اليأس من صلاح النفس هل يقود إلى القنوط من رحمة الله ؟
الجواب :
الحمد لله
نعم ، اليأس من صلاح النفس وكفّها عن المعاصي قد يقود إلى القنوط من رحمة الله ، لأن الله تعالى يقول : ( قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
فعَلِم اللهُ أن من العباد من ييأس من رحمته لكثرة ذنوبه أو إصراره على ذنب معيّن ، فطَمْئَنَهم وأخبرهم أنه يغفر الذنوب مهما تعدَّدت وكثُرت ، أو عظُمت وتكرَّرت .
وحينئذ ، فالحذر الحذر من أن تيأس من صلاح حالك ، أو تُصاب بإحباط ، فإن ذلك سيُفرِح الشيطان ، ويعظِّم المعصيةَ في نفسك ، ويصغِّر طاعاتك في نظرك ، حتى تزهد فيها أمام تلك المعصية فتترك التوبة والطاعات بالكلية.
بل استمر على ما أنت عليه من الطاعات ، وثابر عليها، وتُب إلى الله كلما فارقت معصية ، فإن عُدت وكررتها تُب المرة الثانية والثالثة وهكذا ، ولا يملّ الله حتى يمل العبد، والله يحبّ عباده التوابين، قال الله تعالى : ( إن الله يحبّ التوابين) البقرة / 222، وقال جل شأنه : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) آل عمران/ 135 .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) . حسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه "(3427) .
لكن الذي يجب عليك حقا : ليس هو الاستسلام إلى اليأس من صلاح النفس ، فهذا حل مريح لها ، وإطلاق لعنان الهوى والشهوات .
بل أن تقف مع نفسك وقفة جد ، تغير بها نمط حياتك ، وتنظر : من أين ينفذ الشيطان إليك ، فيوقعك المرة بعد المرة .
فإن كانت فتنتك في النساء : فتزوج ، واحدة ، وأكثر من ذلك ، إن قدرت عليه ، واحتجت إليه .
وانظر إلى سبل الغواية ، من أين تنفذ إليك سهام عدوك ؛ فإن كان من صحبة السوء : فغيرها ، وإن كان من بلدك ، فاهجرها ، وابحث عن بلد وصحبة تعينك على نفسك ، وهواك وشيطانك .
فاحذر من الأمرين من اليأس والقنوط ومن ترك نفسك فريسة للإهمال والتفريط ، فلا تعالج داءها ، بل تظل تسهل لها خطوات الشيطان ، وتدع منافذك مفتوحة مشرعة أمام عدوك ، حتى إذا أصاب منك المقتل ، وكانت الداهية : جلست تبكي ، كما يفعل العجزة والضعفاء ، وتندب حظك ، وتشكو حالك .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وأضر ما عليه : الإهمال ، وترك المحاسبة ، والاسترسال ، وتسهيل الأمور ، وتمشيتها ؛ فإن هذا يؤول به إلى الهلاك .
وهذه حال أهل الغرور: يغمض عينيه عن العواقب ، ويمُشِّى الحال، ويتكل على العفو، فيهمل محاسبة نفسه ، والنظر في العاقبة.
وإذا فعل ذلك : سهُل عليه مواقعة الذنوب ، وأنس بها، وعسُر عليها فطامها !!
ولو حضره رشده : لعلم أن الحِمْية أسهلُ من الفطام ، وترك المألوف والمعتاد".
انتهى من "إغاثة اللهفان" .
ولا يُظن بك مع هذا الحرص على الخير والعبادات وكفالة اليتيم أن تكون من هؤلاء ولا هؤلاء، فالتفت إلى نفسك وراقب مواطن الخلل والضعف منها ، أحسن الظن بربك فإنه القائل (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن: 60].
وانظر أجوبة الأسئلة أرقام : (9231) ، (45887) ، (214787) .
والله أعلم .
منقـــــول
الإسلام سؤال وجواب
الحمد لله
نعم ، اليأس من صلاح النفس وكفّها عن المعاصي قد يقود إلى القنوط من رحمة الله ، لأن الله تعالى يقول : ( قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
فعَلِم اللهُ أن من العباد من ييأس من رحمته لكثرة ذنوبه أو إصراره على ذنب معيّن ، فطَمْئَنَهم وأخبرهم أنه يغفر الذنوب مهما تعدَّدت وكثُرت ، أو عظُمت وتكرَّرت .
وحينئذ ، فالحذر الحذر من أن تيأس من صلاح حالك ، أو تُصاب بإحباط ، فإن ذلك سيُفرِح الشيطان ، ويعظِّم المعصيةَ في نفسك ، ويصغِّر طاعاتك في نظرك ، حتى تزهد فيها أمام تلك المعصية فتترك التوبة والطاعات بالكلية.
بل استمر على ما أنت عليه من الطاعات ، وثابر عليها، وتُب إلى الله كلما فارقت معصية ، فإن عُدت وكررتها تُب المرة الثانية والثالثة وهكذا ، ولا يملّ الله حتى يمل العبد، والله يحبّ عباده التوابين، قال الله تعالى : ( إن الله يحبّ التوابين) البقرة / 222، وقال جل شأنه : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) آل عمران/ 135 .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) . حسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه "(3427) .
لكن الذي يجب عليك حقا : ليس هو الاستسلام إلى اليأس من صلاح النفس ، فهذا حل مريح لها ، وإطلاق لعنان الهوى والشهوات .
بل أن تقف مع نفسك وقفة جد ، تغير بها نمط حياتك ، وتنظر : من أين ينفذ الشيطان إليك ، فيوقعك المرة بعد المرة .
فإن كانت فتنتك في النساء : فتزوج ، واحدة ، وأكثر من ذلك ، إن قدرت عليه ، واحتجت إليه .
وانظر إلى سبل الغواية ، من أين تنفذ إليك سهام عدوك ؛ فإن كان من صحبة السوء : فغيرها ، وإن كان من بلدك ، فاهجرها ، وابحث عن بلد وصحبة تعينك على نفسك ، وهواك وشيطانك .
فاحذر من الأمرين من اليأس والقنوط ومن ترك نفسك فريسة للإهمال والتفريط ، فلا تعالج داءها ، بل تظل تسهل لها خطوات الشيطان ، وتدع منافذك مفتوحة مشرعة أمام عدوك ، حتى إذا أصاب منك المقتل ، وكانت الداهية : جلست تبكي ، كما يفعل العجزة والضعفاء ، وتندب حظك ، وتشكو حالك .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وأضر ما عليه : الإهمال ، وترك المحاسبة ، والاسترسال ، وتسهيل الأمور ، وتمشيتها ؛ فإن هذا يؤول به إلى الهلاك .
وهذه حال أهل الغرور: يغمض عينيه عن العواقب ، ويمُشِّى الحال، ويتكل على العفو، فيهمل محاسبة نفسه ، والنظر في العاقبة.
وإذا فعل ذلك : سهُل عليه مواقعة الذنوب ، وأنس بها، وعسُر عليها فطامها !!
ولو حضره رشده : لعلم أن الحِمْية أسهلُ من الفطام ، وترك المألوف والمعتاد".
انتهى من "إغاثة اللهفان" .
ولا يُظن بك مع هذا الحرص على الخير والعبادات وكفالة اليتيم أن تكون من هؤلاء ولا هؤلاء، فالتفت إلى نفسك وراقب مواطن الخلل والضعف منها ، أحسن الظن بربك فإنه القائل (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن: 60].
وانظر أجوبة الأسئلة أرقام : (9231) ، (45887) ، (214787) .
والله أعلم .
منقـــــول
الإسلام سؤال وجواب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق