فــائدة من كتاب "التنبيهات اللطيفة "
للشيخ : عبد الرحمن بن ناصر السعدي،رحمه الله
فثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أن هذه السورة تعدل ثلث القرآن (1)،
وذلك كما قال أهل العلم: إن القرآن يحتوي على علوم عظيمة كثيرة، وهي ترجع إلى ثلاثة علوم.
أحدها: علوم الأحكام والشرائع الداخل فيها علوم الفقه كلها عبادات ومعاملات وتوابعهما.
الثاني: علوم الجزاء على الأعمال والأسباب التي يجازى بها العاملون على ما يستحقون من خير وشرّ،وبيان تفصيل الثواب والعقاب.
الثالث: علوم التوحيد وما يجب على العباد من معرفته والإيمان به، وهو أشرف العلوم الثلاثة، وسورة الإخلاص كفيلة باشتمالها على أصول هذا العلم وقواعده، فإن قوله: (اللَّهُ أَحَدٌ) أي الله متفرِّد بالعظَمةِ والكمال، ومتوحِّد بالجلال والجمال والمجد والكبرياء، يحقق ذلك، قوله: (اللَّهُ الصَّمَدُ) أي الله السيد العظيم الذي قد انتهى في سؤدده ومجده وكماله، فهو العظيم الكامل في عظمته، العليم الكامل في علمه، الحكيم الكامل في حكمه، فهو الكامل في جميع نعوته وأسمائه وصفاته، ومن معاني الصمد أنه الذي تصمد إليه الخلائق كلها وتقصده في جميع حاجاتها ومهماتها، فهو المقصود، وهو الكامل المعبود.
فإثبات الوحدانية لله ومعاني الصمدية كلها يتضمن إثبات تفاصيل جميع الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى،
فهذا أحد نوعي التوحيد وهو الإثبات وهو أعظم النوعين،
والنوع الثاني: التنزيه لله عن الولادة والنِّد والكفو والمثل وهذا داخل في قوله: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) أي ليس له مكافئ ولا مماثل ولا نظير، فمتى اجتمع للعبد هذه المقامات المذكورة في هذه السورة بأن نزّه الله وقدسه عن كل نقص وندّ وكُفؤ ومثيل، وشهد بقلبه انفراد الرّب بالوحدانية والعظمة والكبرياء وجميع صفات الكمال التي ترجع إلى هذين الاسمين الكريمين وهما الأحد الصمد، ثم صمد إلى ربّه وقصده في عبوديته وحاجته الباطنة والظاهرة، متى كان كذلك تم له التوحيد العلمي الاعتقادي، والتوحيد العملي، فحُقّ لسورة تشتمل على هذه المعارف أن تعدِل ثُلُث القرآن.
منقول
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-
(1) عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن قالوا وكيف يقرأ ثلث القرآن قال قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن .
(حققه الألباني /صحيح الترغيب والترهيب /كتاب قراءة القرآن/الترغيب في قراءة قل هو الله أحد / حديث رقم 1480/صحيح)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق