الاثنين، 15 يونيو 2015

رفع الهمم إلى القمم




رفع الهمم إلى القمم


أنا إن عشت لست أعدم خبزاً.......وإذا مت لست أعدم قبـــراً
همتّي همة الملـــــوك ونفسي.......نفس حر ترى المذلة طفراً


السلام على أهل الهمّة..
فهم صفوة الأمم..
وأهل المجد والكرم..
طالت بهم أرواحهم إلى مراقي الصعود.. مطالع السعود.. ومراتب الخلود..
ومن أراد المعالي هان عليه كل هم.. لأنه لولا المشقّة ساد الناس كلهم..
ونصوص الوحي تناديك.. سارع ولا تلبث بناديك.. وسابق ولا تمكث بواديك..


أمية بن خلف لما جلس مع الخلف أدركه التلف..
ولما سمع بلال بن رباح حي على الفلاح.. أصبح من أهل الصلاح..


أطلب الأعلى دائماً وما عليك..
فإن موسى لما اختصه الله بالكلام قال:{ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ }
المجد لايأتي هبة.. لكنه يحصل بالمناهبة..
فلما حمل الهدهد الرسالة، ذكر في سورة النمل بالبسالة..
نجحت النملة بالمثابرة، وطول المصابرة..


تريد المجد ولا تجدّ؟؟
تخطب المعالي وتناوم الليالي؟؟
ترجوا الجنّة وتفرّط في السنّة؟؟


قام رسولنا صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه..
وربط الحجر على بطنه من الجوع.. وهو العبد الأوّاه..
وأدميت عقباه بالحجارة.. وخاض بنفسه كل غارة..


يدعى أبو بكر من الأبواب الثمانية، لأن قلبه معلق بربه كل ثانية..
صرف للدين أقواله، وأصلح بالهدى أفعاله، وأقام بالحق أحواله، وأنفق في سبيل الله أمواله.. وهاجر وترك عياله..


لبس عمر المرقّع، وتأوّه من ذكر الموت وتوجّع، وأخذ الحيطة لدينه وتوقّع ..
عدل وصدق وتهجّد، وسأل الله أن يستشهد، فرزقه الله الشهادة في المسجد..

عليك الجد إن الأمر جَـدّ.......وليس كما ظننت ولا وهمتَ
وبادر فالليالي مسرعات.......وأنت بمقلة الحدثـــان نمتَ

اخرج من سرداب الأماني، يا أسير الأغاني..
وانفض غبار الكسل واهجر من عذل، فكل من سار على الدرب وصل..
نسيت الآيات وأخّرت الصلوات، وأذهبت عمرك السهرات، وتريد الجنات؟؟

ويلك!! والله ما شبع النمل حتى جد في الطلب..
وما ساد الأسد حتى وثب..
وما أصاب السهم حتى خرج من القوس..
وما قطع السيف حتى صار أحدَّ من الموس..
الحمامة تبيني عشّها..
والحمرة تنقل عشّها..
والعنكبوت تهندس بيتها..
والضب يحفر مغارة..
والجرادة تبني عمارة..

وأنت لك مدة..
ورأسك على المخدة..

في الحديث..« إحرص على ما ينفعك » .. لأن ما ينفعك يرفعك..

« المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف »
بالقوة يبنى القصر المنيف, وينال المجد الشريف..

همة تنطح الثريا وعزم.......نبوي يزعزع الأجبال

صاحب الهمة مايهمه الحرّ.. ولايخيفه القرّ.. ولا يزعجه الضرّ.. ولايقلقله المرّ.. لأنه تدرع بالصبر...
صاحب الهمة يسبق الأمّة إلى القمّة..

 
 
 
{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ.أُوْلَـئِكَ الْمُقَرَّبُونَ }
لأنهم على الصالحات مدبون في البر مجرّبون..
عمي بعض المحدثين من كثرة الرواية، فما كلّ ولاملّ حتى بلغ النهاية..
مشى أحمد بن حنبل من بغداد إلى صنعاء.. وأنت تفتر في حفظ دعاء..
سافر أحدهم إلى مصر، وغدوه شهر ورواحه شهر.. في طلب حديث واحد.. ليدرك به المجد الخالد..
ولولا المحنة، مادعي أحمد إمام االسنة.. ووصل بالجلد إلى المجد..
 
 
 
ووضع ابن تيمية في الزنزانة.. فبرز بالعلم زمانه..
واعلم أن الماء الراكد فاسد.. لأنه لم يسافر ولم يجاهد..
ولما جرى الماء.. صار مطلب الأحياء..
بقيت على سطح البحر الجيفة.. لأنها خفيفة..
وسافر الدرّ إلى قاع البحر.. فوضع من التكريم على النحر..

 
 
فكن رجلاً رجله في الثرى.......وهامة همته في الثريا
ياكثير الرقاد.. أما لنومك نفاد؟؟
سوف تدفع الثمن يامن غلبه الوسن..
تظن الحياة جلسة.. وكبسة.. ولبسة.. وخلسة؟؟
بل الحياة شريعة ودمعة. وركعة. ومحاربة بدعة..

 
 
 
الله أمرتا بالعمل.. لينظر عملنا.. وقال { وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }
فالحياة عقيدة وجهاد.. وصبلا وجلاد.. ونضال وكفاح.. وبر وفلاح..
لامكان في الحياة لأكول كسول..
ولامقعد في حافلة الدنيا للمخذول..

 
 
ابدأ في طلب الأجر من الفجر.. بقراءة وذكر.. ودعاء وشكر.. لأنها انطلاق الطير من وكورها..
ولا تنسى: « بارك الله لأمتي في بكورها »
العلم في حركة.. كأنه شركة.. وقلبك خربة كأنه خشبة..
والطير يغرد.. والقمري ينشد.. والماء يتمتم.. والهواء يهمهم..
والأسود تصول.. والبهائم تجول.. وأنت جثة على الفراش؟؟
لافي أمر عبادة.. ولا معاش؟؟
نائم هائم.. طروب لعوب كسول أكول..

 
 
ولاتقل الصبا فيه اتساع.......وفكر كم صبي قد دفنتـــا
تفرّ من الهجير وتتقيـــه.......فهلا من جهنم قد فـررتا

أنت تفتر والملائكة لايفترون.. وتسأم العمل والمقربون لايسأمون..


 
 
بم تدخل الجنة؟؟
هل طعنت في ذات الله بالألسنة؟؟
هل أوذيت في نصر السنة؟؟
فانفض عنك غبار الخمول.. ياكسول..
فبلال العزيمة.. أذّن في أذنك فهل تسمع؟؟
وداع الخير دعاك فلماذا لاتسرع؟؟

 
 
{ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ }
ولابد للهمم الملتهبة أن تنال مطلوبها..
ولابد للعزائم المتوثبة أن تدرك مرغوبها..
سنة لاتبدل.. وقضية لاتحوّل..

 
 
سوف تأتيك المعالي إن أتيت.......لاتقل سوف عسى، أين وليت
قل للمتخلفين اقعدوا مع الخالفين.. لأن المنازل العالية والأماني الغالية تحتاج إلى همم موارّة.. وفتكات جبارة.. لينال المجد بجدارة..

 
 
وقل للكسول النائم.. والثقيل الهائم..
امسح النوم من عينيك.. واطرد الكرى من جفنيك.. فلن تنال من ماء العزة قطرة.. ولن ترى من نور العلى خطرة.. حتى تثب مع من وثب.. وتفعل مايجب.. وتأتي بالسبب..


 
 
ألا فليهنأ أرباب الهمم.. بوصول القمم..
وليخسأ العاكغون على غفلاتهم في الحضيض.. فلن يشفع لهم عند ملوك الفضل نومهم العريض..

 
 
وقل لهؤلاء الراقدين: { إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ }
فهبوا إلى درجات الكمال.. نساءً ورجالاً..
ودرّبوا على الفضيلة أطفالاً..

{ انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً }
 
 
 

الأحد، 14 يونيو 2015

الصمت الفضيلة الغائبة




الصمت الفضيلة الغائبة




لا يتوقف العالم عن الكلام، ولا يُقدّر الصمت، ويُصفّق دائماً لمن يتحدث أكثر، ويصفه بالانفتاح والحضور والاجتماعية وسعة الأفق، بل أصبحت الانطوائية والميل إلى السكوت مرضاً يتنصّل منه البعض، وتنهال على صاحبه الأوصاف السوداء تارة والساخرة تارة أخرى من معقد ومغلق ومحدود الفكر وكئيب، هل نحن في زمن قلب الحقائق وتبدل المفاهيم الراسخة على مر العصور، أم أننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا وذاتنا؟ أسئلة تطرح نفسها وتحتاج منا إلى إجابات حاسمة كي لا نضل الطريق. 
 
 
  • فضيلة الصمت: 
قديما قالوا: "إذا تمَّ العقل نقص الكلام". وأثني أحدهم علي فضيلة الصمت فقال: "هو زينة بدون حلية، وهيبة بدون سلطان، وحصن بدون حائط". 
 
رأيتُ الكلام يزينُ الفتى *** والصَّمتُ خير لمن قد صَمَتْ
 
فكم من حروفٍ تجرُّ الحتوفَ *** ومن ناطقٍ ودّ أن لو سَكَتْ
 
 
قال صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا» (أحمد والترمذي - حققه الألباني صحيح الترغيب برقم 2874 ) أي من صمت عن النطق بالشر، قال الغزالي: "هذا من فصل الخطاب وجوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وجواهر حكمه، ولا يعرف ما تحت كلماته من بحار المعاني إلا خواص العلماء، وذلك أن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة من نحو كذب وغيبة ونميمة ورياء ونفاق وفحش ومراء وتزكية نفس وخوض في باطل، ومع ذلك إن النفس تميل إليها لأنها سباقة إلى اللسان ولها حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان، فالخائض فيها قلما يقدر على أن يلزم لسانه فيطلقه فيما يحب ويكفه عما لا يحب، ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار وفراغ الفكر للعبادة والذكر والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة".
 
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عظني وأوجز، فقال: «إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَاجْمَعْ الْإِيَاسَ مِمَّا فِي يَدَيْ النَّاسِ» [رواه أحمد - حسنه الألباني - صحيح بن ماجة برقم 3381].
 
روي أنه التقى أربعة من أذكياء الملوك: ملك الهند، وملك الصين، وملك الفرس، وملك الروم، فاجتمعوا على ذم الكلام ومدح الصمت، فقال أحدهم: "أنا أندم على ما قلت، ولا أندم على ما لم أقل" وقال الآخر: "إنّي إذا تكلمت بالكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلم بها ملكتها ولم تملكني" وقال الثالث: "عجيب للمتكلم، إن رجعت عليه كلمته ضرّته، وإن لم ترجع لم تنفعه"، وقال الرابع: "أنا على ردّ ما لم أقلّ أقدر مني على ردّ ما قلتُ".
 
  • اعمل أكثر مما تتكلم:
الصامتون من خير أهل الأرض، هم من يصنعون التغيير ويُضيفون كثيراً في عصر الثرثرة، الفئة النادرة التي تعمل أكثر مما تتكلم.
 
يقول زيجلر: "ثُلث ما يتعلمه حاملو درجة الدكتوراة من علم يأتي من خلال دراستهم الأكاديمية فقط، أما الباقي فيكون حصيلة التأمل والمراقبة خلال سنوات عمرهم الباقية. لذا فليس كل متعلم مفكِّرا".
 
إن الإنجاز لن يولد في الضجيج بل تتشكل ملامحه وسط غابات من الصمت ومن السكون، والانطوائية ليست عيباً، بل دليل نبوغ في أحيانٍ كثيرة.
 
والصمت يمنحك طاقة قوية للتفكير بعمق في كل ما يحصل حولك والتركيز بعقلانية على إجابتك، قال د.عبد الوهاب المسيري رحمه الله: "لا أقبل شيئاً على علاته، وهذا ما أصابني بداء التأمل".
 
  • لكل حالة لبوسها:
جعل الله تعالى الصمت ستراً على الجاهل، وزيناً للعالم، روي أن رجلاً كان يجلس إلى أبي يوسف، تلميذ أبي حنيفة، ويطيل الصمت، فقال له أبو يوسف يوماً: ألا تتكلم؟ فقال بلى: متى يفطرُ الصائم؟ فأجابه: إذا غابت الشمس، فقال: فإن لم تغب إلى نصف الليل؟ فضحك أبو يوسف، وقال: لقد أصبت في صمتك وأخطأت أنا في طلبي لنطقك، ثم قال:
 
عجبتُ لأزراءِ العيي بنفسهِ 
***
 وصمتُ الذي كان بالصمتِ أعلما
 
وفي الصمتِ سترٌ للعيي 
*** 
وإنما صحيفةُ لبّ المرءِ أنْ يتكلّما
 

فالصمت ليس محموداً على الإطلاق والكلام أيضاً، بل يبقى لكل مقام مقال، ولكل حالة لبوسها، ولو كان الصمت فضيلة بإطلاق لماتت النصائح الصادقة وغاب التوجيه السديد وفقدنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ميز هذه الأمة وقامت عليه خيريتها، تعيش الكلمةُ الصادقة ويُخلد صاحبها، ويبقى في وجدان الناس ويسكن ذاكرة قلوبهم، أما الضجيج الكاذب فربما يبقى قليلا لكن سيظل هشا مُهمشاً في زاوية الصخب، سيعيش نكرة ويمضي نكرة، ويموت في جوف الفراغ سراباً بلا معنى.
 
إن الصمت وإن صاحبه سلامة مؤقتة لكنه مسمار يُدَقُ في نعش الفضيلة، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78-79].
 
قال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرءا تكلم فغنم أو سكت فسلم» [صحيح الجامع: 3492]. وأفهم بذلك أن قول الخير خير من السكوت لأن قول الخير ينتفع به من يسمعه والصمت لا يتعدى صاحبه.
 
«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» [متفق عليه]. قال القرطبي: "معناه أن المصدق بالثواب والعقاب المترتبين على الكلام في الدار الآخرة لا يخلو إما أن يتكلم بما يحصل له ثواباً أو خيراً فيغنم أو يسكت عن شيء فيجلب له عقاباً أو شراً فيسلم، وعليه فـ «أو» للتنويع والتقسيم، فيسن له الصمت حتى عن المباح لأدائه إلى محرم أو مكروه، وبفرض خلوه عن ذلك فهو ضياع الوقت فيما لا يعنيه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

 
وأفاد الخبر أن قول الخير خير من الصمت لتقديمه عليه. وأنه إنما أمر به عند عدم قول الخير.

 
قال القرطبي: "وقد أكثر الناس الكلام في تفصيل آفات الكلام وهي أكثر من أن تدخل تحت حصر وحاصله أن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن يتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات، فحينئذ تخرج تلك الكلمة مخطومة وبأزمة التقوى مزمومة". 
 
قال ابن القيم رحمه الله: "وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها وهو بارد القلب ساكت شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلا مبالاة بما جرى للدين، وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذَّل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه، وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بُلوا في الدنيا بأعظم بليه تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل".
 
وقال أحدهم: "الصمت عن الخنا، أفضل من الكلام بالخطا".
 
وقال شمس الدين السفاريني: "المعتمد أنَّ الكلام أفضل؛ لأنَّه من باب التحلية، والسكوت من التخلية، والتحلية أفضل، ولأنَّ المتكلم حصل له ما حصل للساكت وزيادةٌ، وذلك أنَّ غاية ما يحصل للساكت السلامة، وهي حاصلةٌ لمن يتكلم بالخير مع ثواب الخير".
منقـــــول

الزم صمتك!






الزم صمتك!





الْزَم الصَّمتَ؛ فَـفِيه سَلامتُك، وأقِلَّ الكلامَ؛ فَـفِيه نَدامتُك!
ذَكر الإمامُ ابن حِبَّان رحمه الله، بإسناده إلى الأحنَف بن قيس، قال: "الصمتُ أمانٌ من تحريف اللفظ، وعِصمةٌ من زَيغ المَنطِق، وسلامةٌ من فضول القول، وهَيبةٌ لصاحبه".


ثُم زاد ابنُ حبان قائلًا:
"الواجبُ على العاقل؛ أن يَلزم الصمتَ إلى أن يَلزمَه التَّكلُّم، فمَا أكثرَ مَن ندِم إذا نَطق، وأقلَّ مَن يَندم إذا سَكت، وأطولُ الناس شقاءً، وأعظمُهم بلاءً؛ مَن ابتُلي بلسانٍ مُطلَق، وفؤادٍ مُطبَق".
(انظر: روضة العقلاء).


قلتُ: "ولَم يَرد عن أحدٍ من العلماء؛ أنَّه صنَّف في فضل الكلام، ولكن؛ ما أكثرَ ما صنَّفُوا في ذَمِّه".


ويَرضى الله عن الإمام النوويّ، إذ يقول: "اعْلم أنه ينبغي لكل مُكلّف؛ أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام؛ إلا كلامًا تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلامُ وتركُه في المصلحة؛ فالسُّنة الإمساك عنه؛ لأنه قد يَنجرُّ الكلام المباح، إلى حرامٍ أو مكروه، بل هذا كثير أو غالب في العادة، والسلامة لا يَعدلها شيء".


(انظر: الأذكار).
قلتُ: "فإذا كان عند استواء الكلام وتَركه في المصلحة؛ يكون تركه أولى؛ فكيف إذا كان في غير ذلك؟! بل كيف إذا لَزِم السكوت، وتعيّن تركُ الكلام؟! والله الهادي والمُستعان"
lمنقول