن التعبد والتقرب إليه ما لم يشرعه في ليلة الإسراء فليلة الإسراء لميكن النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بقيام أو ذكر، وإنما كان يخص ليلة القدر لفضلها ولمكانتها وأيضًا ليلة الإسراء لم تثبت في أي ليلة ولافي أي شهر هي مما يدل على أن العلم بها وتحديدها ليس لنا فيه مصلحة خلاف ليلة القدر فإن الله أخبر أنها في رمضان لأن الله قال‏:‏ {‏شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ‏} [‏سورة البقرة‏:‏ آية 185‏]‏‏.‏

وقال‏:‏ {‏إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِالْقَدْرِ‏} [‏سورة القدر‏:‏ آية 1‏]‏‏.‏ فدلّ على أنّ ليلةالقدر في شهر رمضان وإن كانت لا تتعين في ليلة معينة من رمضان إلا أنه يترجح أنها في العشر الأواخر وفي ليلة سبع وعشرين آكد الليالي عندالإمام أحمد وجماعة من الأئمة وللعلماء في تحريها اجتهادات ومذاهب لكنهي في شهر رمضان قطعًا‏.‏ فمن صام شهر رمضان وقام لياليه فلا شك أنهقد مرت به ليلة القدر ولا شك أنه شهد ليلة القدر ويكتب له من الأجربحسب نيته واجتهاده وتوفيق الله له، فليلة القدر لنا فيها ميزة في أن شرع لنا الاجتهاد في العبادة والدعاء والذكر وتحريها بخلاف ليلةالإسراء فهذه لم يطلب منا أن نتحراها ولا أن نخصها بشيء من العباداتوبهذا يظهر أنّ هؤلاء الذين يحتفلون في ليلة الإسراء والمعراج أنهممبتدعة بما لم يشرعه الله ولم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحتفل كل سنة بمرور ليلة من الليالييقول إن هذه ليلة الإسراء وليلة المعراج كما كان يفعله هؤلاءالمنحرفون المبتدعة الذين اتخذوا دينهم طقوسًا ومناسبات بدعية وتركواالسنن وتركوا الشرائع الثابتة عن رسول صلى الله عليه وسلم فهذا ممايجب الانتباه له وبيانه للناس وأنّ الله شرع لنا الاجتهاد في ليلةالإسراء والمعراج فلم يشرع لنا فيها أن نتحراها ولا أن نخصها بشيءوأيضًا هي لم تبين لنا في أي شهر أو في أي ليلة بخلاف ليلة القدرفإنها في رمضان بلا شك والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد‏.




منقـــول
طريق الإسـلام




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق