الأربعاء، 6 مايو 2015

سُنَّة إكرام الضيف


 
سُنَّة إكرام الضيف

من أعظم سمات المؤمن الكرم، بل جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرم مرادفًا للمؤمن؛ فقد روى مسلم (في صحيحه ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ، فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ» (1). وأحد أبرز مظاهر كرم المسلم عندما يزوره زائر في بيته، فهذا أدعى للتقارب والتحابِّ بين البشر، ويرفع الحرج عن الضيف حيث يُشْعِره بعدم ثقله؛ لهذا كانت سُنَّة إكرام الضيف من أبرز السنن التي دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ممارستها، ويكفي أن خديجة رضي الله عنها عندما أرادت أن تصف رسولَ الله اختارت من صفاته خمسة، كان منها إكرام الضيف، فقالت
-كما روى البخاري (في صحيحه ) عن عائشة رضي الله عنها-: "كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ". (2) فكانت هذه صفات غالبة على طبعه صلى الله عليه وسلم، وقِرَى الضيف أي إكرامه، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الإكرام دليلًا على الإيمان بالله واليوم الآخر؛ فقد روى البخاري (في صحيحه ) عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «.. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ..».


وكرم الضيافة يشمل حُسن الاستقبال، والبشاشة، وتقديم الطعام والشراب، والجلوس في مكان طيب، وقد يتطلَّب المبيت إن دعت الحاجة، وذلك من يوم إلى ثلاثة كما جاء في السُّنَّة، فإن أراد الضيف الزيادة في المبيت على ذلك فالأمر متروك للمضيف، فلو فعل فهي صدقة، ولو أبى فلا إثم عليه، وقد روى البخاري (في صحيحه ) عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَوِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ، حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ». قَالَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» (3).



وروى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ، الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ -أي يُقِيم- عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ» (4). وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ». قَالَ: يُكْرِمُهُ وَيُتْحِفُهُ، وَيَحْفَظُهُ، يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ضِيَافَةً.


فلنحرص على إكرام ضيوفنا، ولْيحرص الضيوف على الجانب الآخر على عدم الإثقال على المضيفين، وبهذا يشترك الجميع في تطبيق السُّنَّة النبوية.



ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].



منقول


*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~

(1) الراوي :  أبو هريرة المحدث : مسلم المصدر :  صحيح مسلم الرقم: 2247 خلاصة  - حكم المحدث : صحيح .



(2) الراوي :عائشة أم المؤمنين المحدث :البخاري              
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3 خلاصة
حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : يونس ومعمر (بوادره) .


(3) الراوي : أبو شريح العدوي الخزاعي الكعبي المحدث :   البخاري المصدر :   صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6019 خلاصة حكم المحدث : [صحيح] .



(4) الراوي :أبو شريح العدوي الخزاعي الكعبي المحدث :   الألباني المصدر : صحيح الجامع- الرقم: 6502 خلاصة حكم المحدث : صحيح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق