الأحد، 25 نوفمبر 2012

تحقيق أحـــاديث في فضل سورة يس

رد حديث في أنّ سورة ( يس ) قلب القرآن ولكنّه حديث ضعيف ( راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني حديث رقم 169 ) ولا شكّ أنّ سورة يس سورة عظيمة جدا وفيها قصص مؤثّرة وعبر بالغة ولكن لم يثبت وصفها بقلب القرآن .



من قرأ سورة يس في ليلة أصبح مغفورا له .
ومن قرأ الدخان ليلة الجمعة أصبح مغفورا له
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترغيب - الصفحة أو الرقم: 978خلاصة حكم المحدث: ضعيف, ومن "قرأ الدخان ..." موضوع
.

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن الجوزي - المصدر: موضوعات ابن الجوزي - الصفحة أو الرقم: خلاصة حكم المحدث: باطل لا أصل له 1/403



ومما يرويه الناس حديث ( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به أن قراءة سورة ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته
.
والواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية ، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة ، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير ، بل ينبهون على بطلان ذلك
.
يقول السخاوي رحمه الله عن هذا الحديث
:
"

لا أصل له بهذا اللفظ " انتهى . "المقاصد الحسنة" (741) ، وقال القاضي زكريا في حاشية البيضاوي : موضوع . كما في "كشف الخفاء" (2/2215)
ومثله في كتاب "الشذرة في الأحاديث المشتهرة" لابن طولون الصالحي (2/1158) وفي "الأسرار المرفوعة" للقاري (619) وغيرها . وانظر رسالة الشيخ محمد عمرو المشار إليها : " حديث قلب القرآن يس .. " ص 80 هـ 1


.
تحقيق أحـــاديث في فضل سورة يس

رد حديث في أنّ سورة ( يس ) قلب القرآن ولكنّه حديث ضعيف ( راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني حديث رقم 169 ) ولا شكّ أنّ سورة يس سورة عظيمة جدا وفيها قصص مؤثّرة وعبر بالغة ولكن لم يثبت وصفها بقلب القرآن .



من قرأ سورة يس في ليلة أصبح مغفورا له .
ومن قرأ الدخان ليلة الجمعة أصبح مغفورا له
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترغيب - الصفحة أو الرقم: 978خلاصة حكم المحدث: ضعيف, ومن "قرأ الدخان ..." موضوع
.

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن الجوزي - المصدر: موضوعات ابن الجوزي - الصفحة أو الرقم: خلاصة حكم المحدث: باطل لا أصل له 1/403



ومما يرويه الناس حديث ( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به أن قراءة سورة ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته
.
والواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية ، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة ، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير ، بل ينبهون على بطلان ذلك
.
يقول السخاوي رحمه الله عن هذا الحديث
:
"

لا أصل له بهذا اللفظ " انتهى . "المقاصد الحسنة" (741) ، وقال القاضي زكريا في حاشية البيضاوي : موضوع . كما في "كشف الخفاء" (2/2215)
ومثله في كتاب "الشذرة في الأحاديث المشتهرة" لابن طولون الصالحي (2/1158) وفي "الأسرار المرفوعة" للقاري (619) وغيرها . وانظر رسالة الشيخ محمد عمرو المشار إليها : " حديث قلب القرآن يس .. " ص 80 هـ 1


.
تحقيق أحـــاديث في فضل سورة يس

رد حديث في أنّ سورة ( يس ) قلب القرآن ولكنّه حديث ضعيف ( راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني حديث رقم 169 ) ولا شكّ أنّ سورة يس سورة عظيمة جدا وفيها قصص مؤثّرة وعبر بالغة ولكن لم يثبت وصفها بقلب القرآن .



من قرأ سورة يس في ليلة أصبح مغفورا له .
ومن قرأ الدخان ليلة الجمعة أصبح مغفورا له
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترغيب - الصفحة أو الرقم: 978خلاصة حكم المحدث: ضعيف, ومن "قرأ الدخان ..." موضوع
.

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن الجوزي - المصدر: موضوعات ابن الجوزي - الصفحة أو الرقم: خلاصة حكم المحدث: باطل لا أصل له 1/403



ومما يرويه الناس حديث ( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به أن قراءة سورة ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته
.
والواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية ، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة ، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير ، بل ينبهون على بطلان ذلك
.
يقول السخاوي رحمه الله عن هذا الحديث
:
"

لا أصل له بهذا اللفظ " انتهى . "المقاصد الحسنة" (741) ، وقال القاضي زكريا في حاشية البيضاوي : موضوع . كما في "كشف الخفاء" (2/2215)
ومثله في كتاب "الشذرة في الأحاديث المشتهرة" لابن طولون الصالحي (2/1158) وفي "الأسرار المرفوعة" للقاري (619) وغيرها . وانظر رسالة الشيخ محمد عمرو المشار إليها : " حديث قلب القرآن يس .. " ص 80 هـ 1


.


ان ضعف ما ورد من فضائل سورة يس


رد حديث في أنّ سورة ( يس ) قلب القرآن ولكنّه حديث ضعيف ( راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني حديث رقم 169 ) ولا شكّ أنّ سورة يس سورة عظيمة جدا وفيها قصص مؤثّرة وعبر بالغة ولكن لم يثبت وصفها بقلب القرآن .

من قرأ سورة يس في ليلة أصبح مغفورا له .
ومن قرأ الدخان ليلة الجمعة أصبح مغفورا له

الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترغيب - الصفحة أو الرقم: 978خلاصة حكم المحدث: ضعيف, ومن "قرأ الدخان ..." موضوع
 
الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن الجوزي - المصدر: موضوعات ابن الجوزي - الصفحة أو الرقم: خلاصة حكم المحدث: باطل لا أصل له 1/403

ما يرويه الناس حديث ( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به أن قراءة سورة ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته
 

والواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية ، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة ، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير ، بل ينبهون على بطلان ذلك
.

يقول السخاوي رحمه الله عن هذا الحديث

 

لا أصل له بهذا اللفظ " انتهى . "المقاصد الحسنة" (741) ، وقال القاضي زكريا في حاشية البيضاوي : موضوع . كما في "كشف الخفاء" (2/2215)

ومثله في كتاب "الشذرة في الأحاديث المشتهرة" لابن طولون الصالحي (2/1158) وفي "الأسرار المرفوعة" للقاري (619) وغيرها . وانظر رسالة الشيخ محمد عمرو المشار إليها : " حديث قلب القرآن يس .. " ص 80 هـ 1



.

الاثنين، 19 نوفمبر 2012

رســــالة من الشيــخ بن عثيمين رحمه الله

 http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/jVu53804.gif


 
من محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله تعالى) 
إلى الابن/الابنة ..................... حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد فقد سألتني بارك الله فيك أن أضع لك منهجا تسير عليه في حياتك وإني لأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه الهدى والرشاد والصواب والسداد وأن يجعلنا هداة مهتدين صالحين مصلحين فأقول :

أولاً : مع الله عز وجل :

1- احرص على أن تكون دائما مع الله عز وجل مستحضراً عظمته متفكراً في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.

2- أن يكون قلبك مملوءاً بمحبة الله تعالى لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك .

3- أن يكون قلبك مملوءاً بتعظيم الله عز وجل حتى يكون في نفسك أعظم شيء . وباجتماع محبة الله تعالى وتعظيمه في قلبك تستقيم على طاعته قائما بما أمر به لمحبتك إياه تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له .

4- أن تكون مخلصاً له جل وعلا في عباداتك متوكلاً عليه في جميع أحوالك لتحقق بذلك مقام { إياك نعبد وإياك نستعين }. وتستحضر بقلبك أنك إنما تقوم بما أمر امتثالا لأمره وتترك ما نهى عنه امتثالا لنهيه فإنك بذلك تجد للعبادة طعما لا تدركه مع الغفلة وتجد في الأمور عونا منه لا يحصل لك مع الاعتماد على نفسك.

ثانياً : مع رسول الله صلى الله عليه وسلم :

1- أن تقدم محبته على محبة كل مخلوق ، وهديَه وسنته على كل هدي وسنة .

2- أن تتخذه إماما لك في عباداتك وأخلاقك بحيث تستحضر عند فعل العبادة أنك متبع له وكأنه أمامك تترسم خطاه وتنهج نهجه. وكذلك في مخالقة الناس أنك متخلق بأخلاقه التي قال الله له عنها {وإنك لعلى خلق عظيم }. ومتى التزمت بهذا فستكون حريصاً غاية الحرص على العلم بشريعته وأخلاقه.

3- أن تكون داعياً لسنته ناصراً لها مدافعاً عنها فإن الله تعالى سينصرك بقدر نصرك لشريعته.

ثالثاً : عملك اليومي غير المفروضات :

1- إذا قمت من الليل فاذكر الله تعالى وادع بما شئت فان الدعاء في هذا الموطن حري بالإجابة واقرأ قول الله تعالى { إن في خلق السموات والأرض } حتى تختم سورة آل عمران وهي عشر آيات.

2- صَلِّ ما كتب لك في آخر الليل واختم صلاتك بالوتر.

3- حافظ على ما تيسر لك من أذكار الصباح. قل مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

4- صل ركعتي الضحى .

5- حافظ على أذكار المساء ما تيسر لك منها .

رابعاً : طريقة طلب العلم :

1- احرص على حفظ كتاب الله تعالى واجعل لك كل يوم شيئا معينا تحافظ على قراءته ولتكن قراءتك بتدبر وتفهم.وإذا عنّت لك فائدة أثناء القراءة فقيدها.

2- احرص على حفظ ما تيسر من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك حفظ عمدة الأحكام.

3- احرص على التركيز والثبات بحيث لا تأخذ العلم نتفاً .. من هذا شيء ومن هذا شيء لأن هذا يضيع وقتك ويشتت ذهنك.

4- ابدأ بصغار الكتب وتأملها جيدا ثم انتقل إلى ما فوقها حتى تحصل على العلم شيئا فشيئا على وجه يرسخ في قلبك وتطمئن إليه نفسك.

5- احرص على معرفة أصول المسائل وقواعدها وقيد كل شيء يمر بك من هذا القبيل فقد قيل " من حرم الأصول حرم الوصول".

6- ناقش المسائل مع شيخك أو من تثق به علماً وديناً من أقرانك ولو بأن تقدر في ذهنك أن أحداً يناقشك فيها إذا لم تمكن المناقشة مع من سَمّينا .

هذا وأسأل الله تعالى أن يعلمك ما ينفعك وينفعك بما علمك ويزيدك علماً ويجعلك من عباده الصالحين وحزبه المفلحين .... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طــــريق الإســـــــلام

الأحد، 18 نوفمبر 2012

الْتِفاتَة قَلْب

الْتِفاتَة قَلْب
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

 
كان عنوان الدرس الماضي " دَعْه نَظيفًا "
ولَمّا تَقَرَّر أن القَلْب بَيْت الرَّبّ تعظيما وإجلالا وإفرادا ، كان لا بُدّ للقَلْب أن يُوحِّد الله ويُفرِده بأعماله ..
ومِن هنا كان تصحيح أعمال القلوب أحبّ إلى الله مِن تصحيح كثير مِن أعمال الجوارح ؛ لأنها إذا صَلَحت أعمال القلب صلَحت سائر الأعمال ..
إذ القَلْب هو الأصل ، والأعمال ثَمَرة ، والقلب مَلِك ، والأعضاء جنوده ..
وفي الحديث : ألا وإن في الجسد مُضْغَة ، إذا صَلَحت صَلَح الجسد كله ، وإذا فَسَدت فَسَد الجسد كله ، ألا وهي القلب . رواه البخاري ومسلم .

قال أبو هريرة : القلب مَلِكٌ والأعضاء جنوده ، فإذا طاب الملك طابَتْ جنوده ، وإذا خَبُثَ الملك خَبُثت جنوده .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقول أبي هريرة تَقْرِيب ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم أحسن بَيَانًا ؛ فإن الملك وإن كان صالحا فالْجُنْد لهم اختيار ، قد يَعْصُون به مَلِكَهم وبالعكس ، فيكون فيهم صلاح مع فَسَاده ، أو فَسَاد مع صَلاحِه ، بِخلاف القلب ؛ فإن الجسد تابِع له لا يَخرج عن إرادته قط ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا صَلَحت صَلَح لها سائر الجسد ، وإذا فَسدت فَسد لها سائر الجسد "
فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان عِلْما وعَملاً قَلْبِيا ، لَزِم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق . اهـ .

وإن مِن أجلّ أعمال القلب إفراد الله تعالى بالتوكّل عليه .
والتوكّل : هو اعتماد القلب على الله ، والـثِّقَة بما عنده سبحانه وتعالى ، واليأس مما في أيدي الناس . كما قال ابن القيم .
وقال في كِتاب " الفوائد " : وسِرُّ التَّوَكًّل وحَقِيقَتُه : هو اعْتِمَادُ القَلَبِ عَلى اللهِ وحْدَه . اهـ .

وأن لا يَلتَفِت إلى الأسباب ، وإن عَمِل الأسباب لأنه مأمور بها ، إلاّ أنه يعمل بالأسباب ثقَة بِمُسبب الأسباب ..

وأعلى مقامات التوكّل مقامات الأنبياء ..
فَعِندما أُفْرِد خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وحيدا فريدا في المنجنيق ليُرْمَى في النار ، كانت ثقته بالله عزّ وَجَلّ ، ولم يلتفت إلى غيره ، فقال : حسبنا الله ونِعْم الوكيل ، فأتى الأمر مِن فوق سبْع سماوات : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ) فَوَقَاه الله شرّ النار وشرّ الأشرار .

وعندما خَرَج نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام ببني إسرائيل ، ولحقه فرعون وجنوده ، قال بنو إسرائيل : إنّا لَمْدُرَكون ، فقال موسى عليه الصلاة والسلام بِلسان الواثق بالله عزّ وَجَلّ (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) ، وهو يَرى البحر مِن أمامه والعدو مِن خَلْفه ، فما أسْرع ما أتاه الفَرَج لِثقته بالله عزّ وَجَلّ (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) .

وعندما نامَ نَبِيُّنا صلى الله عليه وسلم تحت شجرة وعَلَّق سَيفه بِتلك الشجرة ، جاءه رجل من المشركين ، فاخْتَرَط السيف ثم قال : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهُ . كما في الصحيحين . فَمَنعه الله بِثقته به وتوكّله عليه .

ولَمّا طابَتْ قلوب المؤمنين بالتوكُّل على الله ، وصَدَقَتْ في توكّلها عليه ؛ جزاهم بِما توكّلوا عليه جنة وحريرا ، وأدخلهم الجنة بِغير حِسَاب ..
ففي الحديث : يدخل الجنة مِن أمتي سبعون ألْفًا بغير حساب : هم الذين لا يَسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون . رواه البخاري ومسلم .
فالقاسِم الْمُشْتَرَك بين هذه الأفعال : أنهم على ربهم يتوكّلون ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الذي عليه الجمهور أن الْمُتَوكِّل يَحْصل له بِتَوكّله مِن جَلْب المنفعة ودَفْع الْمَضَرَّة ما لا يَحْصل لغيره ، وكذلك الداعي . والقرآن يَدُلّ على ذلك في مواضع كثيرة . اهـ .

وكُلَّما كان توكّل الإنسان على الله أقوى وأتمّ نَفَعه تَوَكّله ..

ولا يجوز أن يلْتَفِت القلب في تَوَكّله على غير الله .. سواء كان ذلك بِجَلْب نَفْع ، أو دَفْع ضرّ ..
قال الله عزّ وَجَلّ لِنبِيِّـه صلى الله عليه وسلم : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)
وقال له سبحانه : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)
وأمَر المؤمنين بما أمَر به الْمُرْسَلين ، فقال : (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
ذلك لأن التوكّل لا يَصلح إلاّ على الحي الذي لا يموت ، لا إله غيره : (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) .

ولَمّا الْتَفَت قَلْب يوسف عليه الصلاة والسلام إلى بَشَر مثله لَبِث في السجن بِضْع سنين .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : عَثَر يوسف عليه السلام حين قال : ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ، فَلَبِث في السجن بِضع سِنين ، وأنْسَاه الشيطان ذِكْر رَبِّـه . رواه ابن جرير في تفسيره .
وقال ابن عباس أيضا : عُوقِب يوسف بِطُول الحبس بِضع سنين لَمَّا قال للذي نجا منهما " اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ" ، ولو ذَكَر يُوسف رَبه لَخَلَّصَه .

فَكُلَّمَا كان اعتماد القلْب على الله أقوى ، كان حُسْن ظنِّ العبد بِربّه أعظم ؛ وكُلّما كان ذلك كذلك كان أسْرع إلى نَيْل المطلوب وتحقيق المقصود .

وقد تكفّل الله عَزّ وَجَلّ بِكفاية مَن توكَّل عليه ، فقال : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) .
قال الفضيل : والله لو يَئستَ مِنَ الْخَلْق حتَّى لا تُريد منهم شيئا ، لأعطاك مَولاك كُلَّ ما تُريد .
قال ابن رجب : ومِن لطائف أسْرار اقْتران الفَرَج بالكَرب واليُسر بِالعُسر : أنَّ الكربَ إذا اشْتدَّ وعَظُمَ وتَنَاهى ، وحَصل للعبد الإياس مِن كَشفه مِن جهة المخلوقين ، وتَعَلَّق قَلبُه بالله وحده - وهذا هو حقيقةُ التوكُّل على الله - وهو مِن أعظم الأسباب التي تُطلَبُ بها الحوائجُ ، فإنَّ الله يَكْفي مَن توكَّل عليه . اهـ .

6 / رمضان / 1431 هـ
منــــــــــــــــقول

الخميس، 15 نوفمبر 2012

تحريم التصوير


تحريم التصوير

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
 وبعد:
فمن المنكرات التي انتشرت بين الناس، وابتلي بها كثير من المسلمين التصوير، وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحاح والمسانيد والسنن دالة على تحريم تصوير كل ذي روح، آدميًا كان أو غيره، وهتك الستور التي فيها الصور، والأمر بطمس الصور، ولعن المصورين، وبيان أنهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة، ففي الصحيحين من حديث أبي زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة دارًا بالمدينة فرأى أعلاها مصورًا يصور، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله - عز وجل - ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، ليخلفوا ذرة"[1].

وفيهما عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون"[2].

وفي الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم"[3].

وفي الصحيحين من حديث القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنه - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية، قالت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله، ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما بال هذه النمرقة؟ فقالت اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم. وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة"[4].

 وفي صحيح مسلم من حديث علي - رضي الله عنه -: أنه قال لأبي الهياج الأسدي: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ألا تدع تمثالًا إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته، ولا صورة إلا طمستها"[5].

قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
وهذه الأحاديث وما في معناها دلالة ظاهرة على تحريم التصوير لكل ذي روح، وأن ذلك من كبائر الذنوب المتوعد عليها بالنار، وهي لأنواع التصوير، سواء كان للصورة ظل أم لا، وسواء كان التصوير في حائط أو ستر أو قميص أو قرطاس أو غير ذلك؛ لأن النبيصلى الله عليه وسلم لم يفرق بين ما له ظل ولا غيره، ولا بين ما جعل في ستر أو غيره، بل لعن المصور وأخبر أن المصورين أشد الناس عذابًا يوم القيامة، وأن كل مصور في النار، وأطلق ذلك، ولم يستثن شيئًا، قال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7].

وقال سبحانه: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63][6].

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:

ولا يجوز للمسلم أن يقتني الصور في بيته، ولا يحتفظ بها، إلا الصور الضرورية التي يحتاجها، كصورة حفيظة النفوس، وجواز السفر، وإثبات الشخصية، فهذه أصبحت ضرورية، وهي لا تتخذ من باب محبة التصوير، وإنما تتخذ للضرورة والحاجة، أما ما عدا ذلك من الصور فلا يجوز الاحتفاظ بها للذكريات، ولا الاطلاع عليها، وما أشبه ذلك، ويجب على الإنسان أن يتلف الصور، وأن يخلي بيته منها مهما أمكنه ذلك، وإذا كان في منزله صور معلقة على الحيطان، أو منصوبة، سواء كانت تماثيل أو كانت رسومًا على أوراق من صور ذوات الأرواح، كالبهائم والطيور والآدميين، وكل ما فيه روح، فإنه يجب إزالته، فقد غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما رأى سترًا وضعته عائشة على الجدار فيه تصاوير. اهـ[7].

وقال الشيخ ناصر الدين الألباني وهو يرد على من فرق بين التصوير الشمسي والتصوير باليد: وقريب من هذا تفريق بعضهم بين الرسم باليد، وبين التصوير الشمسي بزعم أنه ليس من عمل الإنسان!

وليس من عمله فيه إلا إمساك الظل فقط، كذا زعموا، أما ذلك الجهد الجبار الذي صرفه المخترع لهذه الآلة حتى استطاع أن يصور في لحظة ما لا يستطيعه بدونها في ساعات فليس من عمل الإنسان عند هؤلاء!

وكذلك توجيه المصور للآلة وتسديدها نحو الهدف المراد تصويره، وقبيل ذلك تركيب ما يسمونه بالفلم، ثم بعد ذلك تحميضه، وغير ذلك مما لا أعرفه، فهذا أيضًا ليس من عمل الإنسان عند أولئك أيضًا![8]

سئل الشيخ ابن عيثمين - رحمه الله - عن عرض الصور الكبيرة والصغيرة في المحلات التجارية وهي صور إما لممثلين عالميين أو أناس مشهورين وذلك للتعريف بنوع أو أصناف من البضائع كالعطورات وغيرها.

وقال السائل: عند إنكارنا على أصحاب المحلات يجيبون بأنهم اطلعوا على فتوى لفضيلتكم بأن التصوير المجسم هو الحرام وغير ذلك فلا؟
فأجاب - رحمه الله -:
من نسب إلينا أن المحرم من الصور هو المجسم وأن غير ذلك غير حرام فقد كذب علينا ونحن نرى أنه لا يجوز لبس ما فيه صورة سواء كان من لباس الصغار أو من لباس الكبار وأنه لا يجوز اقتناء الصور للذكرى أو غيرها إلا ما دعت الضرورة أو الحاجة إليه مثل التابعية والرخصة والله الموفق[9].

وسئلت اللجنة الدائمة عن التصوير الذي تستخدم فيه كاميرا الفيديو هل يقع حكمه تحت التصوير الفوتوغرافي؟
فأجابت:
نعم حكم التصوير بالفيديو حكم التصوير الفوتوغرافي بالمنع والتحريم لعموم الأدلة[10].
ومن مفاسد الصور:
أولًا:
فيها مضاهاة لخلق الله، وادعاء المشاركة لله في خلقه، الذي اختص به، فإنه هو الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى والصفات العلى.
 ثانيًا:
إن التصوير وسيلة من وسائل الشرك، فأول ما حدث الشرك في الأرض كان بسبب التصوير، لما صور قوم نوح رجالًا صالحين ماتوا في عام واحد، فتأسفوا عليهم، فجاء الشيطان وألقى إليهم أن يصوروا تصاويرهم، وينصبوها على مجالسهم حتى يتذكروا بها العبادة، ففعلوا ذلك، ولما مات هذا الجيل جاء الشيطان إلى من بعدهم وقال: إن آباءكم ما نصبوا هذه الصور إلا ليستقوا بها المطر، وليعبدوها، فعبدوها من دون الله - عز وجل -، ومن ثم حدث الشرك في الأرض بسبب التصوير.
 ثالثًا:
أنه سبب في فساد الأخلاق، وذلك إذا صورت الفتيات في المجلات والصحف، والقنوات الفضائية، أو صورت للذكريات، أو ما أشبه ذلك، فإن هذا يجر إلى الافتتان بتلك الصور، وبالتالي يوقع في القلب المرض والشهوة، ولهذا اتخذ المفسدون التصوير مطية ووسيلة لإفساد الأخلاق بتصوير النساء في الأفلام والمجلات، والأدوات المنزلية، والدعايات، وغيرها[11].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/uvx85976.gif 
[1] البخاري برقم (٥٩٥٣)، ومسلم برقم (٢١١١).

[2] البخاري برقم (٥٩٥٠)، ومسلم برقم (٢١٠٩).

[3] البخاري برقم (٥٩٥١)، ومسلم برقم (٢١٠٨).

[4] البخاري برقم (٥٩٦١)، ومسلم برقم (٢١٠٧).

[5] برقم (٩٦٩).

[6] رسالة للشيخ بعنوان (الجواب المفيد في حكم التصوير) (ص ١٣).

[7] فتاوى الشيخ صالح الفوزان (2/193).

[8] آداب الزفاف (ص ١٩٢).

[9] فتاوى كبار العلماء في التصوير للشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري (ص ١٢٤).

[10] (1/المجموعة الثانية) (ص ٢٨٨).

[11] انظر: فتاوى الشيخ صالح الفوزان (2/192-193)





منــــــقول
كتبه د/ أمين بن عبد الله الشقــاوي

الأحد، 11 نوفمبر 2012

آداب وأحكام المطر والرعد والبرق والريح والبَرَدَ








 
 آداب وأحكام المطر والرعد والبرق والريح والبَرَدَ

كتبه / عيسى بن حسن الذياب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد :
فإن هطول الأمطار رحمة من والله وبركة على خلقه ، وإن إنزال المطر من الله يعلمنا العطاء لمن أساء إليك ، فأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى كما أحيا الأرض بوابل خيره ومطره ورزقه أن يحي قلوبنا بالإيمان .
ففي فصل الشتاء يكثر هطول الإمطار وسماع الرعد ورؤية والبرق ولربما نزل الَبَرَد وهبت الرياح , وهناك آداب وأحكام كثيرة تتعلق بالمطر والرعد والبرق والبَرَدَ والريح , يجهلها البعض ويتغافل عنها البعض الآخر , وسوؤرد بإذن الله بعض هذه الآداب والأحكام المتعلقة بهذا , منها :
الدعاء [ لطلب ] نزول المطر :
قال أنس رضي الله عنه : دخل رجل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فقال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا فرفع رسول الله يديه ثم قال :" اللهم أغثنا اللهم أغثنا " . (1)
أو أي دعاء فيه طلب نزول المطر .
عند رؤية الغيم والسحاب :
*عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه فقالت يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهة فقال ( يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب , عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا ) أخرجه أبوداود وصححه الشيخ الألباني كما في الأدب المفرد ح (251-189) وسنن أبي داود ح (5098) .
الدعاء والذكر [ حال ] نزول المطر :
روى الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم : صلى صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال ( هل تدرون ماذا قال ربكم) قالوا الله ورسوله أعلم قال: ( قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) . (2)
روى الإمام البخاري عن عائشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال ( اللهم صيبا نافعا ) . (3)
( اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق ) (4) , فكل ذلك صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أو أي دعاء وذكر فيه شكر الله على نزول المطر .
الدعاء إذا [ اشتد نزول المطر ] وخشي من الضرر :
في الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ... الآية لأنها تناسب الحال ) . (5)
هل الدعاء عند نزول المطر مستجاب .؟
[هذه مسألة اختلف فيها أهل العلم وسبب خلافهم في ذلك اختلافهم في الأحاديث الواردة في ذلك فبعض أهل العلم يصححها والبعض يضعفها .. فمن يصححها يعمل بها ومن يضعفها لا يعمل بها]
عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث) أخرجه الشافعي في الأم في آخر الاستسقاء وهو مرسل أو معضل لأن مكحول لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم , وصحح هذا الحديث الشيخ الألباني كما في صحيح الجامع ح ( 1026) .
قال الشافعي ( حفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة ) .
وله شاهد عن عطاء ابن أبي رباح قال ( تفتح السماء عند ثلاث خلال فتحروا فيهن الدعاء ........) فذكر مثل مرسل مكحول أخرجه سعيد بن منصور في سننه وهو مقطوع جيد لكن له حكم المرسل لأن مثله لا يقال بالرأي (من كتاب الأذكار للنووي (71) الحاشية ) .
وجاء عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن عند التقاء الصفوف في سبيل الله وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة) قال محقق كتاب الأذكار ( حديث غريب أخرجه البيهقي في المعرفة وأشار إليه في السنن وإلى ضعفه بعفير بن معدان أحد رواته شامي ضعيف ) وضعفه الشيخ الألباني كما في ضعيف الجامع ح ( 2465 ) قال ضعيف جداً .**
وله شاهد من حديث ابن عمر قال قال صلى الله عليه وسلم : ( تفتح أبواب السماء لخمس ........) فذكر نحوه وسنده ضعيف أيضا ( محقق الأذكار ) .
قال البيهقي : وقد روينا في حديث موصول عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدعاء لا يرد عند النداء وعند البأس وتحت المطر ) لكن في سنده مجهول ( محقق الأذكار ) .
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ح ( 1469 ) ( لكن الحديث له شاهد من حديث سهل بن سعد وابن عمر وأبي أمامة وهي وإن كانت مفرداتها ضعيفة إلا أنها إذا ظمت إلى هذا المرسل أخذ بها قوة وارتقى إلى مرتبة الحسن إن شاء الله ) .
[ كشف الرأس ] عند نزول المطر :
روى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه قال أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا ؟ قال ( لأنه حديث عهد بربه ) . (6)
هذا الحديث من أدلة أهل السنة والجماعة في ( إثبات العلو لله ) العلو فوق خلقه مستوي على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى .
قوس قزح :
جاء حديث في النهي عن قول ( قوس قزح ) عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوع ( لا تقولوا قوس قزح فإن قزح من شيطان ولكن قولوا قوس الله عز وجل فهو أمان لأهل الأرض من الغرق ) أخرجه أبو نعيم في ( الحلية ) والخطيب في ( تاريخه ) وابن الجوزي في ( الموضوعات ) الشيخ الألباني يرجح وقف هذا الحديث .
فعلى هذا .. لا ينهى عن قول قوس قزح لأن حديث النهي ضعيف هذا مفاد الذي فهمته من كلام الشيخ الألباني السلسلة الضعيفة ح (872 ) ، (لكن الأفضل والأكمل أن يقال قوس الله بدل من قول قوس قزح) .
جاء عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال : ( إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق ) أخرجه العقيلي في الضعفاء والطبراني في الكبير قال الحافظ ابن كثير في البداية ( 1/ 38 ) إسناده صحيح , قال الألباني: ( وفيه عندي نظر لأن في سنده عارماً أبا النعمان واسمه محمد بن الفضل وكان تغير بل اختلط في آخر عمره ) السلسلة الضعيفة (872)وقال الشيخ ( وإذا ثبت أن الحديث موقوف فالظاهر انه من الإسرائيليات التي تلقاها بعض الصحابة عن أهل الكتاب ) السلسلة الضعيفة (782 ) .
إذا سُمع الرعد :
جاء عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع الرعد والصواعق قال : ( اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك ) أخرجه الترمذي واحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم وصححه الشيخ أحمد شاكر (8/98 ) ح ( 5763 ) والحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ( 4/ 286 ) وابن الجزري في تصحيح المصابيح حيث قال ( إسناد جيد وله طرق) والحافظ ابن حجر انظر الفتوحات الربانية والشيخ عبد القادر الأرنؤوط في تخريج الأذكار , وممن ضعف هذا الحديث النووي في الأذكار ( 262) والألباني في السلسلة الضعيفة (3/ 146) ح(10422) وفي الأدب المفرد ( 67) ح (721) .
جاء عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال ( سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ) رواه الإمام مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد والبيهقي وابن أبي شيبة وسنده صحيح موقوف كما قاله الإمام النووي في الأذكار ( 262 ) وصححه الشيخ الألباني كما في الأدب المفرد ( 723) وكما في صحيح الكلم الطيب ( 157 ).
جاء عن طاوس الإمام التابعي الجليل رحمه الله أنه كان يقول إذا سمع الرعد ( سبحان من سبحت له ) أخرجه الشافعي في الأم والبيهقي وسنده صحيح كما قال النووي في الأذكار ( 263 ) .

حقيقة الرعد :
عن ابن عباس رضي الله عنه كان إذا سمع صوت الرعد قال ( سبحان الذي سبحت له ، قال إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الشيخ الألباني في الأدب المفرد (722) (559 ) .
وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الرعد ملك من الملائكة موكل بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب والصوت الذي يسمع منه زجره السحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمره) أخرجه الإمام أحمد (1/274) والترمذي وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (5/123) و الطبراني في الكبير ح (12429) انظر السلسلة الصحيحة (4/492 ) وصحح هذا الحديث الشيخ أحمد شاكر في المسند (4/161) ح(2483 ) والشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (4/492 ) وصحيح الجامع ح( 3553) .
عن ابن عباس رضي الله عنه ( الرعد ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله ) رواه الترمذي وصححه , وحسنه الألباني كما في صحيح الجامع المجلد(1)ح( 3553) .
[حديث ضعيف] عن عطاء عن جابر رضي الله عنه أن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرعد فقال: ( هو ملك بيده مخراق إذا رفع برق وإذا زجر رعد وإذا ضرب صعق ) أخرجه الطبراني في الأوسط وضعفه الشيخ الألباني كما في السلسلة الضعيفة المجلد ( 1 )ح ( 292 ) وقال عنه باطل .**
الدعاء إذا رؤى البرق :
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء .
لكن لو ذكر الله على عظمة الله وبديع خلقه (إن شاء الله ليس فيها بأس).
الصلاة [ في الرٍحال ] بسبب شدة المطر :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ينادي مناديه في الليلة المطيرة أو الليلة الباردة ذات الريح صلوا في رحالكم ) أخرجه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه (1/302) .
عن عمر بن قوس يقول أنبأنا رجل من ثقيف أنه سمع منادي النبي صلى الله عليه وسلم يعني في ليلة مطيرة في السفر يقول ( حي على الصلاة حي على الفلاح صلوا في رحالكم ) أخرجه النسائي وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي ح ( 653 ) .
هذا إذا كان المطر شديد ويشق على الإنسان الذهاب للمسجد للصلاة ( فيصلي في بيته ) .
[ الغرق ] بسبب المطر :
عن جابر بن عتيك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله : المطعون شهيد والغرق شهيد وصاحب ذات الجنب شهيد والمبطون شهيد والحرق شهيد والذي يموت تحت الهدم شهيد والمرأة تموت بجمع ) أخرجه أبو داود وابن ماجه وصححه الشيخ الألباني كما في سنن أبي داود ح(3111) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم ( ما تقولون في الشهيد فيكم قالوا: القتل في سبيل الله قال: إن شهداء أمتي إذن لقليل من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد والمبطون شهيد والمطعون شهيد والغرق شهيد ) أخرجه ابن ماجه وصحح الشيخ الألباني كما في صحيح ابن ماجه ح (2804) .
طين الشوارع **:
يكثر في فصل الشتاء الوحل والطين بسبب المطر .. وقد يُصيب الثوب منه فهل هذا الطين طاهر.؟
ج/ هو طاهر ولا يجب غسل ما أصاب الثوب من هذا الطين ( فالأصل الطهارة ) , لكن لو غسله لكمال الزينة كان أفضل .
وجاء عن عدة من التابعين ( أنهم كانوا يخوضون الماء والطين في المطر ثم يدخلون المسجد فيصلون) أخرجه عبد الرزاق .
حكم سب المطر :
البعض قد يتأذى من المطر .. فقد يُبلل ملابسه وقد يَتسبب بحصول حادث وقد يمرض البعض وقد .....وقد ..... فالبعض قد يؤدي به إلى سب المطر ، وسب المطر محرمٌ لا يجوز ، لأن الذي أنزل المطر هو الله فمن سب المطر هو في الحقيقة يسب الذي أنزله وهو الله تعالى .
نزول [ البَرَدَ ] :
يقول الله تعالى ( الم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يولف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَدَ فيصيب بها من يشاء ويصرفه عمن يشاء ......) سورة النور .
فأصل البَرَدَ جبال ينشئها الله في السماء جبال من بَرَدَ فيصيب بها من يشاء ويصرفه عمن يشاء كما هي نص الآية .
(معلومة خاطئة ) عن البَرَدَ : أنهم يقولون أن البَرَدَ أصله ماء نزل من السماء وأثناء نزوله تجمد حتى أصبح ماء متجمد بَرَدَ , هذا الكلام باطل تكذبه الآية , أن أصله جبال في السماء من بَرَدَ .
حكم أكل [ البَرَدَ ] :
- [جائز ولا إشكال في ذلك فهو طاهر] لكن الذي أريد أن أقوله هل أكل البرد يفطر الصائم إن أكله.؟
ج/ معلوم انه يفطر الصائم لأنه أكل والأكل يفطر الصائم .. لكن أوردة هذه المسألة لأنه قد ورد عن بعض الصحابة أنه كان يأكل البرد وهو صائم ، وهذا الفعل اجتهاد منه رضي الله عنه ولا يصح اجتهاده رضي الله عنه .
عن أنس رضي الله عنه قال ( مطرنا بَرَدَاً وأبو طلحة صائم فجعل يأكل منه قيل له أتأكل وأنت صائم فقال إنما هذا بركة) ورواه البزار (1022) موقوفا , قال البزار لا نعلم هذا الفعل إلا عن أبي طلحة رضي الله عنه . ورواه عبد الله بن احمد في زوائد المسند ( 3/ 115) وسند هذا الحديث صحيح كما قال ابن حزم في إحكام الأحكام (6/83) والشيخ الألباني كما في السلسلة الضعيفة (1/154).
قال ابن حزم في المحلى ( 6/255-258) ( ومن الشواذ أن أبا طلحة رضي الله عنه كان يأكل البرد وهو صائم ويقول: ليس بطعام ولا شراب ) .
قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة ( هذا الحديث الموقوف من الأدلة على بطلان حديث (أصحابي كالنجوم بأيهم اهتديتم اقتديتم ) إذا لو صح هذا لكان الذي يأكل البَرَدَ في رمضان لا يفطر اقتداء بأبي طلحة رضي الله عنه وهذا مما لا يقوله مسلم اليوم ) .
الوضوء من [ ماء المطر ] :
جائز لأن ماء المطر طاهر كما قال الله تعالى ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) .
فهو طاهر في نفسه مطهر لغيره كما قال الإمام البغوي رحمه الله تعالى كما في معالم التنزيل ( 6/ 87)
إذا هاجت الريح وتحريم سبها :
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به ). (7)
عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تسبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح وصححه الشيخ الألباني كما في السلسلة الصحيحة .
( كان إذا اشتدت الريح قال اللهم لقحا لا عقيما ) صححه الشيخ الألباني كما في السلسلة الصحيحة المجلد (5) ح (2058 ) وحسنه في صحيح الجامع (4670)**
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( لا تلعنوا الريح فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه ) رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني كما في السلسلة الصحيحة المجلد (2 ) ح (528 ) .
أما حديث ( اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا ) فهذا الحديث قال عنه الشيخ الألباني (ضعيف جداً ) فعن ابن عباس رضي الله عنه قال ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال ( اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا ) قال ابن عباس رضي الله عنه في كتاب الله تعالى ( إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا ) و( أرسلنا عليهم الريح العقيم ) ( وأرسلنا الرياح لواقح) و ( أن يرسل الرياح مبشرات ) . رواه الشافعي والبيهقي في الدعوات الكبير . السلسلة الضعيفة المجلد ( 9 )ح ( 4217 ) .
تنبيه:
- أطلب من الأخوة الزملاء القراء من يجد ملاحظة أو تصويب أو استدراك أو زيادة أن يراسلني على الأميل وله مني جزيل الشكر والتقدير والاحترام.

منـــــــــــــــــــــــــــــقول
طـــريــق الســلف


كتبه
عيسى بن حسن الذياب
إمام جامع الأندلس
المملكة العربية السعودية
الدمام 9/10/1426هـ


(1)
رواه مسلم » المسند الصحيح»كِتَاب صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ»بَاب الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ » رقم الحديث: 1499
(2) رواه البخاري »الجامع الصحيح » كِتَاب الْمَغَازِي»بَاب غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ » رقم الحديث: 3859
(3)
رواه البخاري »الجامع الصحيح» كِتَاب الْجُمُعَةِ » أَبْوَابُ الِاسْتِسْقَاءِ » باب مَا يُقَالُ إِذَا مَطَرَتْ » رقم الحديث: 980
(4) اللهمّ سقيارحمةٍ، ولا سقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ، اللهمَّ على الظرابِ ومنابتِ الشجرِ ، اللهم حوالينا ولا علينا
المحدثالألباني - المصدر:تمام المنة - الصفحة أو الرقم:
266 خلاصة حكم المحدث:
الدعاء الأول غير صحيح، وأما ما بعده فهو في الصحيحين .
(5)
رواه البخاري »الجامع الصحيح»كِتَاب الْأَدَبِ »باب التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ » رقم الحديث: 5657
(6) رواه مسلم » المسند الصحيح»كِتَاب صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ» بَاب الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ » رقم الحديث: 1500
(7)
رواه مسلم - المسند الصحيح - حديث رقم 899

الجمعة، 9 نوفمبر 2012

اضمنوا لي ستاً أضمن لكم الجنة


اضمنوا لي ستاً أضمن لكم الجنة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على إمام المرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد :

فإن من المعروف لدى الجميع أن لغة الضمان تجد في أوساط الناس اهتماماً بالغاً وعناية كبيرة في بيعهم وشرائهم وعموم تجارتهم، فليست السلع المضمونة، والبضائع التي عليها ضمانات، في المكانة لدى الناس، كالسلع التي ليس عليها ضمان، وهذا يؤكد شدة اهتمام الناس بالشيء المضمون، أكثر من غيره مما ليس كذلك على تفاوت كبير فيها من حيث مصداقيتها، ولهذا يشتد اهتمام الناس بهذا الأمر أكثر، إذا كان صاحب الضمان معروفا بالصدق ،متحلياً بالوفاء والأمانة، وكانت الأمور التي ينال بها الضمان أموراً يسيرة سهلة، لا تلحق الناس شططاً، ولا تكلفهم عنتاً.
فكيف إذا كان الضامن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وكيف إذا كان المضمون جنة عرضها السماء والأرض ، فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وكيف إذا كانت الأمور التي ينال بها هذا الضمان أمور سهلة وأعمالا يسيرةً لا تتطلب جهداً عظيماً ولا كبير مشقة .

فتأملوا _ رعاكم الله _ نص هذا الضمان العظيم : روى الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وغيرهم عن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال « اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم »
انظر السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله رقم ( 1470) .

إنه ضمان بضمان ووفاء بوفاء

«
اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة »
ستاً من الأعمال ما أيسرها ، وأموراً من أ بواب الخير ما أخفها وأسهلها ، من قام بها في حياته ، وحافظ عليها إلي مماته ، فالجنة له مضمونة ، وسبيله إليها مؤكدة مأمونة
{
وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ * من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد } [ ق : 31-35 ]


فأما الخصلة الأولى· من هذه الخصال فهي :
الصدق في الحديث ،
فالمؤمن صادق في حديثه ، لا يعرف الكذب إليه سبيلا ، ولا يزال محافظا على الصدق في حياته إلي أن يفضي به صدقه إلي الجنة ، وفي الحديث « عليكم بالصدق ، فإن الصدق في يهدي إلي البر، والبر يهدي إلي الجنة ، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ». رواه مسلم .


وأما الخصلة الثانية فهي·
الوفاء بالوعد والالتزام بالعهد ،
وهي سمة من سمات المؤمنين ، وعلامة من علامات المتقين ، فهم لا يعرفون خلفاً في الوعود ولا نقضاً للعهود , والوفاء صفة أساسية في بنية المجتمع المسلم , حيث تشمل سائر المعاملات , فالمعاملات كلها والعلاقات الاجتماعية والوعود والعهود تتوقف على الوفاء , فإذا أنعدم الوفاء انعدمت الثقة وساء التعامل وساد التنافر .


وأما الخصلة· الثالثة فهي
أداء الأمانة ,
وهي من أعظم الصفات الخلقية التي مدح الله أهلها وأثنى على القائمين بها , وهي من كمال إيمان المرء وحسن إسلامه , وبالأمانة يحفظ الدين والأعراض والأموال والأجسام والأرواح والعلوم وغير ذلك ,
وفي الحديث « المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم » رواه أحمد . وإذا سادت الأمانة في المجتمع عظم تماسكه , وقوي ترابطه, وعم فيه الخير والبركة .


وأما الخصلة الرابعة· فهي
حفظ الفروج ,
أي : من أن تفعل الحرام أو تقع في الباطل { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين , فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } [المؤمنون : 5-7 ] . وفي حفظ الفروج حفظ للنسل , ومحافظة على الأنساب , وطهارة للمجتمع , وسلامة من الآفات والأمراض .


الخصلة· الخامسة من هذه الخصال العظيمة هي
غض البصر
أي من النظر إلي الحرام , والله يقول
{
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن } الآية [ النور : 30 ,31 ] .
وغض البصر فوائده عظيمة , فهو يورث العبد حلاوة الإيمان ونور الفؤاد ,وقوة القلب , وزكاء النفس وصلاحها , وفيه وقاية من التطلع للحرام والتشوف للباطل .


وأما الخصلة السادسة فهي·
كف الأيدي ,
أي عن إيذاء الناس أو الاعتداء عليهم أو التعرض لهم بسوء , والمؤذي لعباد الله يمقته الله ويمقته الناس وينبذه المجتمع , وهو دليل علي سوء الأخلاق وانحطاط الآداب , وإذا كف الإنسان أذاه عن الناس دل ذلك على نبيل أخلاقه وكريم آدابه وطيب معاملته , وحظي بعظيم موعود الله في ذلك , فكيف إذا سما خلق الإنسان وعظم أدبه ولم يكتف بذلك , حتى أماط الأذى عن سبيل المؤمنين وجادتهم , روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مر رجل بغصن شجرة على ظهر الطريق فقال: والله لأنحيّن هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة » رواه مسلم .
فهذه أبواب الجنة مشرعة , ومنارتها ظاهرة , وسبيلها ميسرة , فلنغتنم ذلك قبل الفوات ولنستكثر لأنفسنا من الخير قبل الممات .أعاننا الله جميعاً على القيام بذلك, ووفقنا لكل الخير , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
 
موقع الشيخ / عبد الرزاق البدر