السبت، 23 مايو 2015

تلخيص تفسير سورة الكهف




تلخيص تفسير سورة الكهف





*عـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ قــال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : 
 

" إن لله أهليـن مـن النـاس " قالـوا : مـن هـم يـا رســول الله قـال : " أهـل القــرآن هـم أهـل الله وخاصتـه " .
رواه النسائي وابن ماجه والحاكم ـ صحيح ـ صحيح الترغيب والترهيب تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ ج : 2 / ص : 168 / حديث رقم : 1432 .
- عن أبي سعيدٍ قال : من قرأ سورةَ الكهفِ ليلةَ الجمعةِ ، أضاء له من النورِ ما بينه وبين البيتِ العتيقِالراوي: [قيس بن عباد] المحدث:الألباني - المصدر
: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 736


- "من قرأ سورةَ الكهفِ يومَ الجمعةِ أضاء له النُّورُ ما بينَه و بين البيتِ العتيقِ"الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6471-خلاصة حكم المحدث: صحيح
" ظ±لْحَمْدُ لِلَّهِ ظ±لَّذِىظ“ أَنزَلَ عَلَىظ° عَبْدِهِ ظ±لْكِتَـظ°بَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُغ¥ عِوَجَا غœ "الكهف1
الحمد لله هو الثناء عليه بصفاته، التي هي كلها صفات كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وأجل نعمه على الإطلاق، إنزاله الكتاب العظيم على عبده ورسوله، محمد صلى الله عليه وسلم فحمد نفسه، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتاب عليهم، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين، على أنه الكامل من جميع الوجوه، وهما نفي العوج عنه، وإثبات أنه قيم مستقيم، فنفي العوج يقتضي أنه ليس في أخباره كذب، ولا في أوامره ونواهيه ظلم ولا عبث، وإثبات الاستقامة، يقتضي أنه لا يخبر ولا يأمر إلا بأجل الإخبارات وهي الأخبار، التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله، ومنها الغيوب المتقدمة والمتأخرة، وأن أوامره ونواهيه، تزكي النفوس، وتطهرها وتنميها وتكملها، لاشتمالها على كمال العدل والقسط، والإخلاص، والعبودية لله رب العالمين وحده لا شريك له.
"قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً "الكهف2
جعله الله كتابًا مستقيمًا، لا اختلاف فيه ولا تناقض؛ لينذر الكافرين من عذاب شديد من عنده، ويبشر المصدقين بالله ورسوله الذين يعملون الأعمال الصالحات، بأن لهم ثوابًا جزيلاً هو الجنة،



"مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً "الكهف3 لا يزول عنهم، ولا يزولون عنه، بل نعيمهم في كل وقت متزايد، وفي ذكر التبشير ما يقتضي ذكر الأعمال الموجبة للمبشر به، وهو أن هذا القرآن قد اشتمل على كل عمل صالح، موصل لما تستبشر به النفوس، وتفرح به الأرواح.
"وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً "الكهف4
بعد إنذار عامة الكافرين العصاة من وثنيين وغيرهم خص الذين اتخذوا الولد، كرّر الإنذار ليكون خاصاً بقمة المعاصي

إنها قمة المعاصي أنْ نخوضَ في ذات الله تعالى بمقولة تتفطر لها السماء، وتنشق لها الأرض، وتنهدّ لهوْلِها الجبال.
"وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأرض وَتَخِرُّ الجبال هَدّاً أَن دَعَوْا للرحمن وَلَداً وَمَا يَنبَغِي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً" [ مريم: 88 - 92]
"مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً "الكهف5

ليس عند هؤلاء المشركين شيء من العلم على ما يَدَّعونه لله من اتخاذ الولد، كما لم يكن عند أسلافهم الذين قلَّدوهم، عَظُمت هذه المقالة الشنيعة التي تخرج من أفواههم، ما يقولون إلا قولا كاذبًا
*"فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً "الكهف6
"
بَاخِعٌ نَفْسَكَ" مهلكٌ نفسَك، لأنه كان صلّى الله عليه وسلّم إذا لم يجيبوه حَزِنَ حَزناً شديداً، وضاق صدره حتى يكادَ يَهلك،فسلاَّه الله عزّ وجل وبيّن له أنه ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، وإنما عليه البلاغ وقد بلَّغ.
{{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ}} [الرعد: 40] ، وهكذا ورثته من بعده: العلماء، وظيفتهم البلاغ وأما الهداية فبيد الله، ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجبِ الناس للحق، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين: 1 ـ نوع يحزن لأنه لم يُقبل.
2 ـ ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل.

{ {عَلَى آثَارِهِمْ} } أي بتتبع آثارهم،على ما خلفوه من آثار المعاصي،
{ {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ} } أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن.
*{{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا *}}.الكهف 7


( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ ) أي مصيرون ( مَا عَلَيْهَا ) مما كان زينة لها أو (مَا عَلَيْهَا ) مما هو أعم من الزينة وغيره ( صَعِيدًا ) تراباً ( جُرُزًا) أي لا نبات فيه ، هي ستصير كأن لم تكن كما قال عزّ وجل: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يونس: 24]
* "أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا" (9)


كان كفار قريش قد سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قصتهم،«أم» هنا منقطعة، فهي بمعنى «بل»،
و{ {حَسِبْتَ} } بمعنى ظننتَ، هنا أتى بـ«أم» المنقطعة التي تتضمن الاستفهام من أجل شد النَّفس إلى الاستماع إلى القصة لأنها حقيقة عَجب، هذه القصة عجب.

{ {الْكَهْفِ} } الغار في الجبل.
{ {وَالرَّقِيمِ} } بمعنى المرقوم: أي المكتوب لأنه كتب في حجر على هذا الكهف قصتُهم من أولها إلى آخرها.{ {مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} } من آيات الله الكونية. تفسير العثيمين
*إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا *}}.الكهف 10
{أَوَى} من المأوى، وهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ويلجأ إليه
و{ {الْفِتْيَةُ} } جمع فتى، وهو الشاب الكامل القوة والعزيمة.
{ {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} } أي لجأوا إليه من قومهم فارين منهم خوفاً أن يصيبهم ما أصاب قومهم من الشرك والكفر بالبعث، فقالوا: { {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} } لجأوا إلى الله.
{ {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} } أي رحمة ترحمنا بها. وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا *} }،
اجعل لنا، وتهيئة الشيء أن يُعد ليكون صالحاً للعمل به.

{ {مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} } الرشد: ضد الغَيّ، أي اجعل شأننا موافقاً للصواب.

*{{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا *}}الكهف 11
استجاب الله دعاءهم, وقيض لهم, ما لم يكن في حسابهم
*قال: " فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ " أي أنمناهم " سِنِينَ عَدَدًا "
أي معدودة، وسيأتي بيانها , وفي النوم المذكور حفظ لقلوبهم من الاضطراب والخوف, وحفظ لهم من قومهم.مقتبس من تفسير السعدي
*{{ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا *}}. الكهف 12
وذلك بإيقاظهم من النوم. وسمى الله الاستيقاظ من النوم بعثاً لأن النوم وفاةٌ،
"لِنَعْلَمَ"لنعلم علم ظهور ومشاهدة وليس علم الظهور والمشاهدة كعلم ما سيكون، والثاني علماً يترتب عليه الجزاء.
{ {أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} } قوله: { {الْحِزْبَيْنِ} } يعني الطائفتين.لمعنى: أي الحزبين أضبط لما لبثوا أمداً، أي: المدة التي لبثوها؛ لأنهم تنازعوا أمرهم.
*{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً *}}.الكهف 13
نِعمَ القائل صدقاً وعلماً وبياناً وإيضاحاً؛ لأن كلام الله تبارك وتعالى متضمن للعلم والصدق والفصاحة والإرادة، أربعة أشياء.
"نَحْنُ" للتعظيم وليس للتعدد { {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} } أي نقرأه عليك ونحدثك به { {نَبَأَهُمْ} } أي خبرهم { {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} } أي بالصدق المطابق للواقع.
{ {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} } فتية شباب ولكن عندهم قوة العزيمة وقوة البدن وقوة الإيمان."
إنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً *} } زادهم الله عزّ وجل هدى لأن الله تعالى يزيد الذين يهتدون هدى، وكلما ازددت عملاً بعلمك زادك الله هدى أي زادك الله علماً
" وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا"الكهف 14
{وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} } أي ثبتناها وقويناها وجعلنا لها رِباطاً، لأن جميع قومهم على ضدهم، ومخالفة القوم تحتاج إلى تثبيت لا سيما أنهم شباب والشاب ربما يؤثر فيه أبوه ويقول له «اكفر»، ولكن الله ربط على قلوبهم فثبتهم، اللهم ثبتنا يا رب.
{إِذْ قَامُوا} يعني في قومهم معلنين بالتوحيد متبرئين مما كان عليه هؤلاء الأقوام.

"..رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا *}:وليس رب فلان وفلان بل هو رب السموات والأرض فهو سبحانه وتعالى مالك وخالق ومدبِّر السموات والأرض.{ { لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا *} } لن ندعو دعاء مسألة ولا دعاء عبادة إلهاً سواه، فأقروا بالربوبيَّة وأقرُّوا بالألوهية، الربوبية قالوا: { {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا *} } والألوهية قالوا: { {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا *} } مِنْ دُونِهِ أي سواه.
{لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} أي: قولاً مائلاً وموغلاً بالكفر،
*
"هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ غ– فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى° عَلَى اللَّهِ كَذِبًا" الكهف 15
قوله تعالى: {هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} يشيرون إلى وجهة نظرهم في انعزالهم عن قومهم، قالوا: {هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا} أي صيَّروا آلهة من دون الله، عبدوها من دون الله.
{لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} يعني هلاَّ {يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ} أي على هذه الآلهة، أي: على كونها آلهة
وكونهم يعبدونها. فالمطلوب منهم شيئان:

1 ـ أن يثبتوا أن هذه آلهة.
2 ـ أن يثبتوا أن عبادتَهم لها حق، وكلا الأمرين مستحيل.
{بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} السلطان كلُّ ما للإنسان به سُلطة، قد يكون المراد به الدليل
{بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} أي بحجة ظاهرة يكون لهم بها سُلطة؛
" فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا"أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً، واعلم أن الاستفهام إذا ضُمِّن معنى النفي صار فيه زيادة فائدة، وهي أنه يكون مُشْرَباً معنى التحدي لأن النفي المجرد لا يدل على التحدي، فهذا تحدي، كأنك تقول: أخبرني أو أوجد لي أحداً أظلم ممن افترى على الله كذباً،أي من أشد ظلماً ممن افترى على الله كذباً.
* {وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا *} الكهف : 16.

أي‏:‏ قال بعضهم لبعض، إذ حصل لكم اعتزال قومكم في أجسامكم وأديانكم، فلم يبق إلا النجاء من شرهم، والتسبب بالأسباب المفضية لذلك، لأنهم لا سبيل لهم إلى قتالهم، ولا بقائهم بين أظهرهم، وهم على غير دينهم، ‏{‏فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ‏}‏ أي‏:‏ انضموا إليه واختفوا فيه ‏{‏يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا‏}‏ وفيما تقدم، أخبر أنهم دعوه بقولهم ‏{‏ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا‏}‏ فجمعوا بين التبري من حولهم وقوتهم، والالتجاء إلى الله في صلاح أمرهم، ودعائه بذلك، وبين الثقة بالله أنه سيفعل ذلك، لا جرم أن الله نشر لهم من رحمته، وهيأ لهم من أمرهم مرفقا، فحفظ أديانهم وأبدانهم، وجعلهم من آياته على خلقه، ونشر لهم من الثناء الحسن، ما هو من رحمته بهم، ويسر لهم كل سبب، حتى المحل الذي ناموا فيه، كان على غاية ما يمكن من الصيانة، ولهذا قال‏:‏
{{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا *»الكهف 17
أي‏:‏ حفظهم الله من الشمس فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس تميل عنه يمينا، وعند غروبها تميل عنه شمالا، فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها، ‏{‏وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ‏}‏ أي‏:‏ من الكهف أي‏:‏ مكان متسع، وذلك ليطرقهم الهواء والنسيم، ويزول عنهم الوخم والتأذي بالمكان الضيق، خصوصا مع طول المكث، وذلك من آيات الله الدالة على قدرته ورحمته بهم، وإجابة دعائهم وهدايتهم حتى في هذه الأمور، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ‏}‏ أي‏:‏ لا سبيل إلى نيل الهداية إلا من الله، فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين، ‏{‏وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا‏}‏ أي‏:‏ لا تجد من يتولاه ويدبره، على ما فيه صلاحه، ولا يرشده إلى الخير والفلاح، لأن الله قد حكم عليه بالضلال، ولا راد لحكمه‏.‏
*"وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًۭا وَهُمْ رُقُودٌۭ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَـٰسِطٌۭ ذِرَاعَيْهِ بِٱلْوَصِيدِ ۚ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًۭا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًۭا" ﴿١٨﴾

‏{‏وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ‏}‏ أي‏:‏ تحسبهم أيها الناظر إليهم ‏[‏كأنهم‏]‏ أيقاظ، والحال أنهم نيام، قال المفسرون‏:‏ وذلك لأن أعينهم منفتحة، لئلا تفسد، فالناظر إليهم يحسبهم أيقاظا، وهم رقود، ‏{‏وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ‏}‏ وهذا أيضًا من حفظه لأبدانهم، لأن الأرض من طبيعتها، أكل الأجسام المتصلة بها، فكان من قدر الله، أن قلبهم على جنوبهم يمينا وشمالا، بقدر ما لا تفسد الأرض أجسامهم، والله تعالى قادر على حفظهم من الأرض، من غير تقليب، ولكنه تعالى حكيم، أراد أن تجري سنته في الكون، ويربط الأسباب بمسبباتها‏.‏
{‏وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ‏}‏ أي‏:‏ الكلب الذي كان مع أصحاب الكهف، أصابه ما أصابهم من النوم وقت حراسته، فكان باسطا ذراعيه بالوصيد، أي‏:‏ الباب، أو فنائه، هذا حفظهم من الأرض‏.‏ وأما حفظهم من الآدميين، فأخبر أنه حماهم بالرعب، الذي نشره الله عليهم، فلو اطلع عليهم أحد، لامتلأ قلبه رعبا، وولى منهم فرارا، وهذا الذي أوجب أن يبقوا كل هذه المدة الطويلة، وهم لم يعثر عليهم أحد، مع قربهم من المدينة جدا، والدليل على قربهم، أنهم لما استيقظوا، أرسلوا أحدهم، يشتري لهم طعاما من المدينة، وبقوا في انتظاره، فدل ذلك على شدة قربهم منها‏.‏
 
 منقول
المصدر 
ملتقى قطرات العلم النسائي
للمتابعة للموضوع هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق