السبت، 31 ديسمبر 2011

أتخاف من ذُبــان ؟

http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/ARg64719.gif

أتخـاف من ذُبّـان ؟

قال ابن القيم رحمه الله:

واصْدَع بما قال الرسول ولا تَخَف = مِنقِلّة الأنصار والأعوان

فالله ناصر دِينه وكتابه = والله كافٍعبده بأمَان

لا تَخْشَ مِن كَيد العدو ومَكرهم = فقتالهم بالكذب والبهتان

فجنود أتباع الرسول ملائك = وجنودهم فعساكر الشيطان

لا تَخْش كثرتهم فهم هَمَج الورى =وذُبَابه ، أتَخَاف مِن ذُبَّان ؟


وقال شاعر الصحوة:

أبعد هذا نَهَاب الظالمين وهم = أذلّ مَنْزِلة مِن حِلس حـمّـار ؟



وقول الله أصدق وأبلغ : (أَليْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
* وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ ) ؟


ورأس الكفر وأساسه إبليس ، ومع ذلك قالالله عز وجل :
( فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) .

ولَمّا ذَكَر الله خُلَفَاء إبليس ونوّابه في الأرض مِن أئمة الكُفر قال
: ( أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْأَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَمَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ )
وقال تبارك وتعالى :
( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)

إن الخوف والجبن والْخَورمِن سِمات المنافقين
(يَحْسَبُونَ كُلَّصَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)

وهم أسرع الناس فِراراعند الشدائد
( وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّيَ قُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاّفِرَارًا* وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواالْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاّ يَسِيرًا)

الخوف والهلع يُخْرِس ألسنتهم ،
فإن ذهب الخوف وزال الرّوع رأيتهم أحدّ الناس ألسنة
!

( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاّ قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُأَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوافَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)

هذا هو شأن المنافقين
فما شأن المؤمنين ؟ لا يخشونإلاَّ الله ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ
وَلايَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا )

إن أُوعِدوا أو تُوُعِّدوا أيقَنوا أنه لا ينفع ولا يضر إلاَّ الله
( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)

بل إنهم لَمَّا خُوِّفُوا بغير الله لم يخافوا ، وإنما زادهم إيمانا وتسليما.
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّالنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْحَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُوفَضْلٍ عَظِيمٍ* إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)

إننا أمام حروب طاحنة ، وفِتن مُتلاطمة، لا نعلم ما الله صانع فينا وفيها
ولكن يجب أن لا تتزعزع ثقتنا بالله
ولا يحدث عندنا أدني شك أو ريب في أنالحافظ الله
وأن التوكّل هو : اعتماد القلب على الله، والثقة بما عنده سبحانه وتعالى ،
واليأس مما في أيدي الناس . كما قال ابن القيم.


إن الخوف منه ما هو محمود ومنه ما هومذموم


فخوف العبادة والتذلل والتعظيم والخضوع، وهو خوف السِّـرّ ،
لا يكون إلاَّ لله عز وجل.فإذا صُرِف هذا الخوف لأحَدٍ غير الله فقد
وقع صاحبه في الشرك بالله عز وجل ؛ لأنه عَدَل الخالق بالمخلوق ،
وخاف مِن المخلوق كما يخاف من الخالق ، وربما أشـدّ!
ومن هذا الباب الخوف من السّحرة أوالدجالين ،
أو الخوف مِن الجن بحيث يُقَرِّب لهم القرابين ،
أو يخاف أن يُوقعوا به مَكروها لم يُقدّره الله عز وجل.

ولذا قال عليه الصلاة والسلام في وصيته لابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما

: احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تُجاهك ، وإذا سألت فلتسأل الله ،
وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم ان الأمة لواجتمعوا على
أن ينفعوك لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على ان
يضروك لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك ،
رفعت الأقلام ، وجفت الصحف . (1) رواه الإمام أحمد والترمذي.

والخوف مِن الله يحمل صاحبه على مُراقبةالله عز وجل.
قال ابن القيم رحمه الله : الخوف المحمود الصادق ما حال بين صاحبه وبين
مَحَارِم الله عز وجل ، فإذا تجاوز ذلك خِيف منه اليأس والقنوط .
قال أبو عثمان :صِدْق الخوف هو الوَرع عن الآثام ظاهراًوباطنا.
قال ابن القيم : وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه
يقول : الخوف المحمود ما حَجَزَك عن محارم الله . اهـ.
فهذا الخوف عبادة.

ومن الخوف ما هو جِبلّي ، كَالْخَوف مِن العدوّ أو من وحشّ مُفْتَرس ونحو ذلك.
ومن هذا النوع خوف نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام حينما قال :
( وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ) ..
( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ)
( وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ
بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ* فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا
يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني أن أُحْرِق قُرَيشًا ، فقلت
: ربِّ إذًا يَثْلَغُوا رأسي فيدعوهخُبْزة !
قال : اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِك .رواه مسلم.(2)

وربما خرج هذا النوع بصاحبه إلى الخوفالْمُحَرّم ؛
كأن يحمله الخوف على ترك صلاة الجماعة وما شابه ذلك.
ولذا قال الله جل جلاله : ( قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّهَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)

فما دون الله عز وجل لا يملكون نفعا ولاضَرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.
( وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لايَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ
لأَنفُسِهِمْ ضَرًّاوَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا)

بل إن الله عز وجل ضرب مثلاً لِضَعْف مَن يُدْعَى مِن دون الله ، فقال
: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن
دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُواذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ
شَيْئًا لايَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ )

فتأمل هذا المثال يتبين لك ضعف الكفّار اليوم وإن بلغوا
شأنا في الحضارة المادية .
أتستطيع دول الحضارةمُجتمعة أن تَخْلُق ذُبابا ؟

بل ما هو أقل وأحقر من ذلك ! أتستطيع تلك الدول مجتمعة
أن تستنقذ لُقمة أخذها الذباب ووَضَعها في فَمـه ؟لا ورب الكعبةلا تستطيع!

ووعد الله حق ، وقوله صدق ( وَعْدَاللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً )،
( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا )؟ وإنما ذكر الله عز وجل الذباب في هذا المثال
– والله أعلم - لِمَا يمتلكه مِنخاصية سُرعة تَحويل الطعام إلى
مادة أخرى عن طريق مادة في اللعاب.
أبعد هذا نخاف ممن هم أقلّ وأذلّ مِنالذّباب ؟؟؟
لا تخش كثرتهم فهم همج الورى = وذُبابه ، أتخـاف من ذُبـّان ؟


كتبه فضيلة الشيخ:

عبد الرحمن السحيم حفظه الله
http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/8KJ64719.gif



(1) حققه الألباني / صحيح الجامع / برقم:
7957 / صحيح.
(2) رواه مسلم / المسند الصحيح / برقم 2865/ صحيح.

الجمعة، 30 ديسمبر 2011

الابتسامة سنة نبوية ووسيلة دعوية .




الابتسامة سنة نبوية ووسيلة دعوية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فإن تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق من صوت اللسان وكأني بها تقول عن صاحبها: إني أحبك، إني سعيد ومسرور برؤيتك، فالوجه هوعنوان الداعية، والمرآة التي تعكس نفسيته وأعماقه ؛ فإن كان متجهما أوحى بالضيق والتجهم،وإن كان طلقا مبتسما أوحى بالبشر والخير.


والابتسامة هي انفراج أسارير عن انفعال اتصادقة داخل النفس؛ تحرك الوجدان وتشرق على الوجه كوهج البرق، حتى ليكاد الوجه يتحدث بنداء وهواتف تلتقطها القلوب فتنجذب الأرواح فتأتلف بسبب ذلك.


فالداعية لابد أن يتذوق طعم الابتسامة الصادقة، ويدرك أثرها العظيم، فكلما أخلص فيها النية حفرت في الصخر وأنبتت في الصحراء،وأظهرت خير أمة أخرجت للناس، وكانت من صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يقول أصحاب السير: أنه كان بسـّام المحيا، كيف لا يكون وهو القائل: (تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ) (1) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

وهذه صدقة لا تكلفك دينارًا ولا درهمًا،وكنز لو عرفت كيفية استخدامه، لأسرت القلوب، ولفتحت النفوس ثم سكبت من دواء الدعوة الراشدة والإيمان ما غيرت به وجه الكون.

وعن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال:(غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان معنا أناس من الأعراب فكنا نبتدر الماءوكان الأعراب يسبقونا إليه فسبق أعرابي أصحابه فيسبق الأعرابي فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه،قال: فأتى رجل من الأنصار أعرابياً فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه فانتزع قباض الماء فرفع الأعرابي خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشجه فأتى عبد الله بن أبي رأسالمنافقين فأخبره وكان من أصحابه فغضب عبدالله بن أبي ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ينفضوامن حوله -يعني الأعراب- وكانوا يحضرون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الطعام ؛ فقال عبد الله: إذا انفضوا من عند محمد فأتوا محمدا للطعام فليأكل هو ومن عنده ثم قال لأصحابه: لئن رجعنا إلى المدينة فليخرج الأعز منكم الأذل. قال زيد: وأنا ردف رسول الله-صلي الله عليه وسلم- فسمعت عبد الله بن أبي فأخبرت عمي فانطلق فأخبر رسول الله -صلىالله عليه وسلم- فأرسل إليه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فحلف وجحد فصدقه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وكذبني،قال: فجاء عمي إلي فقال: ما أردت إلي أن مقتك رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وكذبك والمسلمون، قال: فوقع علي من الهم ما لم يقع على أحد فبينا أنا أسير مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفره قد خفقت برأسي من الهم إذ أتاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعرك أذني وضحك في وجهي فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا ثم إن أبا بكر لحقني فقال: ما قال لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلت:ما قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا غير أنه عرك أذني وضحك في وجهي فقال:أبشر ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكرفلما أصبحنا قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سورة المنافقين) (2) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

ومما ثبت أيضا في استحباب البشاشة وطلاقةالوجه عند اللقاء ما رواه جابر بن سليم الْهُجَيْمِىُّ -رضي الله عنه- قال: قلت: (يَارَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَعَلِّمْنَا شَيْئاً يَنْفَعُنَ االلَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ. قَالَ: لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَأَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْبَسِطٌ ... ) (3)
رواه أحمد، وصححه الألباني.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مُنْبَسِطٌ)أي: منطلق بالسرور والانشراح، قال حبيب بن ثابت:"من حسن خلق الرجل أن يحدث صاحبه وهو مقبل عليه بوجهه".

قال الإمام الغزالي -رحمه الله-:
"فيه-أي هذا الحديث- رد على كل عالم أو عابد عبس وجهه، وقطب جبينه كأنه مستقذر للناس، أوغضبان عليهم، أو منزه عنهم، ولا يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتى تقطب،ولافي الخد حتى يصعر، ولا في الظهر حتى ينحني، ولا في الرقبة حتى تطاطأ، ولا في الذيلحتى يضم، إنما الورع في القلب.أما الذي تلقاه ببشر ويلقاك بعبوس؛ يمُنعليك بعلمه؛ فلا أكثر الله في المسلمين مثله، ولو كان الله يرضى بذلك ما قال لنبيه-صلى الله عليه وسلم-: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(الشعراء:215)".

ورغم كل هذه المعاني والأهمية للابتسامة ؛فإن هناك ناس لا يبتسمون أبدا، ولا تنفرج أساريرهم وهم يلقون غيرهم من الناس... إنهم شريرون أو في نفوسهم مرض،وينابيع الخير مغلقة في نفوسهم وعليها الأقفال!!

والبعض يظن أن في التبسم إنزال من مكانته،ونقص من هيبته أمام الآخرين، إن أمثال هؤلاء المرضى واهمون أشد الوهم بذلك؛ ينفرونأكثر مما هم يقربون، وخسارتهم أكبر من ربحهم، واسمع لهذا الحديث الشريف؛ فعن جرير بنعبد الله -رضي الله عنه- قال: (مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلاَ رَآنِي إِلاَّ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي) (4) متفق عليه.

والداعية عليه أن يتعود طلاقة الوجه ولوأن يدرِّب نفسه على ذلك، وأن يعوِّد نفسهالابتسام كائناً ما كانت ظروفه ضاغطة أليمة.

إن نجاح الداعية يكمن في قدرته على تكييف نفسه، وأن تكون له القوامة عليها وليس العكس، وأن تكون لديه القدرة على التحكم بنفسه حيال الظروف التي يمر بها، وأن يعطي لكل مقام مقالاً.

أعرف بعض الدعاة يخرجون على الناس والابتسامة تعلو محياهم وقد دفنوا في الأعماقهموماً ومشاكل لا يعلم مداها إلا الله.وأيضا قد قال -صلى الله عليه وسلم-:(إِنَّكُمْ لا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ ) (5)
رواه أبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان، وقال الألباني: حسن لغيره، فالتجهم والعبوس يقيم الحواجز بينك وبين الآخرين؛ ولذلك عليك أن تتعلم كيف تسيطر على أفكارك ومشاعرك؛ليكون عبوسك حينئذٍ مقصودا ومتحكما فيه، ويؤدي رسالة محددة في وقتها المناسب.
وليس المقصود بطلاقة الوجه جماله أو حسنت قاسيمه... فقد يكون الوجه جميلا،وليس فيه أثر من الطلاقة، وقد يكون قبيحا ويفيض أنسا وبشرا.

فما عليك إلا أن تبتسم... ولا تحسب أننيأعني بالابتسامة مجرد علامة ترتسم على الشفتين لا روح فيها ولا إخلاص، كلا!! فهذه لاتنطلي على أحد، وإنما أتكلم عن الابتسامة الحقيقية التي تأتي من أعماق نفسك، تلك الابتسامةهي التي تنفذ إلى قلوب الآخرين.

يقول الشيخ العثيمين -رحمه الله-
"وإلى جانب وقاره -الداعي- فينبغي أن يكون واسع الصدر، منبسط الوجه، لين الجانب،يألف الناس ويألفونه؛ حتى لا ينفضوا من حوله فكم من سعة صدر وبساطة وجه ولين أدخلت في دين الله أفواجا من الناس".

إن من خصائص هذه الوسيلة الدعوية أنها مدخل رئيسي وطبيعي لكسب الآخرين وبداية العلاقة معهم ،كما أنها علاقة قبول للشخص المقابل.أضف إلى ذلك أنها تعطي انطباعا عند الآخرباحترامك له، وتشجيعه على فتح باب الحديث معك، بل وفتح قلبه لك أيضا، وكسر الحاجز الذي بينك وبينه.

منــــــــــــقول
كتبه/ أحمد السيد
(1) رواه الترمذي /حققه الألباني /صحيح الترغيب والترهيب / كتاب الأدب وغيره /
الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغيرذلك / حديث رقم 2685/صحيح.

(2) رواه الترمذي/ حققه الألباني / صحيحالترمذي برقم: 3313 / إسناده صحيح .

(3) رواه ابن حبان /حققه الألباني /صحيح الترغيب والترهيب / كتاب الأدب وغيره /
الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغيرذلك / حديث رقم 2687/صحيح.

(4) رواه ابن ماجة / حققه الألباني /صحيح ابن ماجة / حديث رقم 130 /صحيح .

(5) رواه أبو يعلى والبزار / حققهالألباني / صحيح الترغيب والترهيب / كتاب الأدب وغيره
/ الترغيب في الخلق الحسن وفضلهوالترهيب من الخلق السيء/ حديث رقم 2661/ حسن .


الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

أنا آسف يا شيخ ياسر .

أنا آسف يا شيخ ياسر

كتبه / خالد الشافعي

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد

فقد دعاني بعض الإخوة الأفاضل من حزب النور ببلقاس لإلقاء كلمة بمؤتمر الحزب الحاشد بمدينة بلقاس ، وعلمت أن الشيخ ياسر برهامي سيكون حاضراً في هذا اللقاء فسررت بذلك أيما سرور ، وصلت إلى المؤتمر متأخراً لازدحام الطريق ، وحين جلست في مقعدي كان الشيخ قد بدأ في كلمته ، فلما انتهى الشيخ من الكلمة اصطحبه بعض الأفاضل إلى طعام الغداء ، فتركت المنصة وأسرعت خلف الشيخ ، مع العلم أن الشيخ لا يعرف شكلي ، وكل ما جرى بيني وبينه في السابق مكالمة هاتفية منه ، شكرني فيها على مقال الرد الدامي .

دخلنا إلى بيت صاحب دعوة الطعام ، فلما جلس الشيخ اقتربت منه وقلت له : خالد الشافعي ، فتبسم ابتسامة مجاملة ، فقلت له : الرد الدامي ، فإني أقسم بالله أن الشيخ صرخ : أنت ؟ ، أنت خالد الشافعي ؟ فقلت له نعم ، فوالله لقد انتفض الشيخ واقفاً ، وهو يردد ، أين أنت ؟ أنا أبحث عنك ، جزاك الله خيراً ، جزاك الله خيراً على النشيد ، لعله يكفيك ، ثم أراد أن يقبل رأسي فكاد أن يغمى على ( والله هكذا) ثم اعتنقني عناقاً حاراً ، ما عانقنيه أحد قبله ولا حتى أبى حفظه الله ، كان عناقاً عجيباً باغتني ، ضمني الشيخ إلى صدره ، كأنه يعلم ما أشعر به من تجاهل وما يعتريني من وساوس وشطحات ، وكأنه يعتذر عنه رغم أنه لم يكن منه ، كان عناقاً مؤثراً ولحظات مؤثرة .

وضعت رأسي على كتف الشيخ وبكيت بكاءً لم أبك مثله في حياتى ، بكيت تأثراً برحمة الشيخ وأخلاقه ، وبكيت ندماً على سوء ظني ، وسوء أدبي ، وبكيت على تقصيري في حق نفسي ، وحق هؤلاء ، بكيت خجلاً من ( سلفية التحرير ) ومن كثير من البوستات المتهافتة ، وعلمت أن البعد جفا ، وفهمت لما رفع الله ذكر هؤلاء ، الرجل يرتدي قميصًا بسيطًا وغطاء رأس عادى ، وشبشب متواضع ، وينتفض مرحباً برجل نكرة لمجرد أنه كتب عنه مقالًا منذ عام .

بكيت على كتف الشيخ على من يسودون شاشات الفيس بوك بنقد هؤلاء المجاهدين ، ولم يكن بكائي بالطبع على مبدأ المخالفة ، إنما على الأسلوب وعلى التطاول وعلى سوء الأدب مع من لهم سابقة ، مع من كانوا يعذبون في المعتقلات لسنوات بينما كان هؤلاء الطلبة لم يبلغوا الحلم بعد ، والأسوأ أن هؤلاء العلماء هم من فتح الله بهم قلوب هذا الشباب الذي أحسبه طلب الحق لكنه أساء الأدب ، ليس عيبًا أن نختلف مع هؤلاء الكبار لكن العيب أن نسيء التعبير عن الاختلاف ، أو ألا نحفظ المقامات ، أو نسفه اختياراتهم ونطعن في قدراتهم ، وأقبح من كل ذلك أن يكون المسوغ الوحيد لنا في كل هذا أننا نمتلك حاسوباً متصلاً بالشبكة العنكبوتية ، وربما قرأ بعضنا بعض الكتب .

أخذني الشيخ من يدي إلى مائدة الطعام وبثثت إليه ما أجد ، وعرضت عليه بعض الأفكار والرجل يحتفي بي وينصت بكل جوارحه ويأكل أكل البسطاء ، ويتحدث بعفوية عجيبة ، بينما هو واحد من أهم الشخصيات في العالم الآن .

وبالمناسبة طلب منى الشيخ تعديلاً في نشيد ( يا مصر صباحك نور ) تدرون ما هو ؟ قال لي : نريد أن نغير كلمة : والله لوجه الله !! لماذا ؟ لأن فيها تزكية للنفس ؟ والله حري بهذا أن ينصر ، حتى لو لم يكن يعرف ذرة في السياسة ، يكفيه أنه يعرف ربه ، وربه يعرفه . وبالمناسبة أيضاً ، وردًا على الإخوة الذين يدعون عن إقصاء الشيخ المقدم ، أقول أن الشيخ لما عرضت عليه بعض الأفكار حول المقالات والملف الإعلامي ، قال لي أن هذا الملف مع الشيخ المقدم وأنه سيكلمه لذلك ويحيلني عليه .

قام الشيخ لينصرف لأن عنده مؤتمرًا في زفتى ثم يعود بعدها لمؤتمر في المنصورة ثم يعود بعدها إلى الإسكندرية ، وهكذا يمضى قطار الإسكندرية العظيم ، لا يوقفه شيء ، ولا يرده شيء عن غايته ، ينشر النور والخير حيث حل .

ودعت الشيخ على وعد بلقاء ، ووجدتني أقول : أنا آسف يا شيخ ياسر ، أنا آسف لكل من دعا إلى الله حين كانت الغربة مميتة ، وكانت الصحراء قاحلة ، وكنت أنا ألعب الكرة ، وغاية أحلامي أن أشاهد نادى السينما ، ومباراة القمة .

كتبت هذا المقال لأتطهر به من سنة من التخبط ، والارتباك ، والبحث عن الطريق فإذا بي أكتشف أنني كنت عليه ، كتبت هذا المقال وأنا أعيش نفس المشاعر النبيلة التي كنت أكتب فيها : قطار الإسكندرية العظيم ، والرد الدامي ، وشيخ الحويني شكراً

كتبه :- خالد الشافعي

المصدر :

موقع أنا السلفي

الاثنين، 26 ديسمبر 2011

حكم تهنئة النصــارى بعيدهم.



حكـــــم تهنـــئة النصـــارى بعيــدهم



سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم تهنئة الكفار بعيد (الكريسمس)؟
وكيف نرد عليهم إذا هنئونا به؟
وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟
وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئًا مما ذكر بغير قصد وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجًا أو غير ذلك من الأسباب؟
وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟

فأجاب رحمه الله: تهنئة الكفار بعيد (الكريسمس) أو غير من أعيادهم الدينية حرم بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه (أحكام أهل الذمة) حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختص هبه فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثمًا عند الله وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبد بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه". انتهى كلامه رحمه الله.

وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حرامًا وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقرارًا لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو بهنئ بها غيره؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك، كما قال تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ}[الزمر: 7].
وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ} [المائدة: 3]، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.

وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى، لأنها أعياد مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق، وقال فيه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].

وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها.

وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة، أو تبادل الهدايا، أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم): "مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء". انتهى كلامه رحمه الله.

ومن فعل شيئًا من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددًا أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب، لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.

والله المسؤول أن يعز المسلمين بدينهم، ويرزقهم الثبات عليه وينصرهم على أعدائهم. إنه قوي عزيز.

انتهى كلامه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ج: 3، ص: 44-46)].


سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد:

السؤال: شاهدت الكثير من المسلمين يشاركون في احتفالات الكريسمس وبعض الاحتفالات الأخرى. فهل هناك أي دليل من القرآن والسنة يمكن أن أريه لهم يدل على أن هذه الممارسات غير شرعية؟

الجواب: الحمد لله، لا يجوز مشاركة الكفار في أعيادهم للأمور التالية:

أولًا: لأنه من التشبه و«من تشبه بقوم فهو منهم» [رواه أبو داود وقال عنه الألباني رحمه الله: حسن صحيح (صحيح أبي داود 2/761)]، (وهذا تهديد خطير)، قال عبد الله بن عمرو بن العاص: "من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجاناتهم وتشبه بهم حتى يموت خسر في يوم القيامة".

ثانيًا: أن المشاركة نوع من مودتهم ومحبتهم قال تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ ...} [المائدة: 51]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ ...} [الممتحنة: 1].

ثالثًا: إن العيد قضية دينية عقدية وليست عادات دنيوية كما دل عليه حديث: «إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا» [رواه البخاري]، وعيدهم يدل على عقيدة فاسدة شركية كفرية.

رابعًا: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ...} [الفرقان: 72]، الآية فسرها العلماء بأعياد المشركين، ولا يجوز إهداء أحدهم بطاقات الأعياد أو بيعها عليهم وجميع لوازم أعيادهم من الأنوار والأشجار والمأكولات، لا الديك الرومي ولا غيره، ولا الحلويات التي على هيئة العكاز أو غيرها.

منـــقول

مــــوقع وذكـــر


طلب الصدقات لبناء مسجد والإكثار من ذلك .

الســـؤال

نحن نقطن في بلدة صغيرة في فرنسا ، والبلدية أعطت للمسلمين قاعة صغيرة لأداء الصلاة , فصار المسئولون عن هذه القاعة من المسلمين يطلبون من الناس الصدقة لبناء مسجد حقيقي , فيذهبون للأسواق لطلب الصدقة ، وذلك كل يوم تقريبا ، وكل جمعة ، وفي التراويح .. يطلبون من المصلين أن يتصدقوا بالمال ، حتى إنهم يقولون : اشتر متر مربع لوالديك ، أو لنفسك ، أو لزوجتك ... يلحون في الطلب ، حتى قد يتصدق البعض رياء ...هل يجوز لهم أن يلحوا هكذا ، ويحرجوا المصلين في كل مرة ؟

الجواب :

الحمد لله

بناء المساجد والإعانة عليه من القربات العظيمة عند الله ، وهكذا المشاركة مع الغير في بناء هذه المساجد هو من التعاون المشروع على البر والتقوى .

وينظر جواب السؤال رقم : (146564) .

وإذا كان الأمر في بلاد الغرب ، أو غيرها من بلاد الكفار ، ازدادت أهمية المعاونة في ذلك ، لما يغلب هناك من حاجة المسلمين إليه ، وما فيه من تيسير أداء العبادة على المقيمين في هذه البلاد ، ترغيب الناس في شعائر الإسلام ، وكثيرا ما يسهم ذلك في دخول الكفار إلى الدين .

فينبغي للمسلمين هناك أن يتعاونوا على هذا الأمر؛ حتى يظهروا دينهم لغير المسلمين...ولا مانع من طلب الصدقات لبناء مسجد أو لغيرها من حاجات المسلمين، سواء كان في المسجد أو الأسواق أو في غير ذلك من مجتمعات الناس.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ تَصَدَّقُوا فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ...) رواه البخاري (.1462

على أنه ينبغي أن يكون طلب الصدقات من غير إحراج للآخرين، إو إلحاح عليهم في المسألة ، بل هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك أن يدعو الناس ويندبهم إليه ندبا عاما ، ويبين لهم فضل المشاركة فيه ، أو المسارعة إليه ، ثم تترك النفوس إلى ما وفقها الله إليه ، ولا بأس إن كان لأحد القائمين على ذلك ببعض الناس صلة أن يطلب منه طلبا خاصا ، لكن كما قلنا من غير استحياء له ، ولا إلحاف في مسالته ، أو مشقة عليه .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:

لنا صندوق خيري لصالح المسجد، ويوجد رجل مخصص لهذا الصندوق يدور به على صفوف المصلين قبل الصلاة، وخاصة يوم الجمعة، فما حكم هذا العمل، علماً بأن بعض المصلين يجد شيئاً من الحرج؟

فأجاب: هذا فيه نظر؛ لأن معناه سؤال للمصلين وقد يحرجهم ويؤذيهم بذلك، فكونه يطوف عليهم ليسألهم حتى يضعوا شيئاً من المال في هذا الصندوق لمصالح المسجد لو تَرك هذا يكون أحسن، وإلا فالأمر فيه واسع، لو قال الإمام: إن المسجد في حاجة إلى مساعدتكم وتعاونكم فلا بأس في ذلك؛ لأن هذا مشروع خيري، لكن كونه يطوف بالصندوق عليهم في صفوفهم قد يكون فيه بعض الأذى وبعض الإحراج ، فالذي أرى أن تركه أولى، ويكفي أن يُعلموا بهذا، أن الصندوق هذا لمصالح المسجد من شاء وضع فيه ومن شاء تركه، ولا يطوف به عليهم ولا يؤذيهم بذلك، هذا هو الأحوط والأقرب إلى السلامة.

http://www.binbaz.org.sa/mat/16368

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب