الأحد، 25 أغسطس 2013

كيفية صلاة الاستخارة

 
 

كيفية صلاة الاستخارة

خالد بن عبد الله المصلح

 
 
 
كيفية صلاة الاستخارة. وهل يجوز أن أصليها عن أمي؟
 
 
صلاة الاستخارة سنة. وصفتها: أن من أراد أمرا من الأمور صلى ركعتين بنية صلاة الاستخارة ثم دعا بما رواه البخاري وغيره من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجل أمري - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به. قال ويسمي حاجته". والأفضل في هذا الدعاء أن يكون قبل السلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر دعائه قبل السلام، ويجوز أن يكون بعده .
أما الاستخارة للغير: فقد قال بجوازها بعض أهل العلم من المالكية والشافعية، أخذاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من استطاع أن ينفع أخاه بشيء فليفعل " رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله . والذي يظهر أنه لا يستخير عن غيره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجه الأمر لصاحب الشأن فقال : "إذا هم أحدكم بالأمر ...... " الحديث، فالأصل أن يستخير الإنسان عن نفسه، فإن كان لا يحسن ذلك أو لا يستطيعه فأرجو أن تنفعه استخارة غيره، لأن ذلك من جملة الدعاء لأخيه المسلم. أما كيفية الاستخارة للغير فلا تختلف عن استخارة الإنسان لنفسه.
 
منقــــــــــــول

الخميس، 22 أغسطس 2013

حكم وضع الفتاة لصورتها على صفحة الفيس بوك

 
السؤال:
ما حكم وضع الفتاة لصورتها على صفحة الفيس بوك ، خصوصا وأن بعض الأخوات المحجبات تعتقد أن وضع صور لهن بالحجاب مسألة غير ممنوعة شرعا ، فهل من توضيح حتى أستطيع نصحهن ؟ و شكرا


الجواب:
الحمد لله:
وضع الفتاة لصورتها على صفحات الفيس بوك أو المنتديات والمواقع الإلكترونية محرم ، وذلك لأمور عدة :
أولا : أن ذلك مناف للستر الذي أمرت به المرأة في الكتاب والسنة ، فإذا كان الله عز وجل قال في حق أشرف النساء وأبعدهن عن الريبة وهن نساؤه صلى الله عليه وسلم : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ، وقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59 ، ونهى عز وجل المرأة أن تخضع في القول ، فقال تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقّيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32 .
فشرع سبحانه وتعالى على نسائه صلى الله عليه وسلم وعلى نساء المؤمنين عامة الحجاب تطهيرا لقلوب المؤمنات ورفعة لهن عن مواطن الفتنة والتهمة ، وتحصينا لفروجهن وفروج عباده المؤمنين ، فإذا عُلم ذلك اتضح أن وضع المرأة صورتها يراها البر والفاجر في مثل هذه المواقع مما ينافي ويعارض شرعه سبحانه وتعالى .
ثانيا : أن ذلك باب فتنة وشر للمرأة ولمن يشاهدها ، فكم سمعنا وقرأنا عن قصص مؤلمة بسبب ذلك ، فكم من طاهرة عفيقة وقعت في حبائل من لا يخافون الله من الفجرة الذين يغرونها بلفظ منمق وكلام معسول ووعود تطول ، حتى إذا قضوا منها حاجتهم قلبوا لها ظهر المجن ، فلم يبق لها من ذلك إلا الخيبة والحسرة والخسران ، وربما فضيحة الدارين ، والعياذ بالله .
وكم من فاجر تلاعب بتلك الصور ودبلجها بوسائل حديثة ، فإذا وجه الشريفة يوضع على جسد فاجرة وبائعة هوى رخيصة ، فحينئذ تعض أصابع الندم بما جنت على نفسها وأهلها ، ولات ساعة مندم .
ثالثا : ما ذكرت من أن بعض الأخوات المحجباب تعتقد أن وضع صور لهن بالحجاب غير ممنوع شرعا ، إن كان مرادك بالحجاب الحجاب الشرعي الساتر للوجه الذي لا يبدو معه وجه المرأة ، فمثل هذا غير ممنوع شرعا ، خاصة عند الحاجة إليه ؛ لكن هذا – قطعا - غير مراد ، لأنه غير نافع لصاحبه ، فما قيمة وضع صورة لسواد لا يبدو منه شيء ؟!
وأما إن كان المراد بذلك وضع صورة المرأة وقد كشفت وجهها ، ولو سترت بدنها كله ؛ فقد بينا لك ما فيه من المفاسد التي تكفي للمنع منه ، حتى ولو لم نقل بوجوب ستر المرأة لوجهها ؛ فكيف إذا كان ذلك واجبا ؟! إن الإثم هنا يكون مضاعفا ، والخطر أشد ؛ وهي بهذا تخرق ما اعتاده نساء المؤمنات في عصورهن .
قال الغزالي رحمه الله في "إحياء علوم الدين" ( 2/53 ) : " لم يزل الرجال على ممر الأزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات .. " انتهى . ونحوه في "فتح الباري" ( 9/337) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" ( 9/ 424): " ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب " انتهى .
ثم إن كل ذي لب يعلم أن مجمع الحسن والفتنة في المرأة هو وجهها ، وهو الذي يستشرف الرجال لمعرفته ، وبه يقاس جمال المرأة من عدمه ، فنشر الصورة على الوجه المذكور فتح لباب فتنتها والفتنة بها ، وابتذالها وابتذال صورتها ، حين تكون مباحة لكل طالب وراغب .

والله أعلم
منقول 
الإسلام سؤال وجواب

الأربعاء، 21 أغسطس 2013

الحالقة "فساد ذات البين"


الحالقة "فساد ذات البين"


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
إن المحبة والأخوة أساس التكافل الاجتماعي، وبناء المجتمعات، وإن قوتها، ومتانتها، وعظمها، إنما يكمن في الأخوة، وإصلاح ذات البين، ولهذا المعنى العظيم ضرب لنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أروع المثال، ليس كلاماً فحسب، بل فعلاً وتطبيقاً على واقع الحياة، ذلك المثل الذي ضربه عندما هاجر إلى المدينة المنورة، حيث عمل بهذا المعنى العظيم، وهو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، تلك القبيلتين المتناحرتين؛ لأنه علم-صلى الله عليه وسلم-أن فساد ذات البين هي السبب في تشتت المجتمعات، وتفرقها، وضعفها، وتخلفها، ولهذا المعنى السيء حذر النبي-صلى الله عليه وسلم-من فساد ذات البين، وبين خطرها، وأنها تحلق الدين، الذي هو أعظم شيء عند المسلم، فعن أبى هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تسلموا ولا تسلموا حتى تحابوا، أفشوا السلام تحابوا، وإياكم والبغضة فهي الحالقة، لا أقول لكم تحلق الشعر، ولكن  تحلق الدين)(1).
وعند الترمذي:(إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة) قال أبو عيسى هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه ومعنى قوله: "وسوء ذات البين" إنما يعني العداوة والبغضاء، وقوله الحالقة يقول:" إنها تحلق الدين"(2).
 و عن أبي الدرداء-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟. قالوا: بلى. قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة)(3)
قال المناوي: "إياكم وسوء ذات البين" أي التسبب في المخاصمة والمشاجرة بين اثنين، أو قبيلتين بحيث يحصل بينهما فرقة أو فساد، فإنها أي: الفعلة أو الخصلة المذكورة، الحالقة أي   تحلق الدين. قوله: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة" المراد بهذه المذكورات النوافل دون الفرائض. قال القاري والله أعلم بالمراد: "إذ قد يتصور أن يكون الإصلاح في فساد يتفرع عليه سفك الدماء، ونهب الأموال، وهتك الحرم أفضل من فرائض هذه العبادات، القاصرة مع إمكان قضائها على فرض تركها فهي من حقوق الله التي هي أهون عنده سبحانه من حقوق العباد"(4)
وقيل المراد بذات البين المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين فرقة والبين من الأضداد الوصل، والفرق وفساد ذات البين الحالقة أي هي الخصلة التي من شأنها أن   تحلق الدين وتستأصله كما يستأصل الموس الشعر.
وفي الحديث حث وترغيب في إصلاح ذات البين واجتناب الإفساد فيها؛ لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله، وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين تعاطى إصلاحها ورفع فسادها نال درجة فوق ما يناله المشتغل بخويصة نفسه(5)
أيها المسلمون: لا يخفى عليكم اليوم ما تمر به الأمة الإسلامية من فساد ذات البين، فإن الإستعمار لما جاء بدأ بتفريعها إلى دويلات صغيرة، وعمل لها الحدود المختلفة لكي تعمل على إضاعة إصلاح البين، وما أكثر الدول اليوم إفساد لذات البين مع أن الدين واحد، والرب واحد، والقرآن واحد، إلا أنك ترى كل دولة بينها وبين دولة أخرى ما الله به عليم من النزاعات، والمهاجرات، والحروب، وكذلك الشعوب نفسها، فإنها متناحرة فيما بينها مختلفة، متصارعة، ولهذا فإنك تجد أن أمة الإسلام أضعف الأمم، وأن الأمم الكافرة الفاجرة قد سلطها الله عليها؛ لأنها لم تعمل على إصلاح ذات البين، ولهذا فإن الغرب اليوم يسعون لإلغاء هذا الدين من على وجه هذه البسيطة، بعد أن سعوا إلى تحقيق إفساد ذات البين؛ لأنهم يعلمون أنه لا يمكن لهذا الدين، أن يلغى من على وجه الأرض إلى إذا فسدت قلوب أهله، وجعلوا حياتهم في نزاع وصراع، وتناحر فيما بينهم، ولهذا صدق رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة" فإنها الحالقة والله لهذا الدين، وما أشدها ظهوراً في زماننا وفي عصرنا ولكن المسلمين لم يتنبهوا لهذا الأمر الخطير الذي يهدد هذه الأمة، ويهدد دينها، ومقدساتها، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم أصلح ذات بيننا، وألف على الخير قلوبنا، واجمع شملنا، ووحد صفنا، ولمَّ شعثنا يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك أن تكبت عدونا، وأن تمزق صفهم، وأن تخالف بين كلمتهم وقلوبهم، وأن تمزقهم شر تمزيق يا قوي يا متين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين،
والحمد لله رب العالمين،،،

1 - الأدب المفرد (1/100)(260).
2 سنن الترمذي(2508)
3 - سنن الترمذي (2509).
4 - راجع: تحفة الأحوذي (7/178-179).
5 - راجع: عون المعبود(13/178).

منقـــــول 

(1)الراوي: أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 414-خلاصة حكم المحدث: صحيح.
(2)الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2508 - خلاصة حكم المحدث: حسن
 (3) الراوي: أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2509خلاصة حكم المحدث: صحيح
 

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

ما هو الوسط في الدين ؟

ما هو الوسط في الدين ؟

للشيخ محمد بن صالح العثيمين
السؤال: ما المراد بالوسط في الدين ؟.


الجواب:

الحمد لله

الوسط في الدين أن لا يغلو الإنسان فيه فيتجاوز ما حد الله عز وجل ولا يقصر فيه فينقص مما حد الله -سبحانه وتعالى .

الوسط في الدين أن يتمسك بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم , والغلو في الدين أن يتجاوزها , والتقصير أن لا يبلغها .

مثل ذلك , رجل قال أنا أريد أن أقوم الليل ولا أنام كل الدهر, لأن الصلاة من أفضل العبادات فأحب أن أحيي الليل كله صلاة فنقول : هذا غالٍ في دين الله وليس على حق , وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا ، اجتمع نفر فقال بعضهم : أنا أقوم ولا أنام , وقال : الآخر أنا أصوم ولا أفطر, وقال الثالث أنا لا أتزوج النساء , فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام : ( ما بال أقوام يقولون كذا وكذا أنا أصوم وأفطر , وأنام وأتزوج النساء , فمن رغب عن سنتي فليس مني ) (1) فهؤلاء غلو في الدين فتبرأ منهم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم رغبوا عن سنته صلى الله عليه وسلم التي فيها صوم وإفطار , وقيام ونوم , وتزوج نساء .

أما المقصر : فهو الذي يقول لا حاجة لي بالتطوع فأنا لا أتطوع وآتي بالفريضة فقط , وربما أيضاً يقصر في الفرائض فهذا مقصرّ .

والمعتدل : هو الذي يتمشى على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم , وخلفاؤه الراشدون .

مثال آخر : ثلاثة رجال أمامهم رجل فاسق , أحدهم قال : أنا لا أسلم على هذا الفاسق وأهجره وابتعد عنه ولا أكلمه .

والثاني يقول : أنا أمشي مع هذا الفاسق وأسلم عليه وأبش في وجهه وأدعوه عندي وأجيب دعوته وليس عندي إلا كرجل صالح .

والثالث يقول : هذا الفاسق أكرهه لفسقه وأحبه لإيمانه ولا أهجره إلا حيث يكون الهجر سبباً لإصلاحه , فإن لم يكن الهجر سبباً لإصلاحه بل كان سبباً لازدياده في فسقه فأنا لا أهجره.

فنقول الأول مُفرط غالٍٍ - من الغلو - والثاني مفرّط مقصّر , والثالث متوسط .

وهكذا نقول في سائر العبادات ومعاملات الخلق ، الناس فيها بين مقصر وغال ومتوسط .

ومثال ثالث : رجل كان أسيرا لامرأته توجهه حيث شاءت لا يردها عن إثم ولا يحثها على فضيلة , قد ملكت عقله وصارت هي القوامة عليه .

ورجل آخر عنده تعسف وتكبر وترفع على امرأته لا يبالي بها وكأنها عنده أقل من الخادم .

ورجل ثالث وسط يعاملها كما أمر الله ورسوله : ( وَلَهُنَّ مثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ 228 . ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كان كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر ) (2). فهذا الأخير متوسط والأول غالٍ في معاملة زوجته, والثاني مقصر. وقس على هذه بقية الأعمال والعبادات .



منقـــول
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 42.

الاثنين، 12 أغسطس 2013

لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له ؟

للشيخ محمد بن صالح العثيمينرحمه الله


وسئل فضيلة الشيخ : لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له ؟ والله عز وجل يقول : ( ادعوني أستجب لكم ) ؟


فأجاب فضيلته بقوله : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأسأل الله تعالى لي ولإخواني المسلمين التوفيق للصواب عقيدة، وقولاً، وعملاً، يقول : الله عز وجل: ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) . ويقول : السائل : إنه دعا الله عز وجل ولم يستجب الله له فيستشكل هذا الواقع مع هذه الآية الكريمة التي وعد الله تعالى فيها من دعاه بأن يستجيب له والله سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد. والجواب على ذلك أن للإجابة شروطاً لابد أن تتحقق وهي:

الشرط الأول
: الإخلاص لله عز وجل بأن يخلص الإنسان في دعائه فيتجه إلى الله سبحانه وتعالى بقلب حاضر صادق في اللجوء إليه عالم بأنه عز وجل قادر على إجابة الدعوة، مؤمل الإجابة من الله سبحانه وتعالى.

الشرط الثاني
: أن يشعر الإنسان حال دعائه بأنه في أمسِّ الحاجة بل في أمس الضرورة إلى الله سبحانه وتعالى وأن الله تعالى وحده هو الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، أما أن يدعو الله عز وجل وهو يشعر بأنه مستغن عن الله سبحانه وتعالى وليس في ضرورة إليه وإنما يسأل هكذا عادة فقط فإن هذا ليس بحري بالإجابة.

الشرط الثالث
: أن يكون متجنباً لأكل الحرام فإن أكل الحرام حائل بين الإنسان والإجابة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين " فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ) . وقال تعالى: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ) . ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فأنى يستجاب له". فاسبتعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لهذا الرجل الذي قام بالأسباب الظاهرة التي بها تستجلب الإجابة وهي:

أولاً
: رفع اليدين إلى السماء أي إلى الله عز وجل لأنه تعالى في السماء فوق العرش، ومد اليد إلى الله عز وجل من أسباب الإجابة كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند : " إن الله حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً".

ثانياً
: هذا الرجل دعا الله تعالى باسم الرب " يا رب يا رب " والتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة ، لأن الرب هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور فبيده مقاليد السماوات والأرض ولهذا تجد أكثر الدعاء الوارد في القرآن الكريم بهذا الاسم: ( ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفرلنا ذنوبنا وكفرعنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار . ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد . فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ). الآيات. فالتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة.

ثالثاً: هذا الرجل كان مسافراً والسفر غالباً من أسباب الإجابة لأن الإنسان في السفر يشعر بالحاجة إلى الله عز وجل والضرورة إليه أكثر مما إذا كان مقيماً في أهله، وأشعث أغبر كأنه غير معني بنفسه كأن أهم شيء عنده أن يلتجىء إلى الله ويدعوه على أي حال كان هو سواء كان أشعث أغبر أم مترفاً، والشعث والغبر له أثر في الإجابة كما في الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا عشية عرفة يباهي الملائكة بالواقفين فيها يقول : " أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق" .


هذه الأسباب لإجابة الدعاء لم تجد شيئاً، لكون مطعمه حراماً ، وملبسه حراماً ، وغذي بالحرام، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأنى يستجاب له " فهذه الشروط لإجابة الدعاء إذا لم تتوافر فإن الإجابة تبدو بعيدة، فإذا توافرت ولم يستجب الله للداعي، فإنما ذلك لحكمة يعلمها الله عز وجل ولا يعلمها هذا الداعي، فعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم وإذا تمت هذه الشروط ولم يستجب الله عز وجل فإنه إما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن يدخرها له يوم القيامة فيوفيه الأجر أكثر وأكثر، لأن هذا الداعي الذي دعا بتوفر الشروط ولم يستجب له ولم يصرف عنه من السوء ما هو أعظم، يكون قد فعل الأسباب ومنع الجواب لحكمة فيعطى الأجر مرتين مرة على دعائه ومرة على مصيبته بعدم الإجابة فيدخر له عند الله عز وجل ما هو أعظم وأكمل.


ثم إن المهم أيضاً أن لا يستبطىء الإنسان الإجابة، فإن هذا من أسباب منع الإجابة أيضاً كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل". قالوا كيف يعجل يا رسول الله؟ قال: " يقول : : دعوت ودعوت ودعوت فلم يستجب لي" . فلا ينبغي للإنسان أن يستبطىء الإجابة فيستحسر عن الدعاء ويدع الدعاء بل يلح في الدعاء فإن كل دعوة تدعو بها الله عز وجل فإنها عبادة تقربك إلى الله عز وجل وتزيدك أجراً فعليك يا أخي بدعاء الله عز وجل في كل أمورك العامة والخاصة الشديدة واليسيرة، ولو لم يكن من الدعاء إلا أنه عبادة لله سبحانه وتعالى لكان جديراً بالمرء أن يحرص عليه. والله الموفق.
منقـــول 

الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

ختام شهر رمضان:

ختام شهر رمضان:
 
 

إن الخيل إذا قاربت نهاية السباق أخرجت أحسن ما عندها ، ومن أحسن فيما بقي غفر الله له ما مضى، والعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية. ...
علامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة، وعلامة ردها أن توصل بمعصية.
ما أحسن الحسنة بعد الحسنة وما أوحش ذل المعصية بعد عزّ الطاعة. اللهم أعزّنا بطاعتك ولاتذلّنا بمعصيتك.

إن انقضى شهر رمضان فعمل المؤمن لا ينقضي قبل الموت (واعبدربك حتى يأتيك اليقين) فالست من شوال والأيام البيض والرواتب والتلاوة والوتر عبادات باقيات.

رمضان قد قرب رحيله وأزف تحويله، وهو ذاهب عنكم بأفعالكم وقادم عليكم غدا بأعمالكم، فليت شعري ماذا أودعتموه وبأي الأعمال ودعتموه! أتراه يرحل حامدا صنيعكم أو ذاما، ما كان أعظم بركات ساعاته! وما كان أحلى جميع طاعاته! كانت ليالي عتق ومباهاة، وأوقاته أوقات تعبد ومناجاة، ونهاره زمان قربة ومصافاة، فأين العامل المجود؟! [التبصرة- ابن الجوزي] ...

{كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية} قال مجاهد وغيره: نزلت في الصائمين.
فالصائم يعطى في الجنة ما شاء الله من طعام وشراب وغيرها من اللذات جزاءً وفاقا.
من صام اليوم عن شهواته، أفطر عليها غدا بعد وفاته.. ومن تعجل ما حرم عليه من لذاته، عوقب بحرمان نصيبه من الجنة وفواته.. [لطائف المعارف] ...

كان علي رضي الله عنه ينادي آخر ليلة من رمضان: يا ليت شعري! من المقبول فنهنيه؟ ومن المحروم فنعزيه. ...

قال ابن مسعود رضي الله عنه: أيها المقبول هنيئا لك، ويا أيها المردود جبر الله مصيبتك. 

خرج عمر بن عبد العزيز يوم الفطر ليخطب فقال: أيها الناس.. صمتم 30 يوما وقمتم 30 ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم.

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لئن أستيقن أن الله قد تقبَّل لي صلاة واحدة أحب إليّ من الدنيا وما فيها. إنَّ الله يقول: (إنما يتقبل الله من المتقين).

كان مطرف يقول: "اللهم تقبل مني صلاة يوم، اللهم تقبل مني صوم يوم، اللهم اكتب لي حسنة، ثم يقول: (إنما يتقبل الله من المتقين). مصنف ابن أبي شيبة

قال عبد العزيز بن أبي رواد: "أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهمّ، أيقبل منهم أم لا؟" الذي يخشى على عمله يجتهد في العبادة ويسارع في الطاعة ولهذافسرعليه السلام: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) بأنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون ألاّ يقبل منهم.

يا غافلا وليالي الصوم قد ذهبت ** زادت خطاياك قف بالباب وابكيها
وتب لعلك تحظى بالقبول عسى ** أن تبلغ النفس بالتقوى أمانيها

إن "العائدين الفائزين" حقا من اعتبروا رمضان دورة تدريبية لتحبيب النفس وتعويدها على الطاعات لا فترة استثنائية لكسب الحسنات
 
 
منقــــــــول 
كتبه   الشيخ محمد صالح المنجد