الجمعة، 22 نوفمبر 2024

كلُّ أمر الله في كونه كلَمح البصَر


 ‏  

(وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَر )


كلُّ أمر الله في كونه كلَمح البصَر..
فلا تستبعد فرجاً أنت على أمل بوقوعه..
ولا تستبطىء خيراً ولو طال انتظاره..
فما يأذنُ الله به لا يمنعُه مانع، ولا يردُّه رادّ..


ثِق بالله، وانتظر الفرج ----  منقول
-

السبت، 9 نوفمبر 2024

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه


 وُلد التَّابعي الجليل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في خلافة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتربَّى في حِجر عمَّته أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بعد أن قُتِلَ أبوه وهو صغير، وتفقَّه منها، وأكثر في الرواية عنها، وكان رضي الله عنه معدودًا في فقهاء المدينة السبعة
روى القاسم بن محمد عن فاطمة بنت قيس، وابن عباس، وابن عمر، وأسماء بنت عميس جدته، وأبي هريرة، ورافع بن خديج، وعبد الله بن خباب، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا.
وحَدَّثَ عنه: ابنه عبد الرحمن، والشعبي، ونافع العمري، وسالم بن عبد الله، والزهري، وابن أبي مليكة، وربيعة الرأي، وعبيد الله بن عمر، وابن عون، وأبو الزناد، وعبيد الله بن أبي الزناد القداح، وكثير غيرهم.
وكانت للقاسم رضي الله عنه سيرة عطرة في العلم والسلوك، وكان ثقةً، عالِمًا، رفيعًا، فقيهًا، إمامًا، وَرِعًا، كثيرَ الحديث، قال الإمام ابن المديني: "له مائتا حديث".
وقال القاسم: كانت عائشة رضي الله عنها قد استقلَّت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وإلى أن ماتت، وكنت ملازمًا لها مع تُرَّهَاتِي -يقصد التقليل من نفسه بأنه كان مشغولًا بغير النافع-، وكنتُ أجالس البحر ابن عباس رضي الله عنه، وقد جلست مع أبي هريرة، وابن عمر رضي الله عنهما، فأكثرت -أي: الرواية عن ابن عمر-.
وقال الغمام يحيى بن سعيد: "ما أدركنا بالمدينة أحدًا نفضِّلُه على القاسم".
وروى عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، قال: "ما رأيت أحدًا أعلم بالسُّنَّةِ من القاسم بن محمد، وما كان الرجل يُعَدُّ رجلًا حتى يعرف السُّنَّةَ، وما رأيتُ أَحَدَّ ذهنًا من القاسم، إن كان ليضحك من أصحاب الشُّبَهِ كما يضحك الفتى".
وعن ابن عُيَيْنة قال: "أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم، وعروة، وعَمْرَة".
وكان الإمام يحيى بن معين يقول: "عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة: ترجمة مشبَّكة بالذهب" للثقة في هذا الإسناد
.
قال ابن عون: "كان القاسم ممن يأتي بالحديث بحروفه" وهذا من ضبطه وقوة حفظه أنه كان يذكر نصَّ الحديث بدقة كبيرة، ولا يرويه بالمعنى، مع كون رواية الأحاديث بالمعنى جائزةٌ لمن يُحسن الفهم ويصيغ المعنى كما هو وارد في الحديث وليس بما يُغيِّر معناه.
ومن تواضع القاسم بن محمد ما ذكره الإمام ابن إسحاق حين قال: "رأيت القاسم بن محمد يصلي، فجاء أعرابي، فقال: أيما أعلم، أنت أم سالم؟
فقال: سبحان الله، كل سيخبرك بما عَلِمَ.
فقال: أيكما أعلم؟
قال: سبحان الله!
فأعاد، فقال: ذاك سالم، انطلق، فَسَلْهُ، فقامَ عنه".
قال ابن إسحاق في تحليله لهذا الموقف: "كره أن يقول: أنا أعلم، فيكون تزكية، وكره أن يقول: سالم أعلم مني، فيكذب"، وكان القاسمُ أعلَمَ من سالم.
ومن تواضعه وورعه أيضًا ما رواه عبيد الله بن موهب، قال: "سمعت القاسم بن محمد سأله رجل عن مسائل، فلما قام الرجل قال له القاسم بن محمد: لا تذهبن فتقول: إن القاسم قال: هذا هو الحق، إني لا أقول لك هو الحق، ولكن إذا اضطررت إليه عملت به".
وقال: "إنكم تسألوننا عما لا نعلم، والله لو علمنا ما كتمناه، ولا استحللنا كتمانه".
ولمنزلة ومكانة القاسم بن محمد في عصره بين التابعين والفقهاء كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول: "لو كان لي من الأمر شيء لوليت القاسم الخلافة"، قال مالك: "وكان القاسم قليل الحديث قليل الفُتْيَا".
وذكر بعضهم أن كلمة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بلغت القاسم، فقال: "إني لأضْعُفُ عن أهلي، فكيف بأمر الأمة؟!".
ومن أخلاق القاسم أنه كان لا يكاد يعيب على أحد.
قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -وسمع رجلًا يقول: ما أجرأ فلان على الله! فقال القاسم: ابن آدم أهون وأضعف ممن يكون جريئًا على الله، ولكن قل: ما أقل معرفته بالله.
ومن أقواله رضي الله عنه، التي تدُلُّ على ورعه وعلمه وتقواه، قوله: "لأن يعيش الرجل جاهلا بعد أن يعرف حق الله عليه، خير له من أن يقول ما لا يعلم
".
وقال: "قد جعل الله في الصديق البار المقبل عوضًا من ذي الرحم العاق المدبر".
وقال: "إن من أعظم الذنب أن يستخف المرء بذنبه".
وروى ابنه عبد الرحمن بن القاسم عند وفاته رضي الله عنه أن أباه نهى عند موته أن يُتبع بنارٍ، ولا يقولون خيرًا ولا شرًّا، ثم قال: "اُتْلُ هذه الآية: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ۞ انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: 49-50].
وعن رجاء بن أبي سلمة قال: "مات القاسم بن محمد بين مكة والمدينة حاجًّا أو معتمرًا، فقال لابنه -قبل أن يموت-: سُنَّ عليَّ التراب سَنًّا، وَسَوِّ عليَّ قبري، والحَقْ بأهلِكَ، وإياكَ أن تقولَ: كان وكان".
واختُلَف في زمن ِوفاته رضي الله عنه بين سنتي 106 و108 هجرية

 💦💦💦💦💦💦
- :المصادر
- "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي (5/ 53، وما بعده.
- "مختصر تاريخ دمشق" للإمام ابن عساكر (21/ 45، وما بعدها). - "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" للإمام أبي نعيم (2/ 183، وما بعدها)

💦منقول

الاثنين، 4 نوفمبر 2024

خزيمة بن ثابت... ذو الشهادتين (ضي الله عنه )


 

💦خزيمة بن ثابت (ضي الله عنه )  ... ذو الشهادتين

خزيمة بن ثابت بن عمارة بن الفاكة بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري الأوسي الخطمي المدني أبو عمارة، صحابي، من أشراف الأوس في الجاهلية والإسلام، ومن شجعانهم المقدمين، وكان من سكان المدينة، وحمل راية بني خطمة (من الأوس) يوم فتح مكة، ويسمى: ذا الشهادتين؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم جعل شهادته بشهادة رجلين[1].

عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فَلَمْ أَجِدْهَا إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23][2].

قصة تسميته بذو الشهادتين

رُوي عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ، فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ، فَأَسْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ، فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيَّ، فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ وَلَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَهُ، فَنَادَى الْأَعْرَابِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسِ وَإِلَّا بِعْتُهُ؟ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الْأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ: «أَوْ لَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟» فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا، وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلَى، قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ» فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ، يَقُولُ هَلُمَّ شَهِيدًا، فَقَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ: «بِمَ تَشْهَدُ؟»، فَقَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ"[3].

عاش خزيمة بن ثابت إلى خلافة علي بن أبي طالب، وشهد الجمل وصفين، ولم يقاتل حتى قُتل عمار بن ياسر، حيث قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: " تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ "[4]، وسلّ سيفه وقاتل حتى قتل سنة سبع وثلاثين، رضي الله عنه، روى له البخاري ومسلم وغيرهما 38 حديثًا[5].
 
 
💦💦💦💦💦💦

[1] الطيب بامخرمة: قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، دار المنهاج، جدة، الطبعة الأولى، 1428هـ= 2008م، 1/ 310، والزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، 2002م، 2/ 305.
[2] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب قول الله تعالى [من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه] (2652).
[3] أبي داود: كتاب الأقضية، باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به (3607)، وقال الألباني صحيح: انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل(1286).
[4] مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان (2916).
[5] الطيب بامخرمة: قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، 311، والزركلي: الأعلام، 2/ 305.
 
 
د/ راغب السرجاني  ( حفظه الله )

الاثنين، 7 أكتوبر 2024

لا تعاتب


 

اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ

 ‏


 ‏قال أنس رضي الله عنه: كان ﷺ كثيراً يقول:- 🌻


‏"  اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ "

‏‌ ( رواه البخاري في صحيحه ) 

‏هذه منغصات العيش، وجالبة الهم والغم. ‏ومع إدامة الدعاء -خاصة في أوقات الإجابة- تُدفع بإذن الله وتُرفع .

‏احفظ هذا الدعاء، والهج به وأكثر منه -اقتداء بالمصطفى ﷺ- تسعد وتفلح
🌻

الثلاثاء، 27 أغسطس 2024

بالذكر تُغفر الذنوب

بالذكر تُغفر الذنوب  :- 

 قال ﷺ في الحديث الصحيح: ما اجتمع قوم على ذكر فتفرقوا عنه إلا قيل لهم: قوموا مغفوراً لكم وقال ﷺ: ما جلس قوم يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا مغفورا لكم، فقد بدلت سيئاتكم حسنات وقال ﷺ: 

 

 " لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة، حتى تطلع الشمس أحب إلي، من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل -من أنفس الرقاب- ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى، أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة "

 حديث حسن

والأحاديث في فضل حِلَقِ الذكر من الملائكة الموكلين بالبحث عنها وحضورها، ومن نزول السكينة على أهلها، وغشيان الرحمة لهم، وإحاطتهم بالملائكة ما يدفع المسلم للبحث عنها والتماسها، فاحرصوا عليها في المساجد، وفي البيوت، وفي جميع الأماكن التي يمكنكم فيها عقد حلق الذكر وغشيانها، حولوا ولائمكم ومناسباتكم إلى حلق للذكر، ولتكن هذه الاجتماعات معمورةً بطاعة الله، وبالمتكلمين في أمره ونهيه، الذين ينصحون الناس ويعظونهم، والعجيب بعد سياق هذه الأحاديث، المقارنة التي نجد بها أن بعض الإخوان من المسلمين يهملون في حلق الذكر، فيعرف أنه يوجد في المساجد مثلاً حلق فيتكاسل عنها، أو تكون له حلقة هو فيعتذر عنها بشتى الأعذار الواهية، وهو يعلم أن جلوسه فيها خير له بكثير من كثير من الأعمال التي يتعذر بعدم حضور حِلَقِ الذكر من أجلها، ولذلك كان لابد أن يحاسب المسلم نفسه قبل أن يحاسبه غيره، ويعلم بأن غشيان حلق الذكر التي تقوي الإيمان، وتعلم العلم النافع، وتسبب مغفرة الذنوب، أنّ هذه الأسباب وغيرها كفيلة بأن تدفعه للحضور وعدم التخلف، خصوصاً وأنّ الكسل يدب إلى الكثيرين من طيلة الجلوس فيها، ويفضلون أنواعاً من اللهو، أو أن الشيطان يشغلهم بالمفضول عن الفاضل في حضور حلق الذكر، وهذا أمر نسمع الشكوى منه من بعض القائمين عليها في بعض الأحيان، سماعاً يجعلنا نذكّر وننصح إخواننا في الله ألا يتكاسلوا عن ذلك.


المصدر 

موقع الشيخ المنجد حفظه الله